حذر أطباء وموظفو إغاثة من تزايد حالات الإصابة بالكبد الوبائي (أ) وتفشي الكوليرا في مخيمات النازحين في غزة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وتردي الأوضاع البيئية والصحية في ظل القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع، حسبما نشر تقرير لوكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، الخميس 27 يونيو/حزيران 2024.
ورصد تقرير الوكالة الأمريكية أوضاعاً معيشية وبيئية صعبة يعاني منها الفلسطينيون في مخيمات النازحين في غزة وسط المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي وأكوام القمامة المتزايدة.
وفي حرارة الصيف الخانقة، يقول الفلسطينيون إن الرائحة والقذارة المحيطة بهم هي مجرد حقيقة أخرى من حقائق الحرب التي لا مفر منها؛ مثل آلام الجوع أو أصوات القصف.
فقد بات الناس عاجزين عن التخلص من القمامة ومعالجة مياه الصرف الصحي وتوفير المياه النظيفة فعلياً بعد أن شنّت إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتفاقمت الظروف المعيشية القاتمة وزادت المخاطر الصحية التي تهدد مئات الآلاف من الأشخاص المحرومين من المأوى المناسب والغذاء والدواء، بحسب جماعات الإغاثة.
وتسعى الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة والمسؤولون المحليون جاهدين لبناء المراحيض وإصلاح خطوط المياه وإعادة محطات تحلية المياه إلى العمل.
شهادات صادمة
ونقلت أسوشيتدبرس عن عادل دلول (21 عاماً)، الذي استقرت عائلته في مخيم على الشاطئ بالقرب من مدينة النصيرات بوسط غزة، قوله: "الذباب موجود في طعامنا".
وأضاف دلول: "إذا حاولت النوم، فإن الذباب والحشرات والصراصير تحاصرك في كل مكان".
وقال سام روز، مدير وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين: "الرائحة الكريهة في غزة كافية لتجعلك تشعر بالغثيان على الفور".
وقال أنور الحركلي، الذي يعيش مع عائلته في مخيم في مدينة دير البلح وسط غزة، إنه لا يستطيع النوم خوفاً من العقارب والقوارض. وقال إنه لا يسمح لأطفاله بمغادرة خيمتهم، خوفاً من إصابتهم بالمرض بسبب انتشار التلوث والبعوض.
وأضاف الحركلي: "لا يمكننا تحمل رائحة الصرف الصحي. إنها تقتلنا".
انهيار الخدمات الأساسية
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 70% من محطات المياه والصرف الصحي في غزة قد دمرت أو تضررت بسبب القصف الإسرائيلي العنيف. ويشمل ذلك جميع مرافق معالجة مياه الصرف الصحي الخمس في القطاع، بالإضافة إلى محطات تحلية المياه ومحطات ضخ مياه الصرف الصحي والآبار والخزانات.
وقال المسؤولون إن الموظفين الذين كانوا يشرفون على إدارة شبكات المياه والنفايات البلدية قد تم تهجيرهم، وقتل بعضهم. فيما أسفرت غارة إسرائيلية على مدينة غزة هذا الشهر عن مقتل خمسة موظفين حكوميين كانوا يقومون بإصلاح آبار المياه.
وعلى الرغم من نقص الموظفين وتلف المعدات، فإن بعض محطات تحلية المياه ومضخات الصرف الصحي ما زالت تعمل، لكن نقص الوقود يعوقها، كما يقول عمال الإغاثة.
وخلص تقييم للأمم المتحدة لمخيمين في دير البلح في أوائل يونيو/حزيران إلى أن استهلاك الناس اليومي من المياه -بما في ذلك الشرب والغسيل والطهي- يبلغ في المتوسط أقل من 2 لتر، وهو أقل بكثير من المعدل الموصى به وهو 15 لتراً يومياً.
وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق إنها تنسق مع الأمم المتحدة لإصلاح مرافق الصرف الصحي ونظام المياه في غزة.
لكن الناس غالباً ما ينتظرون ساعات في الطابور للحصول على المياه الصالحة للشرب من شاحنات التوصيل، وينقلون إلى عائلاتهم كل ما يمكنهم حمله. وتعني الندرة أن الأسر غالباً ما تغتسل بالمياه القذرة.
مشكلة القمامة
ولا تقتصر معاناة النازحين على تفشي الأمراض وندرة المياه فحسب، حيث تمثل مشكلة تراكم القمامة إحدى المنغصات اليومية في القطاع.
ونقلت أسوشيتدبرس عن أبو شادي عفانة (62 عاماً) وصفه بينما كان يقف حافي القدمين في أحد شوارع مخيم النصيرات للاجئين، لأكوام القمامة بجانبه بـ"الشلال". وأضاف أن الشاحنات تواصل إلقاء القمامة على الرغم من أن العائلات تعيش في خيام قريبة.
عندما سيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة عازلة بطول كيلومتر واحد على طول حدوده مع غزة، أصبح من الصعب الوصول إلى مكبي النفايات الرئيسيين شرق مدينتي خان يونس ومدينة غزة.
وقال النازحون الفلسطينيون الذين يفرون من مناطقهم للاحتماء إنهم لم يكن لديهم خيار سوى نصب الخيام بالقرب من أكوام القمامة.
وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية التي حللتها وكالة أسوشيتد برس أن مكب النفايات غير الرسمي في خان يونس الذي نشأ بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 قد تضاعف طوله منذ يناير/كانون الثاني 2024.
ومنذ إخلاء مدينة رفح بعد الاجتياح الإسرائيلي في أوائل مايو/أيار الماضي، أقيمت مدينة من الخيام حول مكب النفايات، حيث يعيش الفلسطينيون بين أكوام القمامة.
فيما يخشى الأطباء في غزة من احتمال ظهور وباء الكوليرا في الأفق.
وقالت جوان بيري، وهي طبيبة تعمل في جنوب غزة مع منظمة أطباء بلا حدود: "إن ظروف الازدحام، ونقص المياه، والحرارة، وسوء الصرف الصحي هي عوامل محفزة لانتشار الكوليرا".
وأضافت أن معظم المرضى يعانون من أمراض أو التهابات ناجمة عن سوء الصرف الصحي. وتنتشر أمراض الجرب وأمراض الجهاز الهضمي والطفح الجلدي. وتقول منظمة الصحة العالمية إنه تم الإبلاغ عن أكثر من 485 ألف حالة إسهال منذ بداية الحرب.