أثارت مواقف وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، والتي حملت طابعاً هجومياً ضد دول أخرى تبنت مواقف مناهضة لتل أبيب، ردود فعل عكسية من العواصم الخارجية بل ودهشة البعض داخل إسرائيل نفسها، بحسب ما نشره موقع فايننشيال تايمز البريطانية، الأربعاء 29 مايو/أيار 2024.
فبدلاً من الاعتماد على الوسائل الدبلوماسية المعتادة، كان كاتس قد أثار غضب المسؤولين الإسبانيين بعدما نشر مقطع فيديو على حسابه في منصة إكس بعدما أعلنت مدريد عن قرارها بالاعتراف بدولة فلسطين رسمياً.
وقال مقطع الفيديو الذي وصفه وزير الخارجية الإسباني، مانويل ألباريس، بأنه "شائن ومثير للاشمئزاز": "حماس: شكراً إسبانيا". ويظهر فيه العلم الإسباني ثم رجل وامرأة يرقصان على أنغام موسيقى الفلامينكو.
كما يتخلل ذلك لقطات مصورة لمقاتلي حماس وأشخاص يفرون خلال هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتعليقاً على الفيديو، قال ألباريس في مؤتمر صحفي في بروكسل: "لن نقع في الاستفزازات.. الفيديو شائن ومثير للاشمئزاز".
كما أثار مقطع الفيديو انتقادات من زينة صباح، التي ظهرت في الفيديو وهي ترقص الفلامينكو، وهي من أصل فلسطيني.
وقالت صباح: "أريد أن يساعدني شخص في تقديم شكوى، لأن ما يفعلونه هو السخرية. يسخرون من إسبانيا، ويتهكمون على ما يحدث، ويسخرون من الدعم الذي تتلقاه فلسطين".
ولم يقتصر هجوم كاتس على إسبانيا فقط، حيث شملت ردود فعله الهجومية النرويج وأيرلندا اللتين أعلنتا أيضاً عن اعترافهما المتزامن بدولة فلسطين.
ونشر وزير الخارجية الإسرائيلي مقطع فيديو موجهاً إلى أيرلندا شمل لقطات لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول مصحوبة برسالة شكر من حماس لأيرلندا.
ووصف وزير المالية الأيرلندي مايكل ماكجراث الفيديو الأيرلندي بأنه "مقيت بشكل خاص".
وقالت فايننشيال تايمز إنه إلى جانب الوسائل الدبلوماسية التقليدية، مثل الإعلان عن لقاءات مع المسؤولين أو حشد الدعم لمرشحة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن، فغالباً ما يتضمن حساب وزير الخارجية الإسرائيلي على منصة إكس منشورات كاريكاتورية لمهاجمة منتقدي إسرائيل والسخرية منهم.
استياء غربي ودهشة إسرائيلية
وفي أوساط السلك الدبلوماسي في إسرائيل، قوبلت منشورات كاتس بمزيج من الحيرة والدهشة، بحسب فايننشيال تايمز. وقال أحد الدبلوماسيين: "لا أعتقد أن أي وزير خارجية آخر يفعل ما يفعله".
وعلق آخر بقوله: "إنه أمر غريب. ربما يعتقد أن هذه الطريقة تؤتي ثمارها… لكنها ليست فعالة. الناس ينظرون إليها على أنها عدوانية وهجومية، وليست وسيلة فعالة للتواصل".
كما أعرب مسؤولون أوروبيون عن استيائهم من الطريقة التي تعامل بها حتى كاتس مع الوسائل الدبلوماسية المعتادة.
فرداً على اعتراف إسبانيا والنرويج وأيرلندا بفلسطين، تم استدعاء سفراء هذه الدول إلى وزارة الخارجية لمشاهدة شريط فيديو لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول أمام وسائل الإعلام. ونشر كاتس أيضاً رسالة تقضي بمنع القنصلية الإسبانية في القدس من تقديم الخدمات للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
هذا الأمر دفع وزير الخارجية الأيرلندي ميشيل مارتن لانتقاد توبيخ سفير بلاده أمام وسائل الإعلام ووصفها بأنها "غير مقبولة على الإطلاق".
وبينما رفض المتحدث باسم كاتس التعليق على ما نشرته فايننشيال تايمز، قال أحد الأشخاص المطلعين على هذا النهج إنه فعال ويعكس حقيقة أن الأدوات التقليدية ليست كافية في زمن الحرب.
مآرب أخرى
ورأى دبلوماسيون ومحللون إن هذا النهج غير الدبلوماسي يعكس جزئياً وضع وزارة الخارجية الإسرائيلية. فكاتس ليس عضواً في حكومة الحرب الإسرائيلية المكونة من خمسة أعضاء، والوزارة بشكل عام بعيدة عن مركز السلطة في حكومات نتنياهو.
وقال دبلوماسي إسرائيلي: "إنها وسيلة بالنسبة له لإحداث الضجيج والظهور".
ورغم أن منشورات كاتس التي تهاجم منتقدي إسرائيل في دول مثل إسبانيا وتركيا غالباً ما يتم نشرها باللغتين العبرية واللغة التي يستهدفها، إلا أنها كانت مصممة أيضاً لاحداث تأثير محلي، كما يقول محللون.
ونقلت فايننشيال تايمز عن لويس فيشمان، الأستاذ المشارك في كلية بروكلين في نيويورك والمتخصص في الشؤون التركية والإسرائيلية، قوله إن هذا النهج الوقح يمكن أن يساعد كاتس في حقبة ما بعد نتنياهو، أو داخل الحكومة.
وقال نمرود جورين، زميل بارز للشؤون الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن منشورات كاتس تعكس أيضاً غضباً أوسع نطاقًا في إسرائيل من موقف المجتمع الدولي تجاه البلاد والشعور بأنه "بغض النظر عما تفعله إسرائيل، فإن المجتمع الدولي سيعارضها".