كشف تحقيق أجرته صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، ونشرته الخميس 23 مايو/أيار 2024، عن "تذمر حاد" يسود بين جنود الاحتياط بجيش الاحتلال الإسرائيلي جراء طول مدة الخدمة، بعد مضي 230 يوماً على حرب غزة.
والتقت الصحيفة ضمن تحقيقها العديد من جنود الاحتياط المشاركين في الحرب على غزة، والذين اشتكوا من طول فترة الخدمة، والعمل لساعات طويلة خلال اليوم، والتمييز بين الجنود في تحمل الأعباء.
هؤلاء الجنود حذروا من أن ذلك يمثل "استنزافاً لهم"، لافتين إلى أنه تسبب كذلك بمشكلات نفسية وزوجية وأخرى طالت حياتهم العملية.
مع الحرب على غزة، يواجه الجيش الإسرائيلي نقصاً حاداً في الرافد البشري؛ ما أدى إلى تصاعد حراك الشارع والمعارضة الداعي إلى تجنيد اليهود المتدينين "الحريديم" للمشاركة في تحمل أعباء الحرب.
فيما قُتل خلال الحرب على غزة 634 عسكرياً إسرائيلياً وأُصيب 3573 آخرون، حسب أحدث البيانات المنشورة على موقع الجيش، الذي يواجه اتهامات محلية بإخفاء حصيلة أكبر بكثير لقتلاه وجرحاه.
وتعمل في غزة حالياً 10 ألوية، وهو أكبر عدد من الألوية منذ بداية العام الجاري، حسب ما أفادت به إذاعة الجيش الإسرائيلي الأربعاء.
طول مدة الخدمة
الصحيفة أشارت في تحقيقها، إلى أن أبرز مشكلة يعاني منها جنود الاحتياط هي "طول مدة الخدمة وعدم المساواة في تحمل العبء".
كما قالت: "في حين يبقى بعض الجنود في خدمة الاحتياط على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، يحصل آخرون على خدمة أكثر راحةً ورواتب مجزية في أعمال مدنية".
كذلك، نقلت الصحيفة عن ضابط الاحتياط بسلاح المدرعات "طال"، قوله: "أواجه الآن مشكلة في العودة إلى العمل، لقد نسيت الأشخاص الذين أعمل معهم"، لافتاً إلى أنه يخدم في الجيش منذ أكثر من 7 أشهر الآن.
كما أضاف طال: "الأمر يزداد سوءاً، كثير من الجنود يريدون العودة إلى حياتهم"، وتابع: "لدي أصدقاء من سرايا أخرى (في الجيش) خاضوا الحرب في غزة، وقرروا عدم العودة إلى القتال أو إلى خدمة الاحتياط".
بينما حذر نوعام، وهو جندي احتياط آخر يخدم في غزة حالياً، من أن طول مدة الخدمة "تسبب بمشكلات شخصية ونفسية لكثير من جنود الاحتياط".
ولفت الجندي إلى أن طول مدة الخدمة "دفعت بعض الجنود إلى الهرب"، واصفاً ما يحدث للجنود بأنه "استنزاف جنوني".
وكشف نوعام، في هذا الصدد، أن الفرقة التي يخدم فيها "لم تعد مؤهلة لأداء مهمتها بسبب الاستنزاف الكبير الذي تعرضت له".
وأضاف: "بعض الجنود لديهم مشكلات مع زوجاتهم، وآخرون لديهم مشكلات في العمل".
صدع بالشارع الإسرائيلي
إلى جانب ذلك، لفتت صحيفة "كالكاليست" إلى أن "التعبئة" التي أجراها الجيش بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول "كانت هائلة، لكن عدم تحقيق أهداف الحرب أحدث صدعاً غير مسبوق بين الإسرائيليين، يرافقه شعور بأن القيادة السياسية الحالية تدير الحرب وفق مصالحها الخاصة".
ثم أردفت: "طول مدة الخدمة في الجيش كان له انعكاسات سلبية على الاقتصاد الإسرائيلي؛ إذ قدرت وزارة المالية تكلفة أيام الاحتياط في الحرب بنحو 20 مليار شيكل (5.44 مليارات دولار)، لكن التكلفة ارتفعت بعد 7 أشهر إلى 30 مليار شيكل (8.17 مليار دولار)، ولا تزال الحرب مستمرة".
وأضافت: "في محاولة لمواجهة هذه التبعات الاقتصادية والنفسية، يعتزم الجيش الإسرائيلي نقل بعض المهمات من القوات الاحتياطية إلى النظامية، ويتردد أيضاً أن الجيش يعتزم تقليص استخدام الأمر 8 (تجنيد فوري لجنود الاحتياط) لصالح أوامر الاحتياط المعتادة".
فيما قدر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب أنه تم في بداية الحرب تجنيد 300 ألف من جنود الاحتياط للمشاركة في الحرب.
لا أهداف تحققت من الحرب
والأربعاء 22 مايو/أيار 2024، أقر رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي بعدم تحقيق الجيش لأي من أهداف الحرب في قطاع غزة.
فقد صرح هنغبي خلال اجتماع للجنة الأمن والخارجية بالكنيست (البرلمان): "لم نحقق أياً من الأهداف الاستراتيجية للحرب؛ حيث لم نتوصل إلى صفقة لإعادة المختطفين (الأسرى الإسرائيليين بغزة) ولم نُسقط (حركة) حماس ولم نسمح لسكان غلاف غزة (المستوطنين) بالعودة إلى منازلهم بأمان".
ثم تابع: "يقول الجيش الإسرائيلي إن الأمر (تحقيق أهداف الحرب) سيستغرق وقتاً طويلاً جداً، ليس سنة واحدة، بل سنوات".
يشار إلى أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة، خلفت نحو 116 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم العدد الهائل من الضحايا المدنيين، ورغم اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية".