كشفت شبكة "CNN" الأمريكية، الأربعاء 22 مايو/أيار 2024، أن اتفاق صفقة التبادل ووقف إطلاق النار الذي أعلنت حركة حماس موافقتها عليه مطلع مايو/أيار، قد شهد تغييرات أضافتها المخابرات المصرية "بهدوء" دون علم تل أبيب وأطراف الوساطة الآخرين، الدوحة وواشنطن.
حيث نقلت الشبكة عن 3 مصادر مطلعة على المحادثات لم تعلن هوياتهم، أن المخابرات المصرية غيرت شروط اقتراح وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه إسرائيل بالفعل في وقت سابق من هذا الشهر، مما أدى في النهاية إلى إحباط صفقة التبادل، وتحديد مسار لإنهاء القتال مؤقتاً في غزة.
وقالت المصادر إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنته حماس في 6 مايو/أيار لم يكن ما يعتقد القطريون أو الأمريكيون أنه تم تقديمه إلى حماس لمراجعته.
وأدت التغييرات التي أجرتها المخابرات المصرية، والتي لم يتم الكشف عن تفاصيلها من قبل، إلى موجة من الغضب والاتهامات المتبادلة بين المسؤولين من الولايات المتحدة وقطر وإسرائيل، وتركت محادثات وقف إطلاق النار في طريق مسدود.
فيما قال أحد تلك المصادر لشبكة CNN: "لقد تم خداعنا جميعاً".
بحسب المصدر نفسه، فإن مدير وكالة المخابرات المركزية، بيل بيرنز، الذي قاد الجهود الأمريكية للتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار، كان غاضباً ومحرجاً عندما وصلته أنباء مفادها أن المصريين غيروا شروط الاتفاق.
وقال المصدر إن بيرنز ذي الكلام اللطيف والأسلوب المعتدل "كاد ينفجر من الغضب العارم".
ماذا حصل بالضبط؟
وقالت المصادر الثلاثة المطلعة على الأمر إن مسؤولاً كبيراً في المخابرات المصرية يدعى أحمد عبد الخالق كان مسؤولاً عن إجراء التغييرات. وعبد الخالق هو النائب الأول لرئيس المخابرات المصرية عباس كامل.
حيث قال المصدر الأول: "كانت جميع الأطراف تفترض أن المصريين قدموا نفس الوثيقة" التي وقعت عليها إسرائيل وكان الوسطاء الآخرون، الولايات المتحدة وقطر، على علم بها.
وبدلاً من ذلك، قال المصدر الثاني، إن المصريين سعوا إلى طمس الخطوط الفاصلة بين الإطار الأصلي ورد فعل حماس.
بحسب المصادر الثلاثة، فقد كانت الصفقة قريبة في متناول اليد؛ إذ إن المزيد من مطالب حماس تم إدراجها في الإطار الأصلي الذي وافقت عليه إسرائيل.
وثيقة لحماس حصلت عليها شبكة CNN تحدد نسخة الإطار الذي اتفقوا عليه والذي يتضمن تحقيق وقف دائم لإطلاق النار و"الهدوء المستدام" الذي سيتم التوصل إليه في المرحلة الثانية من الصفقة المكونة من ثلاث مراحل، فيما كانت إسرائيل تعارض الموافقة على مناقشة إنهاء الحرب قبل هزيمة حماس وإطلاق سراح الرهائن المتبقين من الأسر.
والآن، بعد ثلاثة أسابيع، ومع تعثر محادثات وقف إطلاق النار، يثير المشاركون تساؤلات حول دوافع مصر، التي عملت لسنوات كوسيط رئيسي بين إسرائيل وحماس، وخاصة أعضاء حماس داخل غزة.
قطر لم تكن تعلم
وبعد اكتشاف السلوك المصري المستقل، أبلغ رئيس الوزراء القطري، وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني إسرائيل بأن مصر تصرفت بمفردها، حسبما قال اثنان من المصادر.
وقد عمل الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ومدير وكالة المخابرات الأمريكية بيرنز على محاولة إنقاذ الاقتراح وإعادة توازنه بإضافة العناصر التي كانوا يعلمون أن إسرائيل ستوافق عليها.
فيما قال مسؤول كبير في إدارة بايدن: "هذا غير منطقي"، عن سبب محاولة المخابرات المصرية دفع شيء ما دون الموافقة الأساسية من الآخرين.
وقال أحد المصادر إنه بعد عودة المصريين من إسرائيل وتشاورهم مع حماس، أصبح من الواضح أن الحركة لن توافق على ما وافقت عليه إسرائيل، ولذلك قام المسؤول المصري بتغييرات كبيرة لإقناع حماس بالموافقة.
وفي اليوم السابق لإعلان حماس العلني في 6 مايو/أيار عن موافقتها على الاقتراح، قال مصدر مصري لشبكة CNN إن مصر تلقت رد حماس وأرسلته إلى الجانب الإسرائيلي.
وقال المصدر: "تم طرح عدة بدائل وسيناريوهات لتجاوز نقطة الخلاف الأساسية المتعلقة بإنهاء الحرب".
وربما كانت لغة الاتفاق بشأن إنهاء الحرب هي القضية الأكثر إثارة للجدل طوال المفاوضات، لكن نتنياهو قال إن ما أعادته حماس "كان بعيداً جداً عن المطالب الأساسية لإسرائيل".
وعاد المفاوضون، ومن بينهم بيرنز، إلى القاهرة لإجراء جولة أخرى من المحادثات غير المباشرة مع حماس، ووافقت إسرائيل على إرسال فريق، كما فعلت قطر، لكن لم يرسل أي منهما مسؤولين كباراً، في إشارة إلى أنه على الرغم من التفاؤل السابق، فإن الاتفاق لن يكون وشيكاً كما كان مأمولاً.
وبعد يومين من رد حماس في 6 مايو/أيار، عاد بيرنز إلى واشنطن، وقالت مصادر لشبكة "سي إن إن" إن المحادثات "توقفت مؤقتاً".
وقال المصدر الثاني المطلع على المفاوضات إنه إذا استؤنفت المحادثات، فمن المتوقع أن يلعب القطريون دوراً أكبر في الجولة المقبلة.
ومن المتوقع أن تركز المناقشات على إطار عمل واسع يشمل مرحلة أولية يتم فيها إطلاق سراح ما يصل إلى 33 أسيراً إسرائيلياً على مدى 6 أسابيع على الأقل وتضغط حماس من أجل إدراج جثث الرهائن القتلى في عملية الإفراج الأولية، كما تتدفق المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية دون انقطاع وكلاهما موقفان ترفضهما إسرائيل.
واتهم منتقدو نتنياهو، بما في ذلك عائلات الرهائن الإسرائيليين، نتنياهو بأنه مهتم بمهاجمة حماس في غزة أكثر من اهتمامه بإعادة مواطنيه.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة، المتواصلة للشهر الثامن على التوالي، أكثر من 115 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.