تباينت ردود الأفعال الدولية، الإثنين 20 مايو/أيار 2024، بشأن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه يوآف غالانت، إلى جانب ثلاثة من قيادات حركة حماس، فيما عبرت الولايات المتحدة عن إدانتها للقرار، في مواقف منحازة للاحتلال.
في أول تعليق له عن الطلب، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين "أمر شائن".
كما أضاف بايدن في بيان: "دعوني أكُن واضحاً: أياً كان ما يعنيه هذا المدعي العام، لا يوجد أي تكافؤ على الإطلاق بين (موقفي) إسرائيل و(حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية) حماس".
من جهتها، انتقدت بريطانيا الطلب، وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني سوناك، قال إن أوامر الاعتقال المطلوب إصدارها في الجنائية الدولية ليست مفيدة ولن تساعد في تحقيق وقف في القتال.
وأضاف المتحدث، في إشارة إلى القرار الذي اتخذه المدعي العام للمحكمة: "هذا الإجراء لا يساعد فيما يتعلق بوقف القتال أو إخراج الرهائن أو إدخال المساعدات الإنسانية".
فيما أكد وزير الدفاع البريطاني، فرانت شابس، أن "طلب مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت لن يؤثر على استمرار تصدير أسلحتنا إلى إسرائيل"، وأضاف قائلاً: "ندعم إسرائيل كدولة بغض النظر عن الأفراد".
في سياق الانحياز للاحتلال، هاجم رئيس وزراء التشيك بيتر فيالا، طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وقال إن إصدار مذكرة اعتقال بحق ممثلي حكومة منتخبة ديمقراطياً مع قادة منظمة إرهابية إسلامية أمر مروع وغير مقبول على الإطلاق".
وزعم فيالا أنه "يجب ألا ننسى أن حماس هي التي هاجمت إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول وقتلت وأصابت وخطفت الآلاف من الأبرياء. هذا الهجوم الإرهابي غير المبرر على الإطلاق هو الذي أدى إلى الحرب الحالية في غزة ومعاناة المدنيين في غزة وإسرائيل ولبنان".
وفي ألمانيا، قالت وزارة الخارجية إنها تحترم المحكمة الجنائية الدولية لكنها زعمت أن " الطلبات المتزامنة لإصدار أوامر اعتقال لقادة من إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) أوجدت انطباعا زائفا بتكافؤ موقف (الطرفين)".
بلجيكا ترحب بالقرار
في الجهة المقابلة، قالت وزيرة الخارجية البلجيكية حجة لحبيب، الإثنين، إن طلب مدعي عام الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين عن جرائم الحرب في فلسطين "خطوة مهمة للتحقيق في الوضع".
وأضافت لحبيب في بيان نشرته على منصة إكس، أن "مكافحة الإفلات من العقاب أينما وقعت الجرائم هي أولوية بالنسبة لبلجيكا"، معربة عن دعم بلادها عمل المحكمة الجنائية الدولية.
كما شددت على "ضرورة محاكمة المسؤولين عن الجرائم في غزة على أعلى المستويات، بغض النظر عن مرتكبيها".
وزيرة الخارجية البلجيكية اعتبرت أن طلب المدعي العام للجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين من إسرائيل وحركة حماس "خطوة مهمة" للتحقيق في الوضع بفلسطين.
"لا أحد فوق القانون"
في غضون ذلك، قال رئيس جزر المالديف محمد مويزو، إنه لا توجد دولة فوق القانون الدولي، وشدد على ضرورة "محاسبة من يرتكبون جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
جاء ذلك في معرض ترحيب مويزو بطلب مدعي عام الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
في منشور عبر إكس، وصف رئيس المالديف طلب كريم خان بإصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت بأنها "خطوة مهمة في السعي لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني".
كما أضاف: "لا توجد دولة فوق القانون الدولي، ويجب محاسبة من يرتكبون جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وقال مويزو: "باعتبارنا دولة طرف في نظام روما الأساسي، فإننا واثقون أن مكتب المدعي العام قد جمع ما يكفي من الأدلة لإثبات أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة".
واختتم حديثه بالقول: "سنستكشف كافة السبل لدعم الشعب الفلسطيني على الساحة الدولية".
قيادات الاحتلال غاضبة
وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، زعم أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال لرئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين أمر "فاضح".
وقال في تغريدة على حسابه على "إكس": "أعتزم التحدث لوزراء خارجية الدول الرائدة في جميع أنحاء العالم لحثهم على معارضة قرار المدعي العام والإعلان أنه حتى لو صدرت أوامر الاعتقال، فإنهم لا يعتزمون تنفيذها ضد الزعماء الإسرائيليين".
من جهته، زعم بيني غانتس الوزير بحكومة الحرب الإسرائيلية، قائلاً: "عقد مقارنات بين قادة دولة ديمقراطية مصممة على الدفاع عن نفسها في مواجهة الإرهاب الخسيس وبين قادة منظمة إرهابية متعطشة للدماء (حماس) هو إمعان في تشويه العدالة وإفلاس أخلاقي صارخ".
أما وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، فقد علق على القرار قائلاً: "سعي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت" استعراض للنفاق وكراهية اليهود.
كما أضاف: "مذكرات اعتقال بحقهما هي مذكرات اعتقال بحقنا جميعاً".
"مساواة الضحية بالجلاد"
من جهتها، ردت حركة حماس في بيان رسمي، على القرار قائلة إن "مذكرات التوقيف والاعتقال بحقّ قادة الاحتلال المذكورين جاءت متأخرة سبعة أشهر، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي خلالها آلاف الجرائم بحقّ المدنيين الفلسطينيين من الأطفال والنساء والأطباء والصحفيين، وتدمير الممتلكات الخاصة والعامَّة والمساجد والكنائس والمستشفيات".
وأضافت الحركة أنه "كان يتوجَّب على المدّعي العام إصدار أوامر توقيف واعتقال ضدّ كافة المسؤولين من قادة الاحتلال الذين أعطوا الأوامر، والجنود الذين شاركوا في ارتكاب الجرائم طبقاً للمواد 25 و27 و28 من نظام روما الأساسي، التي أكّدت على المسؤولية الجنائية الفردية لكلّ مسؤول أو قائد أو أيّ شخص أمر، أو حثّ، أو ارتكب، أو ساعد، أو قام بتقديم العون على ارتكاب الجرائم، أو لم يتخذ الإجراءات لمنع ارتكاب الجرائم".
واستنكرت حماس "بشدَّة محاولات المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مساواة الضحيَّة بالجلاد عبر إصداره أوامر توقيف بحقّ عدد من قادة المقاومة الفلسطينية، دون أساس قانوني، مخالفاً بذلك المواثيق والقرارات الأممية التي أعطت الشعب الفلسطيني وكافة شعوب العالم الواقعة تحت الاحتلال الحقّ في مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال بما فيها المقاومة المسلحة، خاصَّة ميثاق الأمم المتحدة حسب ما نصَّت عليه المادة (51)".
مطالبةً في النهاية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "بإصدار أوامر توقيف واعتقال بحق كافة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال والضبَّاط والجنود الذين شاركوا في الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، كما تطالب بإلغاء كافة مذكرات التوقيف التي صدرت بحقّ قادة المقاومة الفلسطينية، لمخالفتها المواثيق والقرارات الأممية".
قرار الجنائية الدولية
في وقت سابق اليوم، أعلن مدعي عام الجنائية الدولية كريم خان، في بيان، أنهم يسعون لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت و3 من قيادات حركة حماس بتهم ارتكاب "جرائم حرب".
وتضمّنت الجرائم الإسرائيلية "تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب باعتباره جريمة حرب" و"التسبب عمداً في معاناة شديدة أو إلحاق أضرار جسيمة بالجسم أو الصحة" و"القتل العمد" و"توجيه الهجمات عمداً ضد السكان المدنيين باعتبارها جريمة حرب"، "و"الإبادة و/أو القتل"، حسب البيان نفسه.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تشن إسرائيل حرباً على غزة، خلّفت نحو 115 ألفاً بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
وزاد إغلاق معابر القطاع من معاناة سكانه، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني، أجبرت الحرب الإسرائيلية حوالي مليونين منهم على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد في إمدادات الماء والغذاء والدواء.