شراء أضحية العيد بثمن مناسب، وكما يقول المغاربة "تعمر العين" بات أمراً صعباً، إذ تواصل أسعار الأضاحي ارتفاعها في الأسواق وسط القرى، والتي لم تفتح أبوابها بعد داخل المدن، الأمر الذي يشكل ضغطاً مضاعفاً على الأسر.
أسعار ترتفع كل يوم
في الأسواق القروية، التي غالباً ما تكون وجهة للأسر المغربية لشراء أضحية العيد، وذلك لوفرة العرض، لا يقل سعر أصغر خروف عن 2500 درهم، فيما بلغ الخروف الفوق العادي 14 ألف درهم.
وحسب تجار المواشي، بلغت الأسعار زيادة مقارنة مع السنة الماضية ما بين 1000 و1500 درهم، فيما بلغ ثمن "الحولية" أنثى الخروف 2000 درهم بعدما لم يكن يتجاوز ثمنها و1500 درهم.
ويعزو "الكسابة" أو مربو المواشي السبب الأساسي وراء ارتفاع الأسعار هذه السنة إلى الارتفاع المتواصل الذي شهدته أسعار الأعلاف وتوالي سنوات الجفاف، الأمر الذي زاد من تأزم الوضع.
واعتبروا أن ما يروج حول الأثمنة الخيالية للخروف "مبالغ فيه"، موضحين أنه بإمكان جميع المغاربة أن يشتروا الأضحية المناسبة لهم، وحسب قدرتهم، بداية من أنثى الخروف مروراً بالماعز إلى "الصردي" الذي يعد من أجود أنواع الخرفان.
في حين، يتوقع محمد جبلي، رئيس الفيدرالية المغربية للفاعلين في قطاع المواشي أن تستمر الأسعار في الارتفاع، لأن الطلب يفوق العرض، ومع ارتفاع أثمان العلف بكل أنواعه.
وأضاف جبلي في حديثه لـ"عربي بوست" أنه بالرغم من الاستيراد، ستبقى الأسعار مرتفعة، لأن أسعار الأضاحي المقرر استيرادها من الخارج، عرفت بدورها ارتفاعاً مقارنة بالسنة الماضية.
ثلاثة ملايين رأس محلية
أفاد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بالمغرب، محمد صديقي، بأن عدد رؤوس الأغنام والماعز المعدة للذبح خلال عيد الأضحى يبلغ 3 ملايين رأس، والتي جرى ترقيمها ابتداء من 8 مارس/آذار 2024.
من أجل توفير أضاحي العيد لهذه السنة بالمغرب، سطرت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، برنامجاً للاستعداد لعيد الأضحى انطلق منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
ويضم البرنامج عدداً من الإجراءات، منها تقییم دقيق لتوقعات العرض والطلب من الأضاحي بالتنسيق مع المهنيين، وتسجيل وحدات تربية وتسمين الأغنام والماعز الموجهة للعيد والتي بلغت 214 ألف وحدة.
ومن الإجراءات المتخذة استعداداً لعيد الأضحى، وفقاً للوزير، "إنشاء وتجهيز 34 سوقاً مؤقتاً لأضاحي العيد على الصعيد الوطني لتعزيز الأسواق الموجودة، وفتح الاستيراد بصفة استثنائية ومؤقتة".
وذلك من أجل الرفع من العرض من رؤوس الأغنام الموجهة لعيد الأضحى والمساهمة في المحافظة على القطيع الوطني، وخفض تكلفة الاستيراد واستقرار الأثمان.
استيراد محتمل لمليون رأس
مع توالي سنوات الجفاف بالمغرب، ترى الحكومة المغربية أن استيراد رؤوس الأغنام حل لتلبية الطلب المتوقع قبل موعد عيد الأضحى، وبالتالي عامل لموازنة العرض مع الطلب والمساهمة في تخفيض سعر الأضحية.
كشف وزير الفلاحة أن طلب العروض الخاص باستيراد رؤوس الأغنام الموجهة إلى الذبح في عيد الأضحى بلغ، إلى حد الآن، 600 ألف، غير مستبعد أن هذا الرقم قد يصل إلى المليون إذا اقتضى الأمر".
وذكر الصديقي بالإجراءات المتعلقة بالاستيراد والتي تتجلى في "منح دعم لاستيراد الأغنام الموجهة للذبح في حدود 500 درهم للرأس ابتداء من 15 مارس 2024 إلى غاية 15 يونيو 2024، وإعفاء استيراد الأغنام من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة".
من جهته، أكد محمد جبلي أن عمليات الاستيراد محكومة كما في السنة الماضية، بشروط معينة، تتمثل في تحديد كل مستورد مبلغ 5 دراهم عن كل رأس غنم، ووزن 30 كيلوغراماً فما فوق عن كل رأس.
وأضاف رئيس الفيدرالية المغربية للفاعلين في قطاع المواشي أن على المستورد أن يتقيد بالعدد الذي حددته له الدولة، والذي سبق أن ضمنه في ملف الدعم، وفي حالة عدم استيفاء هذه الشروط، لن يستفيد من هذا الدعم.
وأبرز جبلي أن الهدف من الاستيراد الحفاظ على الثروة الحيوانية المستقبلية على الصعيد الوطني، وذلك لن يتم إلا عن طريق التشجيع على استيراد الأغنام والمواشي من الخارج، رغم وجود بعض العراقيل في مسألة نقل هذه الأغنام.
قدرة شرائية "منهكة"
تأثرت القدرة الشرائية بفعل ارتفاع الأسعار، ومعها ارتفاع سقف المتطلبات الغذائية اليومية، وبعد رمضان وما تحتاجه المائدة الرمضانية من مصاريف مضاعفة، يجد المواطن المغربي نفسه أمام شبح أسعار "العيد الكبير".
قال رشيد الصديق، رئيس المركز المغربي للمواطنة، إن العيد يأتي في مرحلة زمنية صعبة على الأسر المتوسطة، كنا في رمضان وبعد العيد مباشرة ستأتي العطلة الصيفية ثم الدخول المدرسي، وكلها مناسبات تحتاج لضخ مبالغ مالية مهمة من طرف الأسر المغربية.
ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء مباشرة بعد شهر رمضان هو مؤشر على أن ثمن الأضحية سيكون مرتفعاً مقارنة مع السنة الماضية، رغم الجهود التي تبذلها الدولة المغربية من قبيل دعم مستوردي الأكباش.
أوضح الصديق في حديثه لـ"عربي بوست" أن هذا الدعم "غير كافٍ لتخفيض سعر الأضحية، فبالعودة إلى سيناريو السنة الماضية، الذي يشبه هذه السنة، نجد أن الدعم استفاد منه التاجر فقط، في حين أننا لم نجد له وقعاً على جيوب المواطنين".