وصف أطباء وعاملون في مجال المساعدات الإنسانية، الذين يغطون التقارير من الأرض في غزة، مهمة نقل السكان والنازحين من رفح جنوب قطاع غزة بالمستحيلة، حيث يعاني الناس من المجاعة بالإضافة إلى انهيار نظام النقل والرعاية الصحية، وفق تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني، الخميس 9 مايو/أيار 2024.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أسقط منشورات قبل عدة أيام تأمر النازحين وسكان رفح بالمغادرة قبل ساعات من اقتحامه لمعبر رفح والسيطرة عليه.
وقالت ألكسندرا ساييه، رئيسة السياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة: "لدينا أطفال وكبار سن يتضورون جوعاً لدرجة أنهم بالكاد يستطيعون المشي. لا يمكن لهؤلاء الأشخاص أن ينتقلوا إلى منطقة أخرى، إلى ما يسمى بـ"المناطق الآمنة". هذا غير ممكن".
وقد أعرب العديد من عمال الإغاثة عن عدم وجود منطقة "آمنة" في قطاع غزة يمكن للأشخاص الانتقال إليها. وقالت هيلينا مارشال، من منظمة أطباء العالم، إن "مفهوم المناطق الآمنة هو كذبة".
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك 1.2 مليون شخص يعيشون في ظروف سيئة في رفح. وأكدت سيندي ماكين، رئيسة برنامج الأغذية العالمي، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أن "المجاعة الشاملة" التي سيطرت على شمال غزة امتدت إلى الجنوب.
فيما قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أمس الأربعاء، إن هناك ما يقرب من 200 فلسطيني يتم تهجيرهم قسراً من رفح كل ساعة.
حركة مقيدة
كما شدد عمال الإغاثة على الصعوبات التي يواجهونها سواء على صعيد إدخال المساعدات إلى غزة أو توزيعها، خاصة مع إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم، منذ مساء الأحد الماضي.
ومما يفاقم هذه الأزمة أن الطرق في جميع أنحاء غزة مدمرة أو مغلقة إلى حد كبير بسبب لجوء الأشخاص إليها، ما يساهم في صعوبة حركة البضائع والأشخاص، بحسب ميدل إيست آي.
من جانبه أوضح جيريمي كونينديك، من منظمة اللاجئين الدولية، أن عدداً محدوداً للغاية من الطرق، خاصة بين الشمال والجنوب، متاح للاستخدام الإنساني.
وكانت صور أقمار صناعية قد أظهرت دماراً كبيراً في أجزاء من رفح رغم إعلان إسرائيل أن عملياتها هناك ستكون محدودة، بحسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن صور الأقمار الصناعية التي تظهر المباني المدمرة في رفح تتوافق مع آثار عمليات التطهير في أماكن أخرى من قطاع غزة.
الاكتظاظ يزيد الطين بلة
ولا يقتصر الأمر على إغلاق الطرق واستحالة التنقل، حيث يشكل انتشار الخيام التي تؤوي النازحين عقبة أخرى أمام جماعات الإغاثة.
وقالت غادة الحداد، من منظمة أوكسفام الدولية: "في دير البلح ومنطقة المواصي على أطراف محافظتي رفح وخان يونس، لا توجد مساحة كبيرة. تنتشر الخيام في كل مكان: على الشاطئ، على الأرصفة، في الشوارع وساحات المقابر".
وأوضحت ألكسندرا ساييه أن فريقها استغرق 6 أسابيع و4 محاولات فاشلة لنقل 200 طرد غذائي من رفح إلى شمال غزة.
فيما حذر مسؤولو الرعاية الطبية في رفح من أن المستشفيات معرضة لخطر الاكتظاظ بالمرضى والجرحى إذا زادت وتيرة الهجمات وظلت المعابر مغلقة، بحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.
"نحن متعبون للغاية"
ويخشى الكثيرون الذين يعيشون الآن في مخيمات مترامية الأطراف أو ملاجئ مكتظة في المدارس من أن يضطروا إلى الانتقال مرة أخرى، للمرة الخامسة أو السادسة في بعض الأحيان، بحثاً عن الأمان إذا زادت حدة الهجمات الإسرائيلية.
ونقلت صحيفة الغارديان عن غادة اللباد (46 عاماً) من مخيم جباليا قولها: "نحن متعبون للغاية، حيث انتقلنا إلى 8 أماكن منذ أن غادرنا منزلنا في بداية هذه الحرب". وأضافت: "الآن سنتجه شمالاً بحثاً عن الأمان".
فيما أوضح جهاد أحمد (62 عاماً)، وهو ضابط شرطة متقاعد في رفح، إنه لا يوجد مكان آمن في غزة لعائلته المكونة من 9 أفراد.
وقال أحمد: "أنا قلق للغاية لأنه لا يوجد مكان آمن للهروب إليه. قمت بإجلاء عائلتي إلى وسط رفح، ولكن رغم التحذيرات بقينا أنا وابني في منزلنا خوفاً من تعرضه للنهب".
يأتي ذلك في وقت دخلت فيه الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها السابع، مخلفة وراءها أكثر من 34 ألف قتيل و77 ألف مصاب.