تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس 9 مايو/أيار 2024، بأن القنابل الأمريكية التي أرسلتها بلاده إلى الاحتلال الإسرائيلي استخدمت لقتل المدنيين الفلسطينيين، مهدداً علناً لأول مرة بوقف شحن بعض الأسلحة لإسرائيل؛ أثارت غضباً كبيراً في تل أبيب، فيما أكد مسؤولون عسكريون أن تنفيذ واشنطن قرارها قد يعطل تنفيذ عمليات هجومية في قطاع غزة.
وتعد الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل، كما سرعت عمليات تزويدها بالأسلحة بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي أعقبته الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي استخدم فيها الاحتلال كميات ضخمة من الصواريخ والقنابل والمتفجرات.
حيث وصف متحدث الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، الأربعاء 8 مايو/أيار، المساعدات الأمريكية، ولاسيما العسكرية، لبلاده بـ"غير المسبوقة".
فيما نقلت هيئة الإذاعة الرسمية الإسرائيلية أن الرئيس السابق للإنتاج والمشتريات الدفاعية بإسرائيل رفض الادعاء بأن إسرائيل تستطيع التعامل دون أسلحة أمريكية، قائلاً إن إسرائيل مضطرة للحصول على أسلحة من مكان آخر.
كما نقلت هيئة البث عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تسمّه تأكيده على أن تلويح الإدارة الأمريكية بتأخير شحنات الأسلحة قد يغير الخطط العملياتية للحرب على قطاع غزة.
وأضاف المسؤول: "إسرائيل قد تضطر إلى إدارة اقتصاد السلاح"، في إشارة إلى عدم الإسراف في استخدام السلاح.
كما قال ضابط كبير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "عندما يحذر الأمريكيون، عليك أن تستمع إليهم. ومن يعتقد أن الأمريكيين يهددون فقط فهو مخطئ".
وأضاف: "قرار وقف شحنات الأسلحة يأتي من الرئيس بايدن، وإذا استمر التجاهل فيمكن أن نجد أنفسنا في وضع معقد للغاية".
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الأربعاء إن واشنطن تراجع المساعدات الأمنية لإسرائيل "على المدى القريب"، في ضوء "تطورات الأحداث في رفح".
وأكد أوستن أن الإدارة الأمريكية جمدت الأسبوع الماضي شحنة أسلحة كانت متجهة إلى إسرائيل، ويخشى أن تشن عملية واسعة النطاق في رفح، لكنه أشار إلى أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بعد بوقف المساعدات الأمنية.
ردود فعل سياسية
وفي تعقيب على تصريحات الرئيس الأمريكي، زعم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أن حركة "حماس" تحب الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قيد صفقة أسلحة لتل أبيب.
وقال بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، في منشور مقتضب عبر منصة "إكس": "حماس تحب بايدن".
فيما قال مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد إردان إن تصريحات الرئيس الأمريكي "مخيبة للآمال للغاية".
كما أضاف في حديثه لإذاعة "كان" الرسمية: "أي ضغط على إسرائيل يفسره أعداؤنا على أنه شيء يمنحهم الأمل. هناك العديد من الأمريكيين اليهود الذين صوتوا للرئيس وللحزب الديمقراطي، والآن هم مترددون".
من جانبه، أصدر اللوبي المؤيد لإسرائيل في الكونغرس الأمريكي، "أيباك" بياناً قال فيه إنه "من الخطير ومن غير المصالح الأمريكية أن نحرم حليفنا من الأسلحة التي يحتاجها لهزيمة حماس، ومنعها من مهاجمة إسرائيل مرة أخرى".
ودعا اللوبي المشرعين في أمريكا إلى "إرسال رسالة واضحة إلى إدارة بايدن مفادها أن أمريكا يجب أن تستمر في الوقوف إلى جانب إسرائيل وتزويدها بما تحتاجه لهزيمة حماس في غزة".
وتعتبر "حماس" إدارة بايدن شريكةً في جرائم "الإبادة الجماعية" الإسرائيلية بغزة، فمنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قدمت لتل أبيب دعماً قوياً على المستويات العسكرية والمخابراتية والدبلوماسية.
ومنذ 3 أيام، يشن الجيش الإسرائيلي هجمات وينفذ عمليات في مناطق شرقي رفح؛ ما أدى إلى تهجير نحو 80 ألف فلسطيني، حسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الخميس.
والإثنين، أصدر الجيش تحذيرات لنحو 100 ألف فلسطيني بإخلاء مناطق شرقي رفح قسراً، ثم سيطر في اليوم التالي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري مع مصر، ضمن ما يزعم أنها عملية "محدودة النطاق".
وبزعم أنها "المعقل الأخير لحركة حماس"، تُصر إسرائيل على اجتياح رفح، رغم تحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات كارثية؛ لوجود نحو 1.5 مليون فلسطيني في المدينة، بينهم 1.4 مليون نازح.
وحالياً، تخوض إسرائيل وحماس في القاهرة مفاوضات غير مباشرة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بعد أن رفضت تل أبيب مقترحاً مصرياً قطرياً وافقت عليه الحركة.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 113 ألفاً بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.