تخطط إسرائيل للمضي قدماً لشن هجوم عسكري للسيطرة على رفح جنوب قطاع غزة، عبر عقد اجتماعات سرية مع القاهرة وواشنطن لمناقشة هجوم محتمل على المدينة، عبر خطة إسرائيلية تتضمن مراحل تدريجية للهجوم، وليس اجتياحاً شاملاً للمدينة.
موقع أكسيوس الأمريكي نقل عن 3 مسؤولين إسرائيليين وصفهم بـ"الكبار"، أن مسؤولي المخابرات والجيش الإسرائيليين التقوا، الأربعاء 25 أبريل/نيسان 2024، في القاهرة مع رئيس المخابرات المصرية ومسؤولين رئيسيين آخرين لمناقشة عملية محتملة لقوات الدفاع الإسرائيلية في رفح.
وتعد زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام هي الثانية إلى مصر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لمناقشة عملية محتملة في رفح.
وبحسب الموقع الأمريكي فإن الزيارة السابقة كانت في منتصف شهر فبراير/شباط 2024، وتهدف إلى نقل رسالة مفادها أن إسرائيل ستتخذ خطوات لضمان ألا تؤدي عملية رفح إلى تدفق آلاف اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر.
الموقع أضاف أن المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي وجهاز المخابرات العامة المصرية والمسؤولين المصريين رفضوا التعليق على الموضوع.
كما أضاف المصدر ذاته أن "التنسيق العسكري والسياسي الوثيق بين إسرائيل ومصر يعتبر أحد الشروط الأساسية للعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، خاصة في ظل نية إسرائيل السيطرة على محور فيلادلفيا المحاذي للحدود بين قطاع غزة ومصر".
ولفت إلى "قلق بالغ لدى القاهرة من أن تؤدي عملية إسرائيلية في رفح إلى تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر بطريقة تعرّض أمن البلاد للخطر".
وأوضح الموقع الأمريكي أن "المسؤولين المصريين شددوا في تصريحات علنية وكذلك في جلسات مغلقة مع نظرائهم من تل أبيب على أن مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى تصدع العلاقات المصرية – الإسرائيلية، وقد يعرض اتفاق السلام بين البلدين للخطر".
وادعى مسؤولون إسرائيليون أنه "تم إحراز تقدم كبير في التجهيزات لإجلاء السكان المدنيين من رفح".
هذا، وصرح مسؤول إسرائيلي بأن "الجميع ينتظر توجيهات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للبدء في إجلاء السكان المدنيين من رفح"، مضيفاً أن "الأمر متوقف عنده، وعليه أن يحل المسألة مع الأمريكيين والمصريين".
كما قال موقع "أكسيوس" في تقريره إن المجتمعين في القاهرة ناقشوا الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة ووقف مؤقت لإطلاق النار، ومصر هي أحد الوسطاء الرئيسيين في المفاوضات بين إسرائيل وحماس.
خطة إسرائيل للهجوم على رفح
في السياق ذاته، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الأربعاء، عن مسؤول أمريكي أن الخطط التي قدمها الجيش الإسرائيلي إلى وزارة الدفاع الأمريكية في الأسابيع الأخيرة، والتي تضمنت عملية بطيئة وتدريجية في رفح -حياً تلو الآخر- وليست هجوماً شاملاً على المدينة بأكملها.
ووفقاً للمسؤول الأمريكي، فإنه بحسب الخطة الإسرائيلية المقدمة لإدارة بايدن، لن يكون من الضروري إجلاء جميع المواطنين من المدينة على الفور، بل سيتم إخلاء كل حي على حدة.
إلى ذلك، قال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن إسرائيل قدمت خطتها الإنسانية بشأن عملية رفح الخميس الماضي خلال اجتماع افتراضي بين إسرائيل والولايات المتحدة.
المسؤولون الأمريكيون أشاروا إلى أن إسرائيل أكدت للولايات المتحدة خلال الاجتماع أن قرار شن عملية في رفح سيكون "على أساس الظروف وليس على أساس زمني"، ومرتبطاً بالوضع الإنساني على الأرض.
وزعم المسؤولون الإسرائيليون أن 250 ألفاً من بين أكثر من مليون فلسطيني لجأوا إلى رفح قد غادروا المدينة بالفعل خلال الأسبوعين الأخيرين منذ انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي من منطقة خان يونس.
وقال مسؤولون أمريكيون كبار إنهم رصدوا في الأيام الأخيرة عودة بعض هؤلاء الأشخاص إلى رفح، بعد أن اكتشفوا أن البنية التحتية والمنازل في خان يونس مدمرة بالكامل.
وعلى الرغم من ذلك، لا تزال إدارة بايدن تشعر بالقلق إزاء العملية الإسرائيلية في رفح، وقد طرحت خلال الاجتماع الافتراضي الأخير ما لا يقل عن 10 أسئلة تود الحصول على توضيحات بشأنها من إسرائيل، حسب ما قال مسؤولون أمريكيون.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين: "هناك تقدم، ولكن هناك أيضاً الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. وفي العروض التقديمية التي قدمها الجيش الإسرائيلي، بدا كل شيء على ما يرام. والسؤال هو كيف سيبدو الأمر في الواقع".
التنسيق مع القاهرة
كما نقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين مصريين مطلعين على الخطط أن العمليات في رفح ستكون أكثر استهدافاً من الهجمات السابقة في غزة، وستتضمن التنسيق مع المسؤولين المصريين لتأمين الحدود بين مصر وغزة".
المسؤولون المصريون أوضحوا أن الهلال الأحمر المصري نصب بعض الخيام في مدينة خان يونس القريبة من قطاع غزة، ويعمل على نصب المزيد في الأسابيع القليلة المقبلة.
ووفقاً للصحيفة الأمريكية فإن مسؤولين يقولون إن إسرائيل طرحت فكرة السماح لقوات الأمن المدعومة من السلطة الفلسطينية بدخول غزة للمساعدة في إدارة الأمن بالقرب من الحدود الجنوبية لغزة مع مصر.
وازدادت في الآونة الأخيرة وتيرة الغارات الإسرائيلية في رفح، مع تمسك تل أبيب باجتياح المدينة بزعم مواجهة آخر معاقل حركة "حماس"، رغم تحذيرات دولية متزايدة من تداعيات كارثية، في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح فيها.
والأربعاء، قالت هيئة البث العبرية الرسمية، إن الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح مدينة رفح جنوبي قطاع غزة "قريباً جداً".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة، خلفت نحو 112 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة ودماراً هائلاً، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل حربها رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فوراً، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".