اعترف مسؤولون إسرائيليون كبار، بفشل الحملة الإسرائيلية ضد التمويل الدولي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وذلك وفق ما نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية، الأربعاء 24 أبريل/نيسان 2024، وذلك في الوقت الذي أطلقت فيه الوكالة نداءً لجمع 1.21 مليار دولار لتلبية احتياجات غزة والضفة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية في إسرائيل اعترافها بأن تل أبيب لم تنجح في التأثير على التقرير بالطريقة التي كانت تأملها، وأنه من الواضح بعد نشر التقرير أن دولاً أخرى ستنضم إلى ألمانيا وتجدد التمويل للوكالة. ووفقاً للتقارير التي نشرت خلال نهاية الأسبوع، تدرس المملكة المتحدة الآن أيضاً تجديد تمويل الأونروا.
وحتى الآن فإن أهم البلدان التي قررت بالفعل تجديد تمويل الأونروا -وأغلبها فعلت ذلك قبل نشر تقرير كولونا- كانت فرنسا، وكندا، وأستراليا، والسويد، والنرويج، وإسبانيا، واليابان.
كذلك، قالت الصحيفة إن إسرائيل تشعر بالقلق بشكل كبير من أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهما أقوى داعمين لها على الساحة الدولية اليوم، سوف تتراجعان عن قرارهما بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة.
دول عديدة تراجعت
خلال الأسابيع القليلة الماضية، أعلنت العديد من الدول الغربية أنها ستجدد تمويلها للأونروا، الذي جمدته مع بداية حرب غزة، في أعقاب مزاعم إسرائيلية بأن المنظمات تتعاون مع "حماس"، وأن بعض موظفيها شاركوا في عملية "طوفان الأقصى".
في وقت سابق الأربعاء، قالت ألمانيا، أحد أكبر الداعمين الدوليين لإسرائيل، إنها ستعيد التمويل للأونروا، الذي جمدته في يناير/كانون الثاني 2024.
متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، قال في بيان إنه بعد دراسة مزاعم إسرائيل، اقتنعت ألمانيا بضرورة تحسين الإشراف على الأونروا ومشاريعها، لكنها ستستأنف التعاون مع الوكالة كما فعلت عدة دول أخرى بالفعل.
وذكر البيان أيضاً أن الوكالة تواصل لعب "دور حيوي ولا يمكن الاستغناء عنه حالياً" في معالجة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وأن المنظمات الدولية الأخرى العاملة في غزة تعتمد أيضاً على البنية التحتية الحالية للأونروا.
كذلك، تعتقد ألمانيا أيضاً أنه "في ضوء الكارثة الإنسانية المستمرة في غزة، من المهم أكثر من أي وقت مضى دعم مختلف وكالات الأمم المتحدة العاملة في غزة، والقيام بذلك قبل أن يعاني تمويل الأونروا بطريقة تجعل من المستحيل استمرار مشاريعها الخيرية والتعليمية".
يأتي الإعلان الألماني وسط تقرير نشرته قبل أيام كاثرين كولونا، وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، التي عينتها الأمم المتحدة للتحقيق في عمليات الأونروا.
وزارت كولونا دولة الاحتلال قبل شهر تقريباً، والتقت بكبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين للحصول على نظرة عامة على الاتهامات الموجهة ضد المنظمة. ومع ذلك، ذكر تقرير كولونا أن إسرائيل لم تقدم أدلة موثوقة على أن العديد من موظفي الأونروا كانوا أعضاء في حماس.
إقرار بالفشل
في السياق، قال مصدر إسرائيلي مشارك في جهود الاحتلال الدبلوماسية لوقف تمويل الأونروا لصحيفة "هآرتس" إن الفشل لم يكن في مجال العلاقات العامة والاتصالات، بل نابع من عدم وجود بديل مقنع للأونروا.
وزعم المصدر أن إسرائيل تمكنت من إثارة الشكوك حول الأونروا لدى أصدقائها حول العالم، لكنها لم تقدم بدائل مناسبة للوكالة.
من جهته، قال دبلوماسي من إحدى الدول الأوروبية التي جددت تمويلها للأونروا لصحيفة "هآرتس" إن قرار حكومته القيام بذلك ناتج عن سببين.
وأوضح الدبلوماسي أن "الأدلة التي قدمتها إسرائيل لم تكن مقنعة"، ثم إنه "لم يثبت بما فيه الكفاية أن هذه ظاهرة واسعة الانتشار".
وأضاف الدبلوماسي نفسه أنه مع تدهور الوضع الإنساني في غزة في الأشهر الأخيرة، أصبح من الواضح أنه لا يوجد بديل فوري للأونروا.
ثم أضاف قائلاً: "إذا كان هناك بديل واحد، فسنكون على استعداد للنظر فيه".
بحسب هذا الدبلوماسي، هناك إجماع بين دول الاتحاد الأوروبي على ضرورة استمرار دعم الأونروا في الوضع الحالي، على الرغم من ادعاءات إسرائيل.
نداء من الأونروا
في سياق مرتبط، أطلقت وكالة "الأونروا"، الأربعاء، نداءً "طارئاً" لجمع 1.21 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية.
وقالت الوكالة في بيان، إنها "تسعى للحصول على 1.21 مليار دولار للتعامل مع الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة وللاستجابة للاحتياجات في الضفة الغربية مع تزايد العنف".
الأونروا أوضحت أن نداءها "الطارئ" يغطي الاحتياجات الإنسانية حتى نهاية العام الجاري 2024.
كما أضافت أن النداء "يهدف إلى الاستجابة للاحتياجات الأشد إلحاحاً لما مجموعه 1.7 مليون فلسطيني في قطاع غزة، نظراً للحرب المستمرة، وأكثر من 200 ألف لاجئ من فلسطين في الضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية".
المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، صرح قائلاً: "تظهر ندوب الحرب على نطاق واسع في غزة. وفي الوقت نفسه، يتزايد العنف بالضفة الغربية".
وأكد أنه "من الأهمية بمكان دعم الأونروا في تقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة والخدمات التنموية في مجالي الصحة والتعليم"، وفق البيان.
ثم أضاف لازاريني: "أثبتت الأشهر الماضية أن الأونروا لا يمكن استبدالها، ولا بديل عنها".
كما شدد على أنه "لا ينبغي أن تصبح الحرب هي المعيار الجديد ونحن ندخل منعطفاً حزيناً آخر: 200 يوم طويل من الوحشية والخسارة واليأس والقلق".
مفوض الأونروا قال أيضاً إنه "يجب بذل كل الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق نار طال انتظاره. وحتى ذلك الحين، يجب أن يأتي مزيد من الدعم للأونروا للسماح لنا بالاستجابة للاحتياجات الإنسانية الهائلة والمتزايدة".
وذكر البيان: "باعتبارها أكبر منظمة إنسانية في قطاع غزة، فإن الأونروا تعد العمود الفقري لعملية الإغاثة هناك، حيث تدير الملاجئ التي تضم أكثر من مليون شخص، وتوزع الغذاء وتوفر الرعاية الصحية الأولية وتنسق الخدمات اللوجستية لعمليات إيصال المساعدات الإنسانية".
وأكد أن "الأولوية بالنسبة للأونروا تتمثل في إدخال الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها، بما في ذلك الغذاء إلى غزة، حيث أصبح السكان يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات والإغاثة".
وتأسست أونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين بمناطق عملياتها الخمس في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة بدعم أمريكي، خلفت نحو 112 ألفاً بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة ودماراً هائلاً، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل حربها رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فوراً، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".