تستعد الجزائر لاستيراد كمية هامة من المواشي الرومانية في الجزائر؛ تحسباً لعيد الأضحى المبارك، وهذا بغية ضبط أسعار سوق الأضاحي التي شهدت ارتفاعاً خلال الـ4 سنوات الأخيرة جراء عوامل مختلفة.
وسبق للسلطات الجزائرية أن استوردت أغنام رومانيا في رمضان المنصرم مع كميات كبيرة من اللحوم الطازجة المبردة التي بيعت بسعر 1200 دينار للكيلوغرام الواحد (5.5 دولار)، في حين بلغ سعر اللحم المحلي 2800 دينار (12 دولاراً).
وتشير مصادر لـ"عريي بوست" إلى أن المواشي الرومانية في الجزائر التي ما زالت تصل لميناء الجزائر العاصمة على دفعات، جزء منها خصص للذبح لتباع فيما بعد بالقصبات من أجل ضبط سعر لحم الغنم، في حين تم تخصيص الكمية الأكبر لعيد الأضحى المبارك.
وتشدد المصادر على أن الدفعات الأولى من المواشي الرومانية في الجزائر محاولة لجس نبض المستهلك الجزائري من هذه الأغنام، في ظل تفضيل الجزائري للكبش المحلي، لا سيما سلالتي "أولاد جلال" و"الدغمة".
وتؤكد المصادر الإعلامية أن الأغنام المستوردة من رومانيا ستدخل في الدفعات الأخيرة منها أكثر عدداً وكثافة، وحسب معلومات استقاها "عربي بوست" فإنه تم تحديد كمية 800 ألف رأس غنم على أكثر تقدير من أجل استيرادها خلال الفترة المتبقية إلى عيد الأضحى.
سعر المواشي الرومانية في الجزائر لن تتجاوز 250 دولاراً
وبغرض التوسع في الموضوع أكثر، تواصل "عربي بوست" مع رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، الذي أشار إلى أن منظمته تثمن مثل هذه الإجراءات إن تمت وقررت السلطات استيراد كمية من رؤوس الأغنام تحسباً لعيد الأضحى.
ويؤكد زبدي أن خطوة كهذه ستؤثر إيجاباً على المستهلكين، لا سيما متوسطي الدخل الذين سيجدون أنفسهم قادرين على اقتناء أضحية العيد بسعر يتناسب مع قدرتهم الشرائية عكس ما كان عليه الأمر السنة الماضية، حيث شهدت أسعار الأضاحي ارتفاعاَ غير مقبول وصل في بعض المناطق إلى 160 ألف دينار (810 دولارات).
ويلفت رئيس منظمة حماية المستهلك إلى أنه إذا تمت عملية الاستيراد غير المعلنة رسمياً لحد الآن بنفس الامتيازات التي كان عليها استيراد اللحوم الذي عرف إزالة العديد من الرسوم إلى درجة بلوغها 5 بالمئة، فإن سعر الكبش المتوسط سيتراوح بين 40 ألف دينار و50 ألف دينار (200 دولار إلى 250 دولاراً).
وفي جواب على تأثير عملية استيراد هذه الأغنام على سوق المواشي خلال عيد الأضحى المبارك، يوضح زبدي أن العملية إن تمت ستؤثر تأثيراً مباشراً على السوق والأسعار، خاصة إذا تم استيراد كمية كبيرة، في حين لن يكون تأثيرها كبيراً إذا ما قررت السلطات استيراد كمية صغيرة.
ويشدد المتحدث على أن المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، مع استيراد أي منتج يعرف اختلالاً في السوق المحلي، لا سيما أن مثل هذه الإجراءات تعد إرادة سياسية صرح بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ويضيف قائلاً: "نحن نرحب بهذه المبادرات إلى غاية ضبط سوق الماشية وإلى غاية إصلاح هذه الشعبة".
المضاربون ساهموا في رفع سعر الأضحية
من جهته، يوضح رئيس فيدرالية مربي المواشي، جيلالي عزاوي، أن عملية استيراد الكباش الرومانية في الجزائر تأتي لتغطية النقص المسجل في الإنتاج حالياً، مؤكداً أن الثروة الحيوانية في الجزائر تحافظ على متانتها رغم صعوبة الظروف خلال الفترة الأخيرة.
ويضيف أن الموالين يواصلون نشاطهم، في حين أرجع ارتفاع الأسعار في بعض الأحيان بأرقام فاحشة إلى تدخل يد المضاربين الذين يحاولون استغلال المواسم التي يكثر فيها الطلب من أجل رفع الأسعار على غرار شهر رمضان وعيد الأضحى المبارك.
وبخصوص التخوف من التهاب الأسعار قبيل عيد الأضحى المبارك، فيبرز رئيس فيدرالية مربي المواشي في الجزائر أن البلبلة التي أثيرت يقف خلفها مضاربون، في حين أنه لا يمكن تحديد الأسعار الحقيقية إلا خلال الأسابيع القليلة التي تسبق العيد، والتي تخضع بدورها لواقع السوق.
من جهة ثانية، طلب المتحدث من وزارة الفلاحة الجزائرية تسريع عملية عصرنة شعبة تربية المواشي، لا سيما بعد الصعوبات الطبيعية التي تواجه محترفيها خلال السنوات الأخيرة، على رأسها الجفاف؛ مما حرم الموالين من الاعتماد على الكلأ الطبيعي واللجوء إلى الأعلاف، وهو ما يعني مصاريف إضافية تضاعف الأتعاب.
كما يدعو إلى إدراج الجفاف ضمن الكوارث الطبيعية بشكل يسمح للمتضررين من الاستفادة من التعويض بعدما أصبح الموالون في معركة ضارية لمواجهة تبعات الجفاف خلال السنوات الست الأخيرة.
تفادي ارتفاع أسعار الأضاحي
وفي تصريحات إعلامية لرئيس الفيدرالية الوطنية للحوم، مروان خير، أفاد بأن الشركة الجزائرية للحوم تلقت ترخيصاً لاستيراد 100 ألف رأس من الأغنام من رومانيا، بداية من شهر رمضان وصولاً لاستكمال الكمية تحسباً لعيد الأضحى المبارك.
وتوقع المتحدث أن تمكن العملية من ضبط أسعار سوق الماشية لتتراوح بين 45 ألفاً و50 ألف دينار (250 دولاراً)، وتمكن من تفادي التهاب الأسعار المسجل في الآونة الأخيرة.
وأرجع خير الخطوة إلى الأسعار المعقولة لهذه المواشي الرومانية في الجزائر، حيث سبق أن تم تسويقها خلال رمضان الماضي، ومن شأن توسيع العملية كسر الأسعار.
وتعرف أسعار المواشي، لا سيما الكباش ارتفاعاً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، حيث بلغت أسعار الكبش الأقرن 100 ألف دينار خلال الموسم الماضي (500 دولار)، وهو نفسه الذي كان يتراوح بين 65 إلى 70 ألف دينار (350 دولاراً) خلال موسم سنة 2022.
وقد تراوح سعر الكبش الذي يزن 30 كلغ بين 50.000 دينار (250 دولاراً) و80.000 دينار (400 دولار)، في حين أن ثمنه بالمواسم الماضية كان في حدود 40.000 دينار (200 دولار) و70.000 دينار (350 دولاراً)، أما الخراف الأقل وزناً وسناً فتبدأ من 37.000 دينار (170 دولاراً)، وهي التي كانت بسعر 25.000 دينار و30.000 دينار (150 دولاراً) الأعوام الماضية.
تسقيف هوامش الربح
ساهمت اللحوم المستوردة في رمضان المنصرم في ضبط أسعار اللحوم بأسواق الجزائر؛ حيث بيع الكيلوغرام الواحد منها بسعر 1200 دينار (5.5 دولار)، في حين بيع الكيلوغرام لحم الكبش الروماني 1600 دينار (7.7 دولار).
وقبل أيام، وقع الوزير الأول الجزائري نذير العرباوي، مرسوماً تنفيذياً يتضمن تسقيف هوامش الربح عند الاستيراد وعند التوزيع بالجملة والتجزئة للحوم الأبقار والأغنام الطازجة المبردة المستوردة.
ويحدد هذا المرسوم التنفيذي، 24-133، والذي صدر في العدد 26 من الجريدة الرسمية هوامش الربح القصوى عند الاستيراد بنسبة 4 بالمئة، وعند التوزيع بالجملة بنسبة 5 بالمئة وعند التوزيع بالتجزئة بنسبة 8 بالمئة.
وبمقتضى هذا النص الجديد، تطبق هوامش الربح المسقفة عند الاستيراد على أساس سعر التكلفة، وعند التوزيع بالجملة على أساس تكلفة الشراء، وعند التوزيع بالتجزئة على أساس سعر الشراء.