في أعلى مستوى له في التاريخ، وصل الإنفاق العسكري العالمي إلى مستوى قياسي إلى 2,4 تريليون دولار في أكبر زيادة سنوية في الإنفاق الحكومي على الأسلحة منذ أكثر من عقد من الزمن، بسبب الحروب والتوترات المتزايدة في مختلف أنحاء العالم.
الإنفاق العسكري العالمي، زاد في عام 2013، بنسبة 6.8%، مقارنة بالعام قبل الماضي، في أكبر زيادة على أساس سنوي منذ عام 2009، بحسب ما كشفه تقرير جديد صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري).
وشملت زيادة نفقات العالم العسكرية القارات الخمس خصوصاً أوروبا، وآسيا، ومنطقة الشرق الأوسط، وتصدرت الولايات المتحدة قائمة أكبر المنفقين الـ10، التي تضم أيضاً الصين وروسيا، والهند والسعودية، وإسرائيل، وبريطانيا، وألمانيا، وأوكرانيا، وفرنسا، وفقاً للتقرير.
الدول المتصدرة
وجاءت الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند والمملكة العربية السعودية في المراكز الخمسة الأولى من حيث الإنفاق على التوالي، حيث بلغت حصة واشنطن 916 مليار دولار، أما بكين 296 مليار دولار تمثل نحو نصف إجمالي الإنفاق الدفاعي العالمي، وزادت الولايات المتحدة إنفاقها العسكري العام الماضي، بنسبة 2.3%، بينما بلغت 6% في الصين، بحسب "سيبري"
وأوضح التقرير أن الصين، ثاني أكبر منفق عسكري في العالم، خصصت نحو 296 مليار دولار للجيش في عام 2023، بزيادة قدرها 6.0% عن عام 2022. مذكراً بأن هذا الارتفاع هو الـ29 على التوالي في الإنفاق العسكري للصين على أساس سنوي.
وحسب التقرير، فإن نفقات الصين العسكرية شكلت نصف إجمالي الإنفاق العسكري في جميع أنحاء منطقة آسيا وأوقيانوسيا. وقد ربط العديد من جيران الصين الزيادات في إنفاق تلك المنطقة بإنفاق الصين العسكري المتزايد.
بدوره، قال شياو ليانغ، الباحث في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة في المعهد، "إن الصين توجه الكثير من ميزانيتها العسكرية المتنامية لتعزيز الاستعداد القتالي لجيش التحرير الشعبي، وقد دفع هذا حكومات اليابان، وتايوان، وغيرها إلى بناء قدراتها العسكرية بشكل كبير، وهو الاتجاه الذي سوف يتسارع أكثر في السنوات المقبلة".
بينما بلغ الإنفاق في الهند، رابع أكبر منفق عسكري على مستوى العالم في عام 2023 نحو 83.6 مليار دولار، أي أعلى بنسبة 4.2% مما كان عليه في عام 2022.
وحول نفقات الدول الأعضاء الـ31 في حلف شمال الأطلسي "الناتو" عام 2023، فقد أشار التقرير إلى أنها بلغت 1341 مليار دولار، أي ما يعادل 55% من الإنفاق العسكري في العالم. لافتاً إلى أن الإنفاق العسكري للولايات المتحدة يعادل 68% من إجمالي الإنفاق العسكري لحلف شمال الأطلسي.
أما في روسيا فقد ارتفع الإنفاق العسكري إلى 109 مليارات دولار في عام 2023، بزيادة 24% مقارنة بالعام 2022، و57% مقارنة بالعام 2014، ليشكل 16% من إجمالي الإنفاق الحكومي، فيما بلغ العبء العسكري 5.9%.
بينما احتلت أوكرانيا المرتبة الثانية في قائمة أكبر الدول المنفقة عسكرياً في عام 2023، بعد ارتفاع الإنفاق بنسبة 51%، مقارنة بالعام الماضي و1270% منذ العام 2014، ليصل إلى 64.8 مليار دولار. ما يعد عبئاً عسكرياً على أوكرانيا ويمثل 58% من إجمالي الإنفاق الحكومي.
التقرير أشار إلى أن الإنفاق العسكري لأوكرانيا في عام 2023 كان يعادل 59% من حجم الإنفاق العسكري الروسي. مع ذلك، تلقت أوكرانيا ما لا يقل عن 35 مليار دولار من المساعدات العسكرية خلال العام، بما في ذلك 25.4 مليار دولار من الولايات المتحدة؛ ما جعل مجموع هذه المساعدات والإنفاق العسكري الأوكراني يعادل حوالي 91% من الإنفاق الروسي.
الإنفاق في الشرق الأوسط
بخصوص الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط، كشف التقرير أنه ارتفع بنسبة 9.0% ليصل إلى 200 مليار دولار في عام 2023. وكان هذا أعلى معدل نمو سنوي تشهده المنطقة في العقد الماضي.
كما أفاد التقرير بأن الإنفاق العسكري الإسرائيلي -وهو ثاني أكبر إنفاق في المنطقة بعد السعودية- زاد بنسبة 24% ليصل إلى 27.5 مليار دولار في عام 2023 مدفوعاً بالعدوان الإسرائيلي واسع النطاق على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكانت إيران رابع أكبر منفق عسكري في الشرق الأوسط في عام 2023 بمبلغ 10.3 مليارات دولار. ووفقاً للبيانات المتاحة، ارتفعت حصة الإنفاق العسكري المخصصة للحرس الثوري من 27% إلى 37% بين عامي 2019 و2023.
كما ارتفع الإنفاق العسكري الجزائري بنسبة 76% ليصل إلى 18.3 مليار دولار. وهو أعلى مستوى إنفاق سجلته الجزائر على الإطلاق. ويعود ذلك -إلى حد كبير- إلى الارتفاع الحاد في عائدات صادرات الغاز إلى دول أوروبا مع ابتعادها عن الإمدادات الروسية.
بينما سجل جنوب السودان ثاني أكبر نسبة زيادة (78%) وسط أعمال العنف الداخلي وامتدادات الحرب الأهلية السودانية. وقد أظهرت جمهورية الكونغو الديمقراطية أكبر نسبة زيادة في الإنفاق العسكري عالمياً في عام 2023، حيث زاد الإنفاق العسكري للبلاد خلال عام بنسبة 105%، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وفي تقريره، أوضح المركز أن الإنفاق العسكري يشمل جميع أوجه الإنفاق الحكومي على القوات والأنشطة العسكرية الحالية، بما في ذلك الرواتب والمزايا، والنفقات التشغيلية، ومشتريات الأسلحة والمعدات، والبناء العسكري، والبحث والتطوير، والإدارة المركزية والقيادة والدعم. ولذلك فإن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام لا يشجع استخدام مصطلحات مثل "الإنفاق على الأسلحة" عند الإشارة إلى الإنفاق العسكري.
ونقلت صحيفة "غارديان" البريطانية عن، نان تيان، وهو أحد كبار الباحثين في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة التابع لمعهد "سيبري"، قوله إن "الارتفاع غير المسبوق في الإنفاق العسكري هو رد مباشر على التدهور العالمي في السلام والأمن".