قال مصدر مطلع لرويترز، مساء الجمعة 19 أبريل/نيسان 2024، إن الولايات المتحدة ستسحب قواتها من النيجر، مضيفاً أنه تم التوصل إلى اتفاق بين نائب وزير الخارجية الأمريكي كيرت كامبل وقيادة النيجر.
وكان للولايات المتحدة ما يزيد قليلاً عن ألف جندي أمريكي في النيجر حتى عام 2023، حيث يعمل الجيش الأمريكي من قاعدتين، إحداهما قاعدة الطائرات المسيرة المعروفة باسم القاعدة الجوية 201، التي تم بناؤها بالقرب من أغاديز في وسط النيجر، بتكلفة تزيد عن 100 مليون دولار.
أمريكا تسحب قواتها من النيجر
تُستخدم القاعدة منذ عام 2018 لاستهداف أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة لتنظيم القاعدة، في منطقة الساحل.
وفي 2023 استولى جيش النيجر على السلطة في انقلاب. وكانت النيجر حتى وقوع الانقلاب شريكاً أمنياً رئيسياً للولايات المتحدة وفرنسا.
لكن السلطات الجديدة في النيجر انضمت إلى المجلسين العسكريين في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين في إنهاء الاتفاقات العسكرية مع حلفاء غربيين مثل واشنطن وباريس، بالإضافة إلى الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وتعزيز علاقات أوثق مع روسيا.
وقال المصدر لرويترز، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن محادثات ستجرى خلال الأيام المقبلة بشأن عملية سحب القوات والشكل الذي ستكون عليه، وأضاف أنه ستظل هناك علاقات دبلوماسية واقتصادية بين الولايات المتحدة والنيجر رغم هذه الخطوة.
إلغاء اتفاق عسكري مع أمريكا
في مارس/آذار 2024 قال المجلس العسكري الحاكم في النيجر إنه ألغى بأثر فوري اتفاقاً عسكرياً يسمح بوجود أفراد عسكريين ومدنيين من وزارة الدفاع الأمريكية على أراضي البلاد.
وفي بيان تُلي عبر التلفزيون الوطني، قال أمادو عبد الرحمن، المتحدث باسم الحكومة النيجرية، إن "حكومة النيجر، آخذة طموحات الشعب ومصالحه في الاعتبار، تقرر بكل مسؤولية أن تلغي بمفعول فوري الاتفاق المتعلق بوضع الطاقم العسكري للولايات المتحدة والموظفين المدنيين في وزارة الدفاع الأمريكية على أراضي النيجر".
وأشار عبد الرحمن إلى أن الوجود العسكري الأمريكي "غير قانوني"، و"ينتهك كل القواعد الدستورية والديمقراطية" وهذا الاتفاق "مُجحف" وفق نيامي، وقد "فرضته أحادياً" الولايات المتحدة عبر "مذكرة شفوية بسيطة" في 6 يوليو/تموز 2012.
وفد أمريكي في النيجر
تأتي هذه الخطوة بُعيد مغادرة وفد أمريكي برئاسة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية مولي في والوفد الأمريكي الذي بقي في نيامي 3 أيام "لم يتمكن من لقاء" الجنرال عبد الرحمن تشياني قائد النظام العسكري، وفق مصدر حكومي نيجري.
وقال عبد الرحمن إن "وصول الوفد الأمريكي لم يحترم الأعراف الدبلوماسية"، مضيفاً أن الحكومة الأمريكية أبلغت نيامي "من جانب واحد" بموعد وصولها وبتشكيلة وفدها.
كما أدان "الموقف المُتعالي" لرئيسة الوفد مولي في، وهو "موقف من شأنه أن يُقوض طبيعة" العلاقات بين البلدين، على قوله.
في حين قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر عبر منصة إكس إن واشنطن أخذت علماً ببيان النظام العسكري في نيامي، وإنه جاء بعد "مناقشات صريحة… بشأن مخاوفنا" حيال "مسار" المجلس العسكري. وأضاف أن الولايات المتحدة ما زالت على اتصال مع المجلس العسكري وستقدم معلومات جديدة "عند الاقتضاء".
وتحدث عبد الرحمن عن عودة النظام الدستوري إلى هذا البلد الذي شهد تقارباً من جارتيه بوركينا فاسو ومالي اللتين يحكمهما أيضاً الجيش، وكذلك من دول مثل إيران وروسيا.
وقال عبد الرحمن إن "حكومة النيجر أكدت مجدداً عزمها الراسخ على تنظيم العودة إلى الحياة الدستورية الطبيعية في أقرب وقت"، مشدداً على أن هذا "التزام رسمي" من جانب رئيس المرحلة الانتقالية "مثلما عبر عنه في خطابه إلى الأمة في 19 أغسطس/آب".
في ذلك الخطاب، تحدث الجنرال تشياني عن فترة انتقالية تتحدد مدتها في إطار "حوار وطني" على ألا تتجاوز 3 سنوات.
انسحاب النيجر من إكواس
منذ الانقلاب، انسحبت النيجر، على غرار بوركينا ومالي، من الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) التي فرضت عليها عقوبات شديدة.
وفي نهاية فبراير/شباط، قررت إكواس رفع جزء كبير من هذه العقوبات. وأعلنت النيجر وبوركينا ومالي إنشاء قوة مشتركة لمحاربة الجهاديين الذين يستهدفون البلدان الثلاثة بانتظام.
وبعد انقلاب 26 يوليو/تموز 2023، سارع العسكريون الذين استولوا على السلطة في النيجر، إلى المطالبة برحيل الجنود الفرنسيين -نحو 1500 جندي تم نشرهم لمحاربة الجهاديين- وألغوا العديد من الاتفاقيات العسكرية المبرمة مع باريس.
وغادر آخر الجنود الفرنسيين المنتشرين في النيجر في إطار الحرب ضد الإرهاب، البلاد في 22 ديسمبر/كانون الأول.
تقييم لمستقبل عمليات مكافحة الإرهاب
كانت الولايات المتحدة قد أجرت تقييماً لمستقبل عمليات "مكافحة الإرهاب" في منطقة الساحل بعد إعلان المجلس العسكري في النيجر إنهاء تعاونه العسكري مع واشنطن إثر زيارة مسؤولين أمريكيين بارزين.
وقالت وزارة الخارجية في منشور لها عبر منصة "إكس" إن المحادثات كانت صريحة، وإنها على اتصال بالمجلس العسكري، ولم يتضح ما إذا كان لدى الولايات المتحدة أي طريقة متبقية للتفاوض بشأن صفقة للبقاء في الأراضي النيجرية.
في حين انتقدت إنسا جاربا سيدو، الناشطة المحلية التي تساعد حكام النيجر العسكريين في اتصالاتهم، الجهود الأمريكية لإجبار المجلس العسكري على الاختيار بين الشركاء الاستراتيجيين.
وأضافت سيدو في حديث لوكالة "أسوشيتد برس": "لا يمكن للقواعد الأمريكية والموظفين المدنيين البقاء على الأراضي النيجرية لفترة أطول".
وعقب رحلتها في ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، إنها أجرت "مناقشات جيدة" مع قادة المجلس العسكري ودعتهم إلى تحديد جدول زمني للانتخابات مقابل استعادة العلاقات العسكرية والمساعدات، مضيفة أن واشنطن حذرت نيامي من إقامة علاقات أوثق مع روسيا.
وكانت مالي وبوركينا فاسو المجاورتان اللتان شهدتا انقلابين منذ عام 2020، لجأتا إلى موسكو للحصول على دعم أمني، وعلق كاميرون هدسون، الذي عمل في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ووزارة الخارجية في أفريقيا، إن مثل هذه الخطوات تظهر تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة، وإن النيجر غاضبة من محاولة واشنطن الضغط على المجلس العسكري للابتعاد عن روسيا.
وتعد النيجر بمثابة قاعدة حيوية في المنطقة للجيش الأمريكي، ما يسمح للبنتاغون بإجراء مهام استخباراتية ومراقبة استطلاعية في مناطق الاضطرابات المجاورة مثل مالي وبوركينا فاسو.