حذرت السفارة الأمريكية في القدس، الخميس 11 أبريل/نيسان 2024، موظفيها وعائلاتهم من السفر خارج المدن الكبرى في إسرائيل، وذلك على خلفية الوضع السياسي القائم في المنطقة، في إشارة إلى المخاوف من هجوم إيراني محتمل على إسرائيل بعد قصف الاحتلال قنصلية طهران في العاصمة السورية دمشق قبل أيام.
وجاء في بيان صدر عن السفارة الأمريكية في القدس: "من باب الحذر الشديد، يُمنع موظفو الحكومة الأمريكية وأفراد أسرهم من السفر خارج مناطق تل أبيب الكبرى والقدس وبئر السبع حتى إشعار آخر". وأضاف: "يُسمح لموظفي الحكومة الأمريكية بالمرور بين هذه المناطق الثلاث للسفر الشخصي".
وتابع بيان السفارة: "رداً على الحوادث الأمنية الأخيرة ودون إشعار مسبق، يجوز للسفارة الأمريكية تقييد أو منع موظفي الحكومة الأمريكية وأفراد أسرهم من السفر إلى مناطق معينة في إسرائيل (بما في ذلك البلدة القديمة في القدس) والضفة الغربية".
أمريكا تحذر موظفيها في إسرائيل
بيان السفارة الأمريكية قال كذلك: "تذكّر سفارة الولايات المتحدة في القدس المواطنين الأمريكيين بالحذر وزيادة الوعي الأمني الشخصي، حيث إن الحوادث الأمنية غالباً ما تقع دون سابق إنذار، ولا تزال البيئة الأمنية معقدة ويمكن أن تتغير بسرعة تبعاً للوضع السياسي والأحداث الأخيرة".
وأبدت الولايات المتحدة مخاوفها من قيام إيران بتوجيه ضربة صاروخية وشيكة على إسرائيل، رداً على مقتل قائد رفيع في الحرس الثوري نتيجة غارة إسرائيلية في العاصمة السورية دمشق، مطلع الشهر الجاري.
في سياق موازٍ قالت مصادر إيرانية إن طهران نقلت لواشنطن أنها سترد على الهجوم الإسرائيلي على سفارتها في سوريا على نحو يستهدف تجنب تصعيد كبير، وأنها لن تتعجل وذلك في وقت تضغط فيه إيران لتحقيق مطالب تتضمن إحلال هدنة في غزة.
وقالت المصادر إن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان نقل رسالة إيران إلى واشنطن أثناء زيارة يوم الأحد لسلطنة عُمان التي كثيراً ما توسطت بين طهران وواشنطن.
وأحجم متحدث باسم البيت الأبيض عن التعليق على أي رسائل من إيران، لكنه قال إن الولايات المتحدة نقلت لإيران أنها لم تشارك في الهجوم على السفارة.
ولم يتسن بعد الحصول على تعليق من وزارة الخارجية الإيرانية. ولم ترد الحكومة العمانية بعد على أسئلة أُرسلت عبر البريد الإلكتروني أثناء عطلة عيد الفطر.
وكلاء إيران في الشرق الأوسط
قال مصدر مطلع على معلومات استخباراتية أمريكية إن لا علم له بالرسالة المنقولة عبر سلطنة عمان، وذكر أن إيران "كانت واضحة جداً" بأن ردها على الهجوم على مجمع سفارتها في دمشق سيكون "منضبطاً" و"غير تصعيدي" ويشمل خططاً "باستخدام وكلاء بالمنطقة لشن عدد من الهجمات على إسرائيل".
وتشير الرسائل الدبلوماسية إلى نهج حذر تتبعه إيران في وقت تحسب فيه كيفية الرد على هجوم الأول من أبريل/نيسان على نحو يردع إسرائيل عن الإقدام على أعمال أخرى كهذه لكن يتفادى تصعيداً عسكرياً قد تنجر إليه الولايات المتحدة.
وقال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الأربعاء، إن إسرائيل "يتعين أن تُعاقب، وستُعاقب"، وإن ما حدث يعد هجوماً على الأراضي الإيرانية. ولم تؤكد إسرائيل مسؤوليتها عن الهجوم، لكن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قالت إن إسرائيل مسؤولة.
ويمثل الهجوم الذي أسفر عن مقتل جنرال إيراني كبير تصعيداً كبيرا في أعمال العنف التي انتشرت في المنطقة منذ بدء حرب غزة. وتجنبت طهران بحذر أي دور مباشر في التداعيات الإقليمية، لكنها دعمت الجماعات التي شنت هجمات من العراق واليمن ولبنان.
ولم تهاجم الفصائل الشيعية المدعومة من إيران القوات الأمريكية في سوريا والعراق منذ أوائل فبراير/شباط.
ولم يستبعد أحد المصادر الإيرانية احتمال مهاجمة أعضاء من محور المقاومة المدعوم من إيران إسرائيل في أي لحظة، وهو خيار أشار إليه محللون باعتباره أحد الوسائل المحتملة للرد.
تقليل التصعيد
قالت المصادر إن أمير عبد اللهيان أشار خلال اجتماعاته في عُمان إلى استعداد طهران لتقليص التصعيد بشرط تلبية مطالب تتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار في غزة، وهو ما استبعدته إسرائيل في سعيها لسحق حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
كذلك فقد قالت المصادر إن إيران تسعى أيضاً إلى إحياء محادثات برنامجها النووي المثير للجدل. وتوقفت هذه المحادثات منذ نحو عامين بعد أن تبادل الجانبان اتهامات بتقديم مطالب غير معقولة.
وأضافت المصادر أن طهران طلبت أيضاً ضمانات بألا تتدخل الولايات المتحدة إذا نفذت إيران "هجوماً منضبطاً" على إسرائيل، وهو مطلب رفضته الولايات المتحدة في ردّها عبر عمان.
وقال المصدر المطلع على معلومات استخباراتية أمريكية إن الضربات الانتقامية الإيرانية ستكون "غير تصعيدية" تجاه الولايات المتحدة لأن الإيرانيين "لا يريدون أن تتدخل الولايات المتحدة"، وإن إيران لن توجه الفصائل التابعة لها في سوريا والعراق لاستهداف القوات الأمريكية في تلك الدول.
من جانبه قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الأربعاء، إن إيران تهدد بشن "هجوم كبير في إسرائيل"، وإنه أبلغ نتنياهو بأن "لا شك في التزامنا بأمن إسرائيل ضد هذه التهديدات من إيران ووكلائها".
في حين قالت إسرائيل إنها سترد على أي هجوم من إيران وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في تدوينة على منصة إكس باللغتين الفارسية والعبرية الأربعاء: "إذا هاجمت إيران من أراضيها، سترد إسرائيل وتهاجم داخل إيران".