قضت محكمة بريطانية بحكم لمصلحة أسرتين فلسطينيتين رفعتا دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية البريطانية، حيث وجدت محكمة خاصة بالهجرة أنَّ رفض الوزارة النظر في طلبات لمّ الشمل في بريطانيا "غير منطقي وغير معقول" وينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 9 أبريل/نيسان 2024.
حيث حكم القضاة الخميس 4 أبريل/نيسان، لصالح أسرتين فلسطينيتين وجّهتا اتهامات ضد وزارة الداخلية في فبراير/شباط الماضي بعدما رفضت الوزارة طلبات للبتّ في طلبيهما للحصول على التأشيرة قبل تسجيل البيانات الحيوية (البيومترية).
تتطلّب إرشادات التأشيرات الحالية من المتقدمين تسجيل معلوماتهم الحيوية في "مركز تقديم طلبات التأشيرة" قبل تقديم طلب الحصول على التأشيرة. وبما أنَّ مركز تقديم طلبات التأشيرة في غزة مغلق، فإنَّ أقرب مركز آخر يوجد في القاهرة، ويستحيل على الكثير من الفلسطينيين في قطاع غزة بلوغه.
عرقلة طلبات لمّ الشمل في بريطانيا
فيما أظهرت الأسرتان أنَّ الحصول على قرار إيجابي "من حيث المبدأ" كان سيساعدهما على التفاوض على الخروج عبر معبر رفح والسفر إلى مركز تقديم طلبات التأشيرة في مصر، بمساعدة وزارة الخارجية البريطانية والسلطات المصرية، أو عبر دفع رشاوي للهيئات المرتبطة بالدولة المصرية التي سهَّلت تاريخياً عمليات الخروج من غزة.
كما تنص إرشادات وزارة الداخلية البريطانية على أنه لا يمكن تأجيل تقديم متطلبات المعلومات الحيوية إلا في "ظروف استثنائية"، وإذا ما تمكَّن المتقدمون من إظهار أن رحلتهم للوصول إلى مركز تقديم طلبات التأشيرة "غير آمنة".
إحدى الأسرتين، والتي يُشار إليها باسم "ر. م. وآخرون"، هي عبارة عن والدين لديهما طفلان يتقدَّمون بطلب من أجل الانضمام إلى ابنتهم التي تدرس في المملكة المتحدة.
الأسرة نازحة داخلياً جنوبي غزة، وتعيش في شقة مكتظة دون إمكانية للحصول على المياه أو الغذاء أو العلاج الطبي بعدما أجبرهم القصف الإسرائيلي على النزوح من بيتهم. وأبلغت الأسرة عن "اضطراب نفسي حاد"، إذ يشعر أحد أفراد الأسرة بميول "انتحارية"، و"يعجز آخر عن التفوّه ببضع كلمات".
أما الأسرة الثانية، التي يُشار إليها باسم "و. م."، هي عبارة عن أم وأربعة أطفال صغار يتقدمون بطلب من أجل الانضمام إلى أخيها، وهو مواطن بريطاني يعيش في المملكة المتحدة. ونزحت الأسرة داخلياً مرتين، في البداية من منزلها في مخيم جباليا شمالي غزة ثُمَّ من مخيم المغازي في وسط غزة.
لماذا رفضت وزارة الداخلية لمّ الشمل؟
فيما رفضت وزارة الداخلية البريطانية في كلتا الحالتين طلبات الأسرتين من أجل إصدار قرار بشأن طلبيهما دون تقديم المعلومات الحيوية مسبقاً على أساس أنَّ ظروفهما ليست "مختلفة جوهرياً عن الناس الآخرين في غزة" أو "مقنعة لجعلهم استثناءً". وخلصت المحكمة إلى أن هذه القرارات تمثل "تدخلاً غير متناسب" في "حقهم في احترام الحياة الخاصة والعائلية".
لكن لا يزال أمام الأسرتين طريق طويل تخوضانه في عملية الحصول على التأشيرات.
حيث صرَّحت جوليان هايدر، وهي محامية في "مشروع إسلنغتون القانوني"، والتي وجَّهت الاتهامات لوزارة الداخلية بالاشتراك مع "مشروع قانون المهاجرين" التابع لمؤسسة "إغاثة طالبي اللجوء" (Asylum Aid): "كان علينا أن نتقاضى حتى مرحلة متقدمة للغاية فقط من أجل استصدار قرارات من وزارة الداخلية".
كما أضافت: "من الآن فصاعداً، هناك مراحل إضافية في العملية، بما في ذلك تقديم طعون في حال رفضت وزارة الداخلية طلبات (الحصول على التأشيرة). إنها عملية طويلة ومعقدة في وقتٍ كل ما يريده ويحتاجه موكلونا في غزة هو تلبية طلبهم بصورة عاجلة من أجل اللحاق بأقاربهم في المملكة المتحدة".
بينما وجدت المحكمة أيضاً أن توجيهات وزارة الداخلية تنتهك المادة الثامنة من اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية، فبما أن الخطر على الحياة في غزة بهذا الشكل، فإن رفض وزارة الداخلية نظر طلبيّ الأسرتين يهدد بإحباط لمَّ شملهما مع عائلتيهما.
يأتي الحكم عقب توقيع رسالة من جانب ما يقارب 60 مؤسسة خيرية وشركة قانونية ومنظمة، بينها "مجلس اللاجئين" في بريطانيا، تدعو وزارة الداخلية لإنشاء برنامج لحصول الفلسطينيين في غزة على التأشيرة على غرار برنامج مماثل للأوكرانيين "من أجل حماية الحياة البشرية والحق في جمع شمل الأسرة حتى يكون من الآمن للفلسطينيين أن يعودوا".