قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية، في تقرير نشرته، السبت 7 أبريل/نيسان 2024، تسعى إدارة بايدن جاهدة لوضع اللمسات الأخيرة على المكونات الأساسية لخطتها لإنشاء رصيف عائم قبالة ساحل غزة لتجهيز عمليات توصيل المواد الغذائية، وغيرها من المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، مع اقتراب المجاعة، في حين يشكك بعض المسؤولين الأمريكيين في ما إذا كانت هذه العملية العسكرية ضرورية.
إنشاء رصيف عائم قبالة ساحل غزة
بحسب راديو The Voice of America، من المقرر أن تصل 4 سفن تابعة للجيش الأمريكي، نُشِرَت من جنوب شرق فرجينيا في منتصف مارس/آذار، إلى شرق البحر المتوسط في غضون أيام إلى ساحل القطاع. لكن تطورات الظروف المحيطة بالحرب أثارت حالة جديدة من عدم اليقين بشأن كيفية تنفيذ هذه الجهود.
ومن بين التحديات القائمة، الوضع الأمني غير المستقر في المنطقة، حيث أثار تعهد إيران بالرد على الغارة الإسرائيلية القاتلة على مجمع دبلوماسي في سوريا مخاوف من أن يواجه الأفراد الأمريكيون المنتشرون بالمنطقة مخاطر متزايدة. ونفى المسؤولون الأمريكيون تورط واشنطن في الهجوم، لكن طهران تؤكد أنَّ الولايات المتحدة، باعتبارها الداعم الرئيسي لإسرائيل، "يجب أن تخضع للمحاسبة".
وهناك متغير آخر يتمثل في الهجوم الإسرائيلي الأخير على قافلة إنسانية تابعة للمطبخ المركزي العالمي، الذي أسفر عن مقتل سبعة من عمال الإغاثة. وقد أدت هذه المأساة إلى تعقيد الجهود الأمريكية للوصول إلى ترتيب يضمن توزيع ما يُقدَّر بنحو 2 مليون وجبة سيفرغها الرصيف العائم يومياً.
ويقول المسؤولون إنَّ هناك أيضاً عدم وضوح بشأن مدى السرعة التي يمكن أن تفي بها إسرائيل بوعدها، الذي أعلنته يوم الخميس، 4 أبريل/ نيسان 2024، تحت ضغط من إدارة بايدن، لفتح ميناء إسرائيلي ومعبر حدودي إضافي إلى شمال غزة حتى يمكن إدخال المزيد من المساعدات.
تحذيرات بخصوص رصيف غزة
أحد المسؤولين الأمريكيين، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، ليكون صريحاً بشأن المداولات الداخلية للإدارة في هذا الشأن، لخص المأزق بهذه الطريقة: "نحن نبني الطائرة، بينما نحلق فيها".
وحذّر مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية من أنه من السابق لأوانه التكهن بما إذا كانوا سيفشلون في استخدام الرصيف البحري في نهاية المطاف، لكنه أقر بأنَّ خطة توزيع الغذاء لا تزال غير مستقرة. وقال هذا المسؤول إنَّ واشنطن توصلت إلى الخطة الأمنية للرصيف من حيث المبدأ، إذ أكدت القوات الإسرائيلية لنظرائها الأمريكيين أنها ستوفر حماية كبيرة له.
وقال مسؤول دفاعي آخر، إنَّ عملية بناء الرصيف مستمرة، على الأقل في الوقت الحالي، لكنه تساءل عما إذا كانت التوقعات الأولية ستصمد. وبعد أن أعلن الرئيس بايدن عن الخطة خلال خطابه عن حالة الاتحاد في مارس/آذار، اقترح البنتاغون أنَّ الرصيف يمكن أن يكون قيد الاستخدام لعدة أشهر. ورغم هذه التوقعات، أشار مسؤول الدفاع إلى أنَّ هذا الجدول الزمني سيفقد أهميته إذا أتيحت وسائل أخرى لتوصيل المساعدات.
لكن لم يتفق مسؤول أمريكي كبير آخر مع هذا الرأي، قائلاً إنَّ الرصيف سيظل يتمتع بفائدة "بالتأكيد".
وأوضح هذا الشخص: "للوصول إلى هذا الحجم من المساعدات التي نعتقد أنها ضرورية، سيتطلب الأمر اتباع نهج شامل؛ لذلك لن نحتاج إلى الطرق الأرضية فحسب، بل سنحتاج أيضاً إلى الرصيف البحري لبعض الوقت".
ويزداد تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة؛ حيث يواجه الناس الجوع الشديد، بينما أعلنت منظمة الصحة العالمية أنَّ أجزاءً من القطاع الفلسطيني يمكن أن تتجه إلى مجاعة كاملة بحلول شهر مايو/أيار. ويعني هذا التقييم أنَّ الكثير من الناس ليس لديهم طعام تقريباً؛ مما يدفع بهم إلى المجاعة والموت.
وقال المسؤولون الأمريكيون إنَّ ما يقرب من 1000 فرد أمريكي سيبنون الرصيف العائم وجسراً بطول 1800 قدم (0.548 كيلومتر) يخرج منه مساران لربط الرصيف بنقطة عند الشاطئ، يؤمنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي. ومن غير المتوقع أن ينزل أي من أفراد الخدمة الأمريكية إلى الشاطئ، لكن من المحتمل أن يكونوا على الجسر، مما يضعهم في نطاق صواريخ المسلحين وأشكال الهجوم الأخرى. ومن المتوقع أن تبدأ العمليات في الأول من مايو/أيار تقريباً.
وقُتِل نحو 200 من عمال الإغاثة في الضفة الغربية وغزة منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب الأمم المتحدة. وكان الهجوم على المطبخ المركزي العالمي مزعجاً تحديداً؛ لأنَّ عمال الإغاثة كانوا ينسقون مسارهم مع الجيش الإسرائيلي مسبقاً.
مجاعة في غزة
في الوقت نفسه، واصلت منظمات دولية تحذيراتها من الوضع المأساوي الذي يعيشه سكان قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل من 6 أشهر، حيث بات نصف سكان غزة معرضين لخطر مجاعة وشيكة، بينما وصل الأمن الغذائي بغزة إلى مرحلة حادة، نتيجة العدوان الذي قتل بسببه أكثر من 13 ألف طفل.
المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، جيمي ماكغولدريك، قال الأحد 7 أبريل/نيسان 2024، إن "الوضع في قطاع غزة كارثي بكل ما في الكلمة من معنى".
كما أضاف المسؤول الأممي: "نصف سكان غزة معرضون لخطر مجاعة وشيكة، وسوء التغذية بين أطفال غزة وصل إلى مستويات غير مسبوقة".
من جهتها، قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) إن التدهور السريع لحالة الأمن الغذائي في قطاع غزة وصل إلى مرحلة حادة، وسط ظهور مؤشرات على حدوث مجاعة في شمال قطاع غزة.
إلى ذلك، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل، السبت 6 أبريل/نيسان، إن حجم ووتيرة الدمار في قطاع غزة "صادمان". وفق ما جاء في منشور على حساب المنظمة الأممية عبر منصة "إكس".
مواطنون من غزة ينتظرون المساعدات/ الأناضول
حيث أكدت راسل أن "حرب غزة تسببت في مقتل أكثر من 13 ألف طفل وإصابة عدد لا يُحصى من الأشخاص". وطالبت المسؤولة الأممية "بوقف إطلاق النار في غزة الآن".
كما قالت إن "المنازل والمدارس والمستشفيات مدمرة"، وحذرت راسل من أن "المجاعة في غزة وشيكة"، وأشارت إلى أن "الحرب تسببت في مقتل معلمين وأطباء وعاملين في المجال الإنساني".
جراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاماً.
بينما خلَّفت الحرب عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".