طالبت منظمة وورلد سنترال كيتشن الخيرية، أو ما يعرف بـ"المطبخ المركزي العالمي"، الجمعة 5 أبريل/نيسان 2024، بأن تحقق لجنة مستقلة في مقتل موظفي الإغاثة التابعين لها في غارة جوية إسرائيلية على غزة، وقالت إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن يحقق بنفسه بشكل موثوق فيه في "فشله"، وذلك بعد أن خلص تحقيق إسرائيلي في مقتل سبعة من موظفي الإغاثة إلى ارتكاب أخطاء جسيمة وانتهاكات للإجراءات من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي.
مقتل موظفي الإغاثة في غزة
منظمة المطبخ المركزي العالمي قالت في ردها على نتائج التحقيق الإسرائيلي، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أقر بمسؤوليته عن الهجوم المميت على قافلة الإغاثة في غزة و"يتخذ إجراء تأديبياً بحق قادته، وهذه خطوات مهمة للمضي قدماً"، وأشارت إلى أنه بدون تغيير منهجي ستحدث إخفاقات عسكرية أخرى ومزيد من الاعتذارات ومزيد من الأسر المكلومة.
كان تحقيق إسرائيلي في مقتل سبعة من موظفي الإغاثة في غارة جوية في غزة قبل أيام قد خلص إلى ارتكاب أخطاء جسيمة وانتهاكات للإجراءات من جانب جيش الاحتلال الاسرائيلي؛ ما أدى إلى قرار بإقالة ضابطين وتوبيخ قادة كبار رسمياً.
وخلص التحقيق إلى أن القوات الإسرائيلية اعتقدت خطأ أنها تقصف مركبات تقل مسلحين من حركة حماس، عندما قصفت الطائرات المسيرة السيارات الثلاث التابعة لمنظمة وورلد سنترال كيتشن الخيرية، لكن الإجراءات المتبعة في العمليات انتهكت.
مقتل سبعة من موظفي الإغاثة في غارة
قال جيش الاحتلال: "نأخذ على محمل الجد الحادث الخطير الذي أودى بحياة 7 عمال إغاثة أبرياء، ونعرب عن حزننا للخسارة وأن استهداف عمال الإغاثة نتج عن خلل وخطأ في التحديد واتخاذ القرار بشكل مخالف لأوامر إطلاق النار".
قال كذلك إنه تقرر تنحية قائد إسناد برتبة رائد وضابط برتبة عقيد نتيجة التحقيق الداخلي الذي أجراه جيش الاحتلال، وقرّر توبيخ قائد لواء الجنوب وقائد الفرقة 162 وقائد لواء بسبب استهداف فريق المطبخ المركزي، وأشار جيش الاحتلال إلى أن نتائج التحقيق الداخلي تظهر أنه كان من الممكن منع حادث استهداف فريق المطبخ الدولي، مضيفاً: "سنتعلم الدروس من الواقعة ونأخذها في الاعتبار في العمليات الجارية".
يأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه إسرائيل، الخميس 4 أبريل/نيسان 2024، إنها ستعدل أساليبها الحربية في غزة بعد مقتل سبعة من العاملين في مجال الإغاثة في ضربات أقر الجيش بأنها خطأ كبير وتعهد بنشر نتائج التحقيق سريعاً.
وأثارت واقعة يوم الإثنين غضب الغرب بسبب تزايد عدد القتلى المدنيين في القطاع الفلسطيني، خاصة مع سقوط مواطنين من أستراليا وبريطانيا وبولندا وشخص يحمل الجنسيتين الأمريكية والكندية في الهجوم على قافلة تابعة لمنظمة ورلد سنترال كيتشن الخيرية.
وتقول الأمم المتحدة إن 196 عامل مساعدات على الأقل قُتلوا في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول.
وعبر القادة الإسرائيليون عن أسفهم عما وصفوه بخطأ جسيم في تحديد قافلة المنظمة ليلاً داخل منطقة قتال معقدة.
وقال الطاهي خوسيه أندريس، مؤسس وورلد سنترال كيتشن، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف القافلة "بشكل ممنهج" رغم علمه بتحركات موظفي المنظمة.
ورداً على طلب للتعليق، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، راكيلا كارامسون في إفادة صحفية: "كان هذا غير مقصود". وأضافت: "من الواضح أن هناك خطأ ما حدث، وبينما نعرف المزيد ويكشف التحقيق ما حدث بالضبط وسببه، فسنقوم بالتأكيد بتعديل ممارساتنا في المستقبل للتأكد من عدم حدوث ذلك مرة أخرى".
وقالت إن نشر نتائج التحقيق قد يستغرق أسابيع. لكن المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري قدم موعداً أقرب كثيراً.
كما قال هاغاري، في بيان أذاعه التلفزيون، إن تقريراً للمحققين قُدم لرئيس الوزراء ووزير الدفاع الخميس. وأضاف: "أعتقد أنه وبعدما عرضنا ذلك على سفراء الدول المعنية وأعضاء منظمة وورلد سنترال كيتشن، فإننا سنعلن ذلك بنهج واضح وشفاف، وسيحدث ذلك قريباً".
شن ضربات جوية
من جانبه، قال يسرائيل زيف، وهو جنرال متقاعد بالجيش كان يقود فرقة غزة في السابق، إن سبب الحادث ربما يعود لزيادة عدد الضباط الأصغر الذين سمح لهم الجيش بأن يعطوا أوامر شن ضربات جوية.
أوضح زيف أنه في الفترات الأهدأ تحتاج مثل هذه العملية لضوء أخضر من قائد فرقة أو لواء، لكن "يتغير الوضع تماماً في وقت الحرب؛ لأن عدد التهديدات لا ينتهي أبداً".
وأضاف: "إذا لم تسمح للرتب الأقل بمساحة أكبر في إطلاق النار، فإنك تعرض القوات والحرب للخطر".
وأشار زيف إلى أن إسرائيل تحارب من أجل تدمير القدرة العسكرية لحماس وحرمانها من المساعدات الإنسانية المرسلة إلى غزة. وقال لرويترز: "هذا يعقد الوضع".
وفي خطوة أولية للتكفير عن مقتل موظفي وورلد سنترال كيتشن، قالت إسرائيل إنها ستنشئ غرفة تنسيق عملياتية مشتركة مع وكالات الإغاثة الإنسانية، على أن تكون داخل القيادة الجنوبية للجيش؛ حيث تتم إدارة المهام في غزة بشكل مباشر.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي، شريطة عدم نشر اسمه، إن عدد القوات البرية في غزة انخفض إلى حوالي ربع ما كانت عليه في ذروة الغزو، وإنها تركز على المزيد من المهام المحددة وتأمين المناطق التي جرى احتلالها.
وأضاف: "ربما ساهم هذا في الشعور بالضعف. تفضل القوات أن تكون في حالة هجوم بدلاً من أن تكون ثابتة وربما عرضة للهجوم أو ترى العدو يعمل بحرية نسبياً".
وأوضح قائلاً: "التحقيق يجب أن يحدد، من بين أمور أخرى، ما إذا كان هذا النوع من التفكير قد أثر على من قرر قصف القافلة".
جدير بالذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرباً مدمرة على غزة بدعم أمريكي، خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وفق مصادر فلسطينية، ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى "إبادة جماعية".