حالة من الجدل أثارها المسلسل الإجتماعي التشويقي "صلة رحم" الذي قام ببطولته إياد نصار وناقش من خلاله فكرة تأجير الأرحام، وقدم من خلاله رحلة شخص عاند القدر ليلقى مصيره المحتوم في النهاية، مسلسل أثار الكثير من الجدل بسبب قصته الشائكة، ولم يكن هناك حديث على منصات التواصل الإجتماعي المختلفة الأيام الماضية سوى عنه وعن تفاصيل مشهد النهاية الذي نال إهتمام خاص جانب الجمهور.. حول المسلسل وشخصياته ونجاحه والصدى الكبير الذي حققه، تحدثنا مع بطل المسلسل إياد نصار في حوار خاص لـ "عربي بوست".
نريد أن نبدأ بالحديث عن نهاية المسلسل التي اختلف عليها الجمهور، لماذا قام الدكتور حسام الذي تجسد شخصية بقتل فرج ومات بعدها؟ البعض رأي أن قتله مبالغ فيه.. فما رأيك ؟
نحن نتحدث هنا عن "حسام" الذي يحمي أسرته بطريقته الخاص، والحماية تأخذ أكثر من شكل، وقد يصل الأمر للقتل من أجل تحقيق تلك الحماية، وأن يصل الإنسان لمرحلة القتل فهو قد فقد إنسانيته، وحسام قتل في لحظة هو مقتنع فيها بأنه يحمي إبنه، فهو يعلم "فرج" جيداً ويعلم تاريخه وأنه كان في السجن وسبب سجنه وأنه خارج من السجن من أجل الإنتقام، لذلك فقد اتخذ قرار قتل فرج لأنه كان مغيب تماماً فقد كان في تلك اللحظة لا يرى سوى أنه يحمي إبنه، وهذة كانت أقصى مرحلة قد يصل لها "حسام" وعندما وصل لتلك اللحظة انتهى كإنسان وخسر كل شيء.
هل الضغوط التي تعرض لها طوال مشواره من أجل الحصول على طفل هي ما جعلته مغيباً ولا يفكر في حل بديل سوى القتل ؟
لقد أصبح مهوس بفكرة حماية الطفل، وتفكيره منصب على أن هذا الطفل لابد أن يأتي للدنيا، وسيمنع أي شيء يعطل تلك الفكرة، حتى لو كانت زوجته هي التي تقف في وجه الفكرة، ونحن سمعنا أغرب جملة في الدراما في هذا الموقف، عندما قالت له أن هذا الطفل "لازم ينزل"، وعادة ما نسمع تلك الجملة من الزوج ولكن هذة المرة سمعناها من الزوجة، وقد رفض الأمر، فقد كان على إستعداد ليقف في وجه أي أحد ليحقق هذا الحلم.
لماذا كانت نهاية حسام مأساوية بالموت مقتولاً؟ لماذا لم ينتهى المسلسل بسجنه أو بأي عقاب أخر أقل مأساوية من الموت؟
الموت ليس عقاب، لو كان الموت عقاب لكان من نصيب أشخاص معينين، العقاب هو خسارته بأنه رأي ابنه ثم مات، ففي الدراما كل شخصية يكون لها أهداف، وتلك الأهداف تواجه العديد من المعوقات، وتكون تلك المعوقات عبارة عن أشخاص أخرين يريدون نفس تلك الاهداف أو عكسها، والسؤال الذي نطرحه هو متى تنتصر شخصية "حسام"؟، تنتصر لو كان مع زوجته "ليلى" ومعهم الطفل في منزلهم، ولكن متى يخسر؟، عندما يخسر زوجته أو الطفل أو نفسه، وعندما تعرض للموت فهو قد خسر نفسه، وقد كان هذا تعبير بصري عن خسارته لنفسه جسدياً، وخسر أن اللحظة التي عاشها مع التي مرت سريعاً، لذلك كانت هذة النهاية المنطقية، هناك جزء رأي أن النهاية عادلة وأخرين رأوا العكس، وكانت الفكرة النهائية أن حسام خرج من تلك المعركة مهزوماً، مع أنه حقق ما يريد ولكن رغبته أوصلته للهزيمة، وفي النهاية المشاهد يقرأ النهاية كيفما يريد، وليس دور الفن أن يجيب على أي شيء هو فقط يطرح الموضوع، فالرسالة في الفن ليس من المفترض أن تكون مباشرة، ولكن الرسالة تكون مجموعة من الأسئلة نطرحها من خلال العمل.
كيف رأيت مشهد النهاية، كمشاهد وليس كبطل العمل، بين يسرا اللوزي وأسماء أبو اليزيد عندما تواجها أمام حجرة الطفل في المستشفى بما يوحي ببداية صراع بينهما ؟
أنا رأيت أن هذة بداية وليست نهاية لأن كل ما حدث كان صناعة لتلك المشكلة التي ستظهر وهي أن هناك أمين للطفل، فمن هي أمه، الدين قالت كلمته في تأجير الأرحام بأن هذا الفعل حرام، والقانون أعتبره إتجار بالبشر، فحسام مات ولكنه ترك وراءه مشكلة أكبر من التي فعلها وهو موجود.
هل ترى أن مشهد النهاية يفتح باب لجزء جديد من المسلسل حول فكرة الصراع بين الأمين ؟
لا أعلم فأنا لن أكون موجوداً به، "مازحاً" إلا لو قمت بدور آدم الصغير بضفيرتين.. أعتقد أنه لن يتم عمل جزء ثان للعمل، ولكن أعتقد أنه موضوع من الممكن أن يأتي صناع عمل أخرين يناقشوه مرة أخرى بطريقة أخرى مختلفة.
نعود لبداية المسلسل.. تقدمون عمل يناقش قضية شائكة للدين والقانون رأي فيها، فكيف كان التحضير للأمر في البداية حتى لا تقعون في أخطاء ؟
أهم شيء في بداية أننا كصناع عمل منذ أول لحظة مؤمنين بفكرة أننا لا نريد استفزاز المشاهد، بالعكس نحن نريد المشاهد، لذلك كان هدفنا طرح الموضوع كما هو ألا نغفل الجانب الديني ورأي القانون في هذة المشكلة، ونحن نقول أن الدين قال كلمته ولا نستفز الجمهور، ولكن نحن نريد أن نرى تجربة حسام الذي سمع عن هذة التجربة وقرر أن يكملها، فنحن نتحدث عن شخص سمع عن تأجير الأرحام وعرف رأي الدين والقانون فيها وبالرغم من ذلك قرر أن يكملها للنهاية، فسنرى كيف هي هذة التجربة، ورأي الدين كان حاضر طوال الوقت في أكثر من شخصية بالمسلسل مثل والدة حسام أو زياد شقيق ليلى، فهو خالف كل ذلك وأكمل طريقه ورأينا نهاية الرحلة.
هل كنت تتوقع هذا النجاح القوي للمسلسل وأنت تقرأ السيناريو في البداية؟ خاصة وأنه تم عرضه في موسم مليئ بالمسلسلات والمنافسة خلاله صعبة ؟
في البداية هذا النجاح القوي شيء من عند الله، ولكن في صناعة المشروع نعمل على توفير كل العناصر الحقيقية للمشروع، وكلما كانت تلك العناصر منسجمة فهي تصل للجمهور بسهولة، وأنا والمخرج تامر نادي كان بيننا انسجام كبير، بالإضافة إلى المؤلف محمد هشام عبية الذي استطاع تطوير إقتراحاتنا داخل النص ليعيد إنتاجها بشكل أفضل، وهو شخص بخلفية شخصية وهو ما أضاف لنا أكثر لأنه يهتم بالبحث والتفاصيل ولديه القدرة على إنتاج حوار دائب، فكل هذة عناصر توفرت داخل العمل تؤكد أننا نقدم عمل سيصل للناس كما كنا نشعر به، فكل ما كان يهمنا تقديم مشروع بضمير وإخلاص، وكل الأدوار كان أصحابها يقدمونها بإخلاص وحب وتبني للمشروع وليس مجرد أنه عمل، سواء يسرا اللوزي أو أسماء أبو اليزيد أو محمد جمعة.
نريد أن نغوص داخل تفاصيل شخصيات المسلسل أكثر.. حسام كان يحب زوجته "ليلى" ولا يريد أن يبتعد عن حبه القديم "جيهان" ويريد طفل من "حنان".. لماذا كل هذة الأنانية في شخصيته ؟
حسام نفسه لا يرى أنه أناني، يضيف مازحاً "أنا خرجت من شخصية حسام شوية بس كنت ممكن أتخانق معاك على الجملة دي".. ممكن أن يتم تفسير هذا الأمر على أنه أنانية ولكن من فينا ليس أناني مع حلمه؟، ولكن المشكلة أن يكون أناني ومؤذي، فهو لم يكن يرى أنه مؤذي، ولكنه كان يرى أنه أذى أهم شخص في حياته، زوجته ليلى، فهو كان يريد أن يفعل أي شيء ليكفر عن ذنبه ويعوضها، وهذة كانت وجهة نظره، وهو يرى أنه يحب ليلى لدرجة أن مصلحته من الممكن أن تنجزها له جيهان مقابل أن يقول له بحبك فهو سيفعل ذلك، فهو كان يبرر كل ذلك لنفسه، فهو يحب زوجته وممكن أن يفعل أي شيء لأجلها وعلى حساب أي شخص أخر، فقد كان يتبع مبدأ ميكافيلي بان الغاية تبرر الوسيلة.
شعرنا أن شخصيات المسلسل كلهم لديهم غلطات كبيرة في حياتهم، بما يشعرك بأن الجميع يعيشون حياتهم بشكل خاطئ، فما السبب ؟
الشخصيات التي في المسلسل كلها رمادية، لا تستطيع أن تحكم عليها بالسلبية أو الإيجابية، فهي كلها مدفوعة بمبررات ودوافع مختلفة، والعمل يسلط الضوء على تلك النوعية من الشخصيات، والشخصيات الإيجابية أوقات تكون مملة ولا تصنع دراما، ودعنا نقول أن الشخصيات الإيجابية نحن نحافظ عليها فدعهم كما هم في المجتمع، نحن نريد تسليط الضوء على الشخصيات السلبية، وهذا هو دور الدراما، ان تتكلم عن هذا الأمر وتصلحه، وكما يقول تاركوفسكي "الفن موجود طالما العالم غير رائع"، فعندما يصبح العالم جيداً فالفن لن يكون له فائدة.
لماذا فكرة التسامح في المسلسل كانت قليلة بين أبطال العمل ؟
لأن هذة هي الحقيقة، نحن أصبحنا نحكم على بعضنا دون أن نراعي فكرة الظرف، فأنت تسامح عندما تضع نفسك مكان الأخر وتستوعب ظرفه فتسامحه، ولكن نسبة كبيرة منا تحولت إلى الحكم على الأشخاص من الخارج دون مراعاة ظروفه، بدون مراعة الضغوط التي أوصلته لتلك المنطقة أو الظروف التي جعلته يسلك هذا السلوك، فلكس تستوعب الشخص الأمر لابد أن تفهم، وعندما تفهم تسامح.
هل كانت شخصية "حسام" متعبة؟ وكيف خرجت منها؟
بالفعل الشخصية كانت متعبة جداً، ولكني لم أخرج منها حتى الآن.. ليس بشكل كامل، مازالت تترك بعض التأثير، هناك تمارين معينة، وبعض الراحة ولكن لم أبدأ فيها حتى الآن.
وما الذي تفعله لتخرج من الشخصية، ما نوعية تلك التمارين ؟
هي تمارين لها علاقة أكثر بالتأمل، بعض التمارين الرياضية، ساعات نوم معينة، بالإضافة إلى أن هذا النوم يكون في ظلام تام، وهناك ما يسمى بالإيحاء الذاتي.. موسيقى معينة استمع إليها.
وانا لست دائماً أقدم الشخصيات بتلك الطريقة، لأنها ترهقني بشدة، ولكن أوقات لابد أن تقدم الشخصية بتلك الطريقة، وحسام كان من تلك الشخصيات التي لابد أن اتبع معها تلك الطريقة
ما الأعمال التي تتابعها في رمضان والتي جذبتك أكثر ؟
أتابع كل الأعمال، عندما أي أي عمل سواء كان جيد أم لا أعلم تماماً حجم المجهود المبذول فيه، لا أستطيع أن أراه بعين محايدة، ومتفهم جداً لفكرة أن الجميع يعمل ولديه فكرة النجاح ويريد أن يقدم عمل هام وكبير، وهذة رغبة أي فنان، لذلك لا أستطيع أن أقول أنني أشاهد عمل على حساب الأخر أو أفضل هذا العمل عن أعمال أخرى.
إذا قلنا كمشاهد وليس كفنان يتحدث عن زملائه.. ما أكثر عمل أعجبك ؟
للأسف لا أستطيع أن أكون مشاهد، أتمنى ذلك، ولكنني محروم من أن أكون مشاهد، فمن يعمل في تلك المهنة لا يعرف أن يكون مشاهد، ليس فقط عندما يشاهد أعمال زملائه، حتى الأعمال الأجنبية التي لا يعرف الممثلين العاملين فيها، حتى في تلك الحالة نجلس لنشاهد حركة الكاميرا وتقنية الممثل في العمل وبراعة المؤلف، نهتم بأمور أخرى، نحن محرومين من أن نكون مشاهدين نستمتع بالعمل.
وكيف تقضي يومك في رمضان ؟
في العادي أنا شخص "بيتوتي" جداً، أجلس في المنزل فترات طويلة وأقضي الوقت مع أولادي، وأحب القراءة في الصباح، وفي رمضان يكون أغلب الوقت ما بين عزومات متبادلة ما بين الأقارب والأصحاب.. ويختم ضاحكاً "أنا بيجامة أوي".