نشرت قناة "الجزيرة" الفضائية، الأربعاء 27 مارس/آذار 2024، مشاهد مروعة توثق لحظة إعدام جنود الاحتلال الإسرائلي بدم بارد، عدداً من الفلسطينيين غربي قطاع غزة، بينما كانوا يحاولون العودة إلى منازلهم في الشمال.
وتُظهر اللقطات المروعة التي وثقتها عدسة كاميرا التقطت المشاهد من مسافة بعيدة، كيف يختبئ مجموعة من الجنود خلف آليات عسكرية ويصوبون الرصاص في اتجاه فلسطينيين، وهم في طريقهم إلى العودة إلى بيوتهم قرب شارع الرشيد، معتقدين أنه الطريق الآمن نحو الشمال.
ويظهر من خلال المشاهد أن الفلسطينيين الذي أعدموا رفعوا رايات بيضاء، بل منهم من توجه صوت الجنود ليقدم نفسه، لكنه أعدم بالرغم من ذلك.
ولم يكتفِ جنود الاحتلال بالإعدام فقط، فمن أجل إخفاء معالم الجريمة، عمدت مجموعة من الجرافات إلى جرف أجساد وجثامين الفلسطينيين المعدمين، بطريقة مهينة وغير إنسانية، وتم تكديسهم في الأزبال والحجارة.
وتأتي هذه مشاهد إعدام فلسطينيين بغزة، لتؤكد ما أشارت إليه آخر التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي تشير إلى أن الاحتلال ارتكب ما هو أكبر من جرائم الحرب في قطاع غزة.
كما تأتي كذلك، بعد تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أفاد بأن الاحتلال أعدم 13 طفلاً فلسطينياً بدم بارد وأمام عائلاتهم بمستشفى الشفاء، أصغرهم لم تتجاوز سنُّه ست سنوات.
إعدام فلسطينيين بغزة
الثلاثاء 26 مارس/آذار 2024، أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنه وثّق إفادات بشأن إعدام قوات الاحتلال الإسرائيلي أطفال غزة بمستشفى الشفاء ومحيطه، في الوقت الذي أكدت فيه خبيرة في الأمم المتحدة أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.
في بيان له بالمناسبة، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: "وثقنا إفادات بإعدام جيش الاحتلال 13 طفلاً فلسطينياً في مستشفى الشفاء ومحيطه بمدينة غزة خلال أسبوع".
كما أكد أنه تلقى "إفادات وشهادات متطابقة بشأن جرائم إعدام أطفال غزة، تتراوح أعمارهم بين 4 و16 سنة".
إلى جانب ذلك، وثق المرصد "إعدام قوات الاحتلال الطفلين علي إسلام صلوحة (9 سنوات)، وسعيد محمد شيخة (6 سنوات)، بدم بارد أمام أعين عائلتيهما وسكان المنطقة بعد استهدافهما بالرصاص الحي بشكل متعمد".
كذلك، أكد المرصد أن "بعض الأطفال قُتلوا في أثناء محاصرتهم من قبل جيش الاحتلال مع عوائلهم داخل منازلهم، وآخرين خلال محاولتهم النزوح في مسارات حددها لهم الجيش مسبقاً، بعد أن أجبرهم على النزوح من منازلهم وأماكن سكنهم".
كما أكد أن "حالات إعدام أطفال غزة الموثقة تمثل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي، وضمن ذلك القانون الدولي الإنساني، وبما يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قائمة بحد ذاتها، وتأتي في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ ستة أشهر".
كما شدد على أن "جيش الاحتلال ارتكب- وما زال- جرائم مروعة بشكل منهجي خلال عملياته العسكرية منذ أكثر من أسبوع داخل مستشفى الشفاء ومحيطه، وضمن ذلك عمليات قتل عمد وإعدام خارج نطاق القانون والقضاء ضد المدنيين الفلسطينيين".
مقررة أممية: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية
في سياق متصل، قالت فرانشيسكا ألبانيز المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إنها تعتقد أن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ترقى إلى حد الإبادة الجماعية، ودعت الدول إلى فرض عقوبات وحظر أسلحة فوراً.
ألبانيز أضافت أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، وهي تعرض تقريرها المعنون بـ(تشريح إبادة جماعية): "من واجبي رسمياً الإبلاغ عن أسوأ ما يمكن للبشرية أن تفعله، وأن أقدّم النتائج التي توصلت إليها".
كما قالت: "أجد أسباباً منطقية لاعتقاد أن الحد الأدنى الذي يشير إلى ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين كمجموعة في غزة، قد استُوفي"، مشيرة إلى مقتل ما يزيد على 30 ألفاً من الفلسطينيين.
ثم أضافت: "أدعو الدول الأعضاء إلى الوفاء بالتزاماتها، التي تبدأ بفرض حظر على الأسلحة وعقوبات على إسرائيل، ومن ثم ضمان عدم تكرار ذلك في المستقبل".
والإبادة الجماعية، وفقاً لتعريف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 التي صدرت في أعقاب القتل الجماعي لليهود في المحرقة النازية، هي "الأفعال المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".
وعبرت دول عربية مثل قطر والجزائر وموريتانيا، عن دعمها للنتائج التي توصلت إليها ألبانيز، وقلقها إزاء الوضع الإنساني.
وألبانيز واحدة من عشرات الخبراء المستقلين في مجال حقوق الإنسان المفوضين من الأمم المتحدة لتقديم التقارير وتقديم المشورة بشأن موضوعات وأزمات محددة، وآراؤها لا تعكس الرأي الرسمي للهيئة العالمية.
وخلّفت الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً وكارثة إنسانية ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين؛ ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".