يسود قلق كبير داخل المؤسسة الأمنية في إسرائيل من تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة وتدهور مكانة إسرائيل الدولية بسبب العدوان المتواصل للاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين، ما تسببت في توتر العلاقات بين إسرائيل وأقرب حلفائها، وفق ما ذكرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية، الثلاثاء 26 مارس/آذار 2024.
الصحيفة قالت إن الجيش الإسرائيلي لا يكفُّ عن إغراق الجمهور الإسرائيلي بآخر المستجدات والصور من الحرب في غزة، لكن التركيز تحول من ساحة المعركة إلى تطورات مهمة أخرى. إذ تهيمن على المشهد الآن العلاقة المتوترة بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية.
فقد تصاعد هذا التوتر حين اختارت الولايات المتحدة الامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) مع قرار في مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، ما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إعلان قرار غير مسبوق بإلغاء إرسال وفد دبلوماسي إلى واشنطن.
حسب الصحيفة الإسرائيلية تتركز انتقادات الإدارة الأمريكية للحرب في ثلاث نقاط رئيسية: الصعوبات في تقديم المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، والإفراط في قتل المدنيين، وتهديدات نتنياهو المتكررة باحتلال رفح.
فيما تتمحور الأزمة الجديدة حول قرار مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين 25 مارس/آذار يدعو إلى وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان والإفراج الفوري عن الأسرى لدى حماس. على أن هذا المقترح لم يرضِ إسرائيل لأنه لم يربط بين الخطوتين ربطاً وثيقاً. وتوقع نتنياهو أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض.
على أنه حين تبين ظهيرة ذلك اليوم أن الأمريكيين يعتزمون الامتناع عن التصويت للمرة الأولى، أصدر مكتب رئيس الوزراء تهديداً غير اعتيادي: الوزير رون ديرمر ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي لن يذهبا إلى واشنطن.
على أن التهديد الإسرائيلي لم يغير موقف الرئيس الأمريكي. وبدا أن بايدن سيتدبر أمره دون الزيارة. لكن السؤال الآن كيف ستتدبر إسرائيل أمرها. ففي المؤسسة الأمنية يسود قلق كبير من تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة وتدهور مكانة إسرائيل الدولية.
كما أوضحت الصحيفة أن الخوف الذي يتقاسمه جميع المسؤولين الكبار هو أن إسرائيل في بداية عملية ستستمر لسنوات وسيكون من الصعب جداً إيقافها. وهذا قد يعرض إسرائيل للمقاطعة، وتسليم ضباطها إلى العدالة في لاهاي، وجمود العلاقات مع الدول الصديقة.
في المحادثات مع نظرائهم الإسرائيليين، يشكو المسؤولون الأمريكيون من أنهم لا يفهمون ما يريده رئيس الوزراء. لكن الحقيقة أن ما يريده نتنياهو واضح تماماً. إذ إن الاستمرار في مسيرته السياسية أصبح الآن قيمة عليا له. ولو أن استمرار الحرب، حتى رغم تنامي الاتهامات لإسرائيل بانتهاك قوانين الحرب الدولية، هو ما سيضمن بقاءه في السلطة، فهو مستعد لذلك تماماً.
كما قالت الصحيفة إن أي إجراء سيكون مباحاً، وحتى تأجيل جديد في تنفيذ صفقة أسرى. ويثير هذا السلوك شكوكاً متنامية بين معظم أعضاء حكومة الحرب تجاه تحركات نتنياهو بخصوص العلاقات مع الولايات المتحدة والعملية المخطط لها في رفح والمفاوضات حول الصفقة.
كما أضافت أن نتنياهو نجح في إثارة غضب إدارة بايدن، والحكومات الصديقة الأخرى في الغرب غير مرة طوال 15 شهراً هي عمر الحكومة اليمينية المتطرفة التي أسسها نهاية عام 2022. واشتد الاستياء في الغرب من الحرب في غزة، خاصة وأن نتنياهو رفض مناقشة التسويات السياسية في اليوم التالي للحرب.