قالت السلطات الليبية إنها ستحقق في مزاعم تفشي سوء الإدارة في المؤسسة الوطنية للنفط في البلاد، وقال مسؤولون ليبيون لصحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 25 مارس/آذار 2024، إن تفاقم أنشطة تهريب النفط الليبي أسهم في تأجيج الحرب الأهلية في السودان.
ومن المفترض أن يبدأ محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، تحقيقاته هذا الأسبوع، ويشمل نطاق التحقيقات تقصي أنشطة تهريب الوقود المنتشرة، وأبرز المستفيدين منها.
متهمة بتزويد ميليشيات الدعم السريع بالوقود
تتنوع الاتهامات بين تضخم النفقات والفساد المؤسسي، إلا أن نطاقها لا ينحصر في الداخل الليبي، فقد أشار مسؤولون إلى أن أنشطة تهريب النفط الليبي أمدَّت ميليشيات الدعم السريع بالوقود في قتالها الدائر مع الجيش السوداني، وقد أبرز هذه المسألة تقرير قُدّم حديثاً إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كما أن بعض عوائد التهريب تؤول بطريق غير مباشرة إلى قوات مجموعة فاغنر المدعومة من روسيا، التي تغير اسمها الآن إلى "الفيلق الأفريقي".
على الرغم من أن ليبيا دولة غنية بالنفط، فإنها تستورد معظم احتياجاتها من الوقود؛ لأن مصافيها المحلية الصغيرة لا تنتج ما يكفي لتلبية الاحتياجات المحلية. وتبيع الحكومة الوقود المستورد بأسعار مدعومة دعماً كبيراً، إذ غالباً ما يُباع البنزين بخصمٍ يصل إلى 90% عن سعر السوق. وتُباع زيوت الوقود، التي تشمل زيت التدفئة وزيت الديزل والوقود الثقيل، بسعر يقل في المتوسط بنحو 70% عن تكلفة شراء الحكومة لهذه الزيوت.
ونقلت صحيفة "الغارديان" عن مسوؤلين ليبيين قولهم إن ما يصل إلى 40% من الوقود المستورد -الذي يُباع مدعوماً، وتبلغ قيمته مليارات الدولارات- يُصدَّر بعد بيعه ويُهرَّب إلى خارج البلاد بغرض الربح.
خطاب من محافظ مصرف ليبيا المركزي بشأن تهريب النفط
خرجت مزاعم الفساد إلى العلن بعد أن أرسل محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق عمر الكبير، رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء الليبي في طرابلس، عبد الحميد الدبيبة، ينتقد فيها تضخم الإنفاق الحكومي. ومنذ ذلك الحين، أسفر التراشق بين الرجلين بشأن المالية الليبية عن كشف بعض الملامح عن مزاعم فساد ترعاه الدولة.
فيما أشار محافظ البنك المركزي إلى أن نحو مليوني شخص مدرجون على رواتب القطاع العام، وأن رواتب القطاع العام وحده تمثل 60%من الإنفاق العام. وقد ارتفع الدعم، وخاصة دعم الوقود، من 20.8 مليار دينار (4.3 مليار دولار أمريكي) في عام 2021 إلى نحو 13 مليار دولار في عام 2022. وقال إن هذه البيانات تكشف عن "خلل وتشوه وسوء إدارة في دعم المحروقات"، وأنه لم يتلقّ أي إجابة مقنعة عن أسباب هذا الارتفاع.
وتساءل الكبير مستنكراً: "كيف يعقل استخدام احتياطي الدولة لشراء لتر المحروقات بدولار، وإعادة بيعه بـ3 سنتات لتستفيد منه عصابات التهريب".
الدبيبة يرد
في المقابل، ردَّ الدبيبة قائلاً إنه لا توجد أزمة اقتصادية، ورفض الدعوات لفرض ضريبة بنسبة 27%على صفقات النقد الأجنبي لخفض قيمة الدينار. وقال إن المالية العامة في وضع قوي، وهو رأي رفضه الكبير، قائلاً إن البلاد تواجه عجزاً كبيراً في الميزانية.
من جهة أخرى، تقول المصادر إن معظم الوقود المستورد يأتي من روسيا، ويبيعه المهربون بطرق غير قانونية إلى أوروبا بأرباح كبيرة،
وقال مسؤول ليبي: "ترعى مجموعة فاغنر تهريب هذا الوقود عبر الحدود إلى السودان. إذا أغلقنا الحدود بين ليبيا والسودان للحصول على الوقود، فإن الحرب في السودان ستنتهي. إنها ليست حرباً بين قوى لديها قدرات تكنولوجية متقدمة، كما هو الحال في أوكرانيا. إنها حرب على النمط القديم بسيارات الدفع الرباعي، وإذا غاب الوقود ستنتهي الحرب".