أثار قرار رسمي أعلن عنه المغرب الجدل، بعدما قررت المملكة نزع ملكية 3 عقارات موجودة بالرباط، ومملوكة للجمهورية الجزائرية، منها مقر سفارة الجزائر في المغرب القديمة، وعللت قرارها بـ"المنفعة العامة"، الأمر الذي أثار استياء الجزائر.
وردّت الجمهورية الجزائرية على قرار نزع ملكية 3 عقارات ببيان أصدرته الخارجية قالت إنها "سلوكيات استفزازية وعدائية تجاهها"، متوعدة بالرد عليها بكل الوسائل التي تراها مناسبة.
القصة الكاملة لنزع الملكية
بتاريخ 13 مارس/شباط 2024، نشر المغرب في العدد 5811 من الجريدة الرسمية الخاصة بالإعلانات القانونية والقضائية والإدارية، قرار نزع ملكية 3 عقارات مملوكة لدولة الجزائر، بعدما صادقت الحكومة على مشروع قرار صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية.
وقال المغرب إن سبب نزع ملكية هذه المباني المملوكة لدولة الجزائر جاء بعرض توسعة مبانٍ إدارية لفائدة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج الكائنة بجماعة الرباط.
وكشف موقع "الصحيفة" المغربي أن هذه العقارات الثلاث كانت هدية قدمها الملك الراحل الحسن الثاني للجزائر في ثمانينيات القرن الماضي، كعربون محبة عقب عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وقصر المرادية.
وسنة 1988، الذي شهد تطبيع العلاقات بين البلدين ولقاء بين الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد بعد 12 سنة من القطيعة السياسية على خلفية نزاع الصحراء، قرر ملك المغرب إهداء الجزائر المباني.
وأكد المصدر نفسه أن الملك الراحل الحسن الثاني، وكعربون محبة وصلح، وتزامناً مع تأسيس اتحاد المغرب العربي بمدينة مراكش، الذي شكل البلدان أبرز أركانه في السنة الموالية، أمر وزارة الخارجية المغربية بإهداء هذه العقارات اللصيقة بها للدولة الجزائرية.
وأضاف المصدر الإعلامي نفسه، أن الجزائر قايضت العقارات الهدية بين سنتي 2007 و2008، بأرض أخرى تبلغ أكثر من 5000 متر مربع على مستوى طريق زعير وبالضبط في شارع محمد السادس، الذي انتقلت إليه مجموعة من البعثات الدبلوماسية للدول الكبرى.
وأشار المصدر نفسه إلى أن "عقارات تعود للمملكة المغربية أهدتها للجزائر في وقت سابق مجاناً، قبل أن تبرم معها اتفاقاً على إخلائها ومقايضتها بمقرات أكبر وأوسع بمنطقة طريق زعير".
وحسب الوثيقة التي نشرها موقع "هسبريس" المغربي، فإن قرار نزع الملكية من أجل المنفعة العامة لم يكن أحادي الجانب، ولكن كان بعد مراسلات بين الخارجية المغربية، والقنصلية الجزائرية في مدينة الدار البيضاء.
وفي الوثيقة نفسها، تعهدت القنصلية الجزائرية في الدار البيضاء إعداد تقييم مالي وعقاري للقسم القنصلي الملحق بالمقر القديم للسفارة الجزائرية بالرباط، تمهيداً لعملية "إفراغه".
وأكد أن الأمر لا يتعلق بمقر سفارة الجزائر ولا مقر إقامة السفير، مشيراً إلى أن الخارجية المغربية قامت بإجراءات مماثلة مع مقار دبلوماسية أجنبية أخرى لتوسعة مقرها.
احتجاج الجزائر
احتجّت الجزائر على إدراج الحكومة المغربية 3 مبانٍ مملوكة للدولة الجزائرية ضمن قائمة العقارات التي ستُنتزع ملكيتها لتوسيع وزارة الخارجية، واعتبرت الأمر "مرحلة تصعيدية جديدة وسلوكيات استفزازية".
وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية في بلاغ لها أن مشروع مصادرة مقرات تابعة لسفارة الدولة الجزائرية في المغرب يمثل "انتهاكاً صارخاً لحرمة وواجب حماية الممثليات الديبلوماسية للدول السيّدة".
وأشار المصدر نفسه إلى أن الجزائر ستردّ على ما وصفتها بـ"الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة، كما أنها ستلجأ إلى كل السبل والطرق القانونية المتاحة، لاسيما في إطار الأمم المتحدة، بغرض ضمان احترام مصالحها".
وأشارت وزارة الخارجية الجزائرية في بلاغها أن "المشروع المغربي يتعدى بشكل جسيم على الالتزامات المنبثقة عن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، والتي تفرض على المغرب احترام حماية السفارات الموجودة على أراضيه في كل الأوقات وتحت جميع الظروف".
وأدانت الجزائر في نفس البلاغ ما وصفته بـ"عملية السلب المتكاملة الأركان"، واعتبرت أن ذلك يخالف" توافقات وواجبات الالتزامات التي ينبغي أن تتحملها بكل صرامة ومسؤولية أي دولة عضو في المجموعة الدولية".
الملك محمد السادس هو من اشترى المقر
من جهتها، كشفت مصادر لموقع "الصحيفة" المغربي أن الملك محمد السادس هو الذي تبرّع شخصياً ومن ماله الخاص بحوالي 5000 متر مربع لتشييد السفارة الجزائرية الجديدة في طريق زعير.
وأضافت مصادر الموقع المغربي أن الخطوة التي قام بها الملك محمد السادس هي عربون مودة لهذه العلاقات التي كان ينتظر أن تسير في الاتجاه الصحيح في عهده، وهو الذي ما لبث "يمد يده للحوار والصلح ورفض القطيعة".
وكشف موقع الصحيفة أنه بعد الانتهاء من بناء وتشييد السفارة الجزائرية في مكانها الجديد وهو أكبر من المقر الأول بأكثر من 10 مرات، طلبت الخارجية المغربية من الجزائر إخلاء المقر القديم وتسليمه للمغرب.
وحسب المصدر نفسه، بالفعل انتقلت البعثة الدبلوماسية إلى مقرها الجديد في طريق زعير لكنها بالمقابل تلكأت في تسليم العقارات الأولى على الرغم من الاتفاق المبرم والمسبق سلفاً بين الطرفين إلى أن وصلنا إلى 16 سنة من العرقلة.
من جهته، كشف مصدر دبلوماسي مغربي لوكالة فرانس برس أن وزارة الخارجية المغربية تقدمت لدى السلطات الجزائرية عام 2022 بطلب لشراء مبنى تابع لها مجاور لمقر الوزارة.
وأضاف المصدر نفسه أن الطلب جاء على أساس أن المقر بقي شاغراً منذ تغيير مقر السفارة الجزائرية في الرباط إلى منطقة طريق زعير في مدينة الرباط، وذلك في إطار مشروع لتوسعة مكاتب الوزارة.
وأضاف المصدر أن المغرب دبّر هذا المشروع بكل شفافية وفي تواصل دائم مع السلطات الجزائرية، مشيراً إلى أنها ردت على الطلب المغربي، لكن العملية مجمدة حالياً، حتى لا يتصرف المغرب بمنطق التصعيد.
وﻳﺘﻢ ﻧﺰع اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻷﺟﻞ اﻟﻤﻨﻔﻌﺔ العامة في المغرب ﺑﺤﻜﻢ ﻗﻀﺎﺋﻲ، من طرف الدولة واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ والأشخاص اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﻴﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺣﻜﺎم اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم أو اﻟﺨﺎص من أجل القيام بأشغال ذات منفعة عامة.
وليست المرة الأولى التي ينتزع فيها المغرب ملكية أحد المقرات الدبلوماسية فوق أراضيه، إذ سبق أن طبق مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة على مقر السفارة السابقة للولايات المتحدة الأمريكية