كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست"، أنَّ الأردن يسعى لإيجاد ممر بري أردني دائم لشاحنات المساعدات الإنسانية إلى جنوب قطاع غزة، بديلاً عن الإنزالات الجوية، بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي ومع السلطة الفلسطينية ومصر بهذا الخصوص.
حول الممر البري الأردني إلى غزة، فإنه بحسب المصادر، جرى اجتماع أمني بين الأردن والمخابرات المصرية والمخابرات الفلسطينية بقيادة ماجد فرج، الأسبوع الماضي، لبحث إمكانية فتح هذا الممر بالتنسيق مع الجانب الأمريكي-الإسرائيلي، وكيفية توزيع المساعدات بعد وصولها إلى معبر كرم أبو سالم، ومن يشرف عليها ويقوم بتأمينها وتوزيعها على الناس.
قالت المصادر إنّ الأردن قدّم تصوراً كاملاً حول الممر البري لحكومة الاحتلال، إلا أن موافقة تل أبيب لا تزال معلقة بخصوصه، إذ لا يزال اليمين الإسرائيلي يبدي معارضته لفتح الممر البري الأردني، معبراً عن رفضه تحكم حكومة غزة بالمساعدات.
ماجد فرج من جانبه عرض على المسؤولين الأردنيين أن يكون هناك دور للسلطة الفلسطينية في توزيع المساعدات، من حيث الإشراف وتوزيع المساعدات جنوبي غزة، بعيداً عن حكومة حماس.
مسار الممر البري الأردني إلى غزة
كشفت المصادر أيضاً أنَّ المساعدات الإنسانية المقرر إرسالها إلى غزة لا تزال مكدسة في مخازن الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية في منطقة ماركا-عمان الشرقية.
عن كمية المساعدات التي ستدخل من خلال الممر البري الأردني، قالت المصادر إنها "سيتم إدخالها على دفعات متتالية، بواقع 20 إلى 50 شاحنة في كل دفعة".
أما الجهة المسؤولة فهي "الهيئة الهاشمية، كجهة وحيدة مخولة بإرسال الدعم الإنساني إلى غزة، والمنسق الأساسي للكثير من دول العالم بالتعاون مع القوات المسلحة وسلاح الجو الأردني بإرسال المساعدات إلى غزة".
حول مسار الممر البري من الأردن إلى غزة، أوضحت أنه تم اعتماده لمرور شاحنات المساعدات براً من الأردن إلى غزة من معبر الشيخ حسين، ثم الاتجاه جنوباً في الأراضي المحتلة في صحراء النقب، وصولاً إلى معبر العوجة، حيث تخضع لعمليات التفتيش، وبعدها إلى معبر كرم أبو سالم.
يصل طول الممر البري من الأردن إلى غزة 240 كلم، ويستغرق نحو 3 ساعات ونصف الساعة للوصول، إضافة إلى ساعة أخرى بسبب التفتيش وعمليات التنزيل والتحميل.
ويرتبط الأردن بالأراضي المحتلة بثلاثة معابر، هي الشيخ حسين (غور الأردن)، وجسر الملك حسين (ألنبي من الجانب الإسرائيلي)، ووادي عربة (إسحاق رابين كما يسميه الاحتلال).
وبالنسبة للجهة المستقبلة للشاحنات بعد وصولها إلى معبر كرم أبو سالم، فإن الأردن يريد ذهابها إلى مستودعات وكالة الأونروا في غزة.
خلاف حول الجهة المستقبلة للمساعدات
كان الأردن قام بإرسال مساعدات من خلال الممر البري الأردني ذاته، في 20 ديسمبر/كانون الأول 2023، و8 يناير/كانون الثاني 2024، بما مجموعه 72 شاحنة بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، وذلك لمرتين فقط، الأمر الذي دفعه لدراسة فتح بشكل دائم لإرسال المساعدات إلى غزة.
بعد وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وصل حينها قسم منها إلى رؤساء البلديات التابعة لحركة حماس، عبر التنسيق مع الأمم المتحدة، وقسم منها يذهب لصالح المستشفى الميداني العسكري الأردني في غزة ليقوم بتوزيعها.
وقالت المصادر إن خلافاً حصل في الاجتماع الأمني، بما يتعلق بفتح الممر البري الأردني بشكل دائم للمساعدات إلى غزة.
وأكدت المصادر أن الأردن "ليس لديه إشكالية في تسلم شخصيات محسوبة على حماس على مستوى رؤساء البلديات، تمهيداً لتوزيعها على سكان القطاع، ولكن من خلال تفعيل دور الأونروا أيضاً".
بحسب مصادر مطلعة على الاجتماع الأمني بين الأردن ومصر والسلطة، على إثر اقتراح إرسال فريق إماراتي ومعه مجموعة تابعة للقيادي الفلسطيني محمد دحلان لتوزيع المساعدات، بعيداً عن حركة حماس، أو إشراف السلطة الفلسطينية من خلال ماجد فرج رئيس الاستخبارات الفلسطينية.
الأردن يرفض دور دحلان وماجد فرج ويريد الأونروا
لكن موقف الأردن كان مختلفاً في اللقاء، مفضلاً تفعيل دور الأونروا بما يتعلق بتوزيع المساعدات، وبالتنسيق مع رؤساء البلديات في غزة بهذا الخصوص.
بشأن أسباب ذلك، قال عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية محمد أحمد الروسان، في تصريحات لـ"عربي بوست"، إن "الأردن يتحفظ على الدور الإماراتي في تشكيل قوة أمنية بعيدة عن بيروقراطية حماس، وفكرة إنشاء ميناء عائم في غزة".
وقال إن "فريقاً إماراتياً ذهب إلى العريش، ومعه مجموعة تابعة للقيادي الفلسطيني محمد دحلان لتوزيع المساعدات، بعيداً عن حركة حماس، لكنّ موقف الأردن كان ضاغطاً باتجاه ترك هذه المهمة للأونروا".
وأكدت المصادر أن ماجد فرج طلب من الأردن أن يكون هناك دور للسلطة الفلسطينية في توزيع المساعدات التي ستأتي من خلال الممر البري الأردني، الأمر الذي كان نقطة خلاف مع الأردن.
بديل عن الإنزالات الجوية
أفاد الروسان أيضاً بأن الأردن يقرّ بأنّ الإنزالات الجوية الأردنية الأخيرة لقطاع غزة قليلة وبلا فائدة، كاشفاً أنّه يعمل بالتنسيق مع الجانبين الأمريكي والإسرائيلي لفتح الممر البري الأردني.
وقال إن هناك 2000 شاحنة جهزتها السلطات الأردنية، التي تجري اتصالات مع واشنطن بضرورة فتح الممر البري الأردني إلى غزة، لإدخالها عبر الأغوار الجنوبية والوسطى الأردنية، ومن ثمّ إلى بئر السبع، وصولاً إلى المعابر الفلسطينية، معبر كرم أبو سالم ومعبر رفح.
وأكد أن المساعدات التي سبق أن وصلت براً من الأردن دخلت من خلال دور الأونروا، وعبر التنسيق مع حكومة حركة حماس لتوزيع المساعدات عبر رؤساء بلدياتها، إلى جانب وجود دور للمستشفى الميداني في غزة.
لماذا الممر البري الأردني؟
أكدت المصادر الرسمية المطلعة، لـ"عربي بوست"، أنّ الأردن يسعى للقيام بدور في نقل المساعدات وتأمينها إلى أهالي القطاع براً، بما يصب في جهود منع مخطط التهجير من خلال تجويع الناس، فغياب المساعدات العاجلة والكافية للفلسطينيين قد يدفع بهم إلى الدول المحيطة.
في حين أشار وسيم الخالدي، أحد المسؤولين في المجلس الوطني الفلسطيني، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إلى أن "إسرائيل تسعى أن تكون دول عربية مسؤولة عن الملف الفلسطيني بخصوص المساعدات، منها الأردن ومصر والإمارات".
وأشار إلى أنه "منذ بداية الحرب على قطاع غزة وجهود الأردن تتزايد، حيث كانت مقتصرة بداية الحرب على المستشفى الميداني الأردني، ومن ثمّ التوزيع على بعض المؤسسات الدولية لتوزيعها على العائلات من خلال معبر كرم أبو سالم".
أضاف أنه "بعد رفض ومنع إسرائيل استمرار دخول المساعدات براً من الأردن، قام الأخير بعمليات إنزال جوي إلى حين يتم فتح المعبر البري الأردني بشكل رسمي"، وفق قوله.
عن التنسيق الأردني-المصري بما يتعلق بالممر البري، قال الروسان، إن "العلاقات بين الجانبين من تحت الطاولة باردة، على خلفية الموقف المصري من إغلاق معبر رفح".
وقال إن "الأردن حاول الضغط على الجانب المصري لإدخال المساعدات والشاحنات المتكدسة في المعبر خشية سيناريو تهجير الفلسطينيين، إلا أنّ المصريين رفضوا ذلك بحجة أنّ هناك توجداً للجنة الثلاثية الأمريكية-الإسرائيلية-المصرية، هي من تقرر ذلك"، مشيراً إلى أن "الرئيس الأمريكي جو بايدن قال علناً إنّ من يرفض إدخال المساعدات عبر معبر رفح هي مصر".
ضغوط من خلال واشنطن
بشأن فتح المعبر البري الأردني إلى غزة أفادت المصادر لـ"عربي بوست"، بأن الأردن يحاول أن يضغط على الحكومة الإسرائيلية من خلال واشنطن، بأهمية فتحه.
وأفادت بأنه "على مستوى الإغاثة والوضع الإنساني والمساعدات الطبية والغذائية، إضافة إلى نقل المصابين والجرحى لمعالجتهم قدر الإمكان، فإن إيجاد ممر بري للشاحنات الأردنية يذهب من الأراضي الأردنية إلى جنوب قطاع غزة مباشرة، فكرة ناقشها الأردن مع الجانب الأمريكي، الذي لم يُبدِ معارضته لها".
بهذا الخصوص علقت المصادر بالقول: "لذلك يراهن الأردن على مسألة ممارسة واشنطن الضغط على تل أبيب لفتح الممر البري".
يشار إلى أن الأردن قام بالعديد من الإنزالات الجوية للمساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة، الأمر الذي قوبل بكثير من الانتقادات بسبب عدم كفايتها، وكمياتها القليلة التي تقدر بحمولة نحو شاحنتين فقط، والاتهام بأنها "استعراضية".
كذلك تسببت بعض الإنزالات الجوية بوقوع 5 شهداء وجرحى، بسبب أعطال بالمظلات التي تحمل المساعدات الإنسانية، الأمر الذي قال عنه الأردن إنه لم يشارك في الإنزالات الجوية التي شهدت الحوادث التي أدت إلى تلك المأساة.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.