كشف مسؤولون من النيجر والولايات المتحدة السبب الحقيقي وراء إعلان نيامي إنهاء تعاونها العسكري مع واشنطن، وقالوا إن السبب هو اتهام أمريكا المجلسَ العسكري الحاكم في البلاد بالبحث سراً في اتفاق يسمح لإيران بالوصول إلى احتياطيات النيجر من اليورانيوم، وفق ما ذكرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
الصحيفة أوضحت، في تقرير لها، الأحد 17 مارس/آذار 2024، أن هذا القرار ضربة خطيرة لجهود إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الرامية لاحتواء ما وُصف بـ"التمرد الإسلامي الممتد" في منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.
إذ إن القرار ربما تكون له تداعيات على استخدام واشنطن للقاعدة العسكرية التي أنشأتها في النيجر بتكلفةٍ بلغت 110 ملايين دولار، والتي تطلق منها الطائرات المسيَّرة لمراقبة منطقة غرب أفريقيا؛ ويمكن أن يؤدي القرار أيضاً إلى انسحاب أكثر من 600 جندي أمريكي ما زالوا متمركزين في النيجر.
العلاقات بين النيجر والولايات المتحدة
كما أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن المسؤولين الأمريكيين كانوا يبذلون الجهود للإبقاء على علاقة النيجر والولايات المتحدة بعد أن انقلب الجيش على الرئيس محمد بازوم، على الرغم من أن الانقلاب استدعى فرض قيود على المساعدات العسكرية للنيجر بمقتضى القوانين الأمريكية، فضلاً عن أن المجلس العسكري سعى إلى توطيد العلاقات مع روسيا، ومع الجارتين مالي وبوركينا فاسو، اللتين يحكمهما أيضاً قادة عسكريون متحالفون مع موسكو.
لكن مسؤولين أمريكيين وغربيين قالوا إنهم حصلوا في الأشهر الماضية على معلومات استخباراتية تشير إلى أن المجلس العسكري في نيامي يدرس الاتفاق مع إيران على صفقة تفتح الباب أمام وصول طهران إلى بعض احتياطيات اليورانيوم الهائلة في النيجر.
بينما تزايدت المخاوف الأمريكية في أعقاب المناقشات التي دارت بشأن هذا الاتفاق في يناير/كانون الثاني، حين التقى رئيس الوزراء المعين من المجلس العسكري في النيجر، علي الأمين زين، الرئيسَ الإيراني إبراهيم رئيسي ومجموعة من كبار المسؤولين الإيرانيين في طهران.
فيما قال مسؤولون غربيون، في فبراير/شباط، إن المحادثات بين النيجر وإيران وصلت إلى مرحلة متقدمة للغاية. وقال مصدر مطلع إن الطرفين وقعا اتفاقاً مبدئياً يتيح لطهران الحصول على اليورانيوم من النيجر. وأوضح مسؤولان أمريكيان أن الصفقة لم تكتمل بعد.
تصاعد المخاوف الأمريكية
وصلت المخاوف الأمريكية إلى ذروتها خلال الأسبوع الماضي، وسافرت مولي في، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، إلى نيامي لإجراء محادثات مع المجلس العسكري بشأن العلاقات المستقبلية بين البلدين، وسبل "عودة النيجر إلى المسار الديمقراطي".
إذ قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن البعثة شاركت فيها أيضاً سيليست والاندر، المسؤولة الكبيرة بوزارة الدفاع، والجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا.
بينما قال مسؤولون من الولايات المتحدة والنيجر إن مساعدة وزير الخارجية الأمريكي أثارت خلال الاجتماعات مخاوف واشنطن من إبرام اتفاق بين نيامي وطهران، ووصفت المصادر أجواء الاجتماع بأنها كانت شديدة التوتر.
كما قالت إن المسؤولين الأمريكيين انتقدوا عدم إحراز تقدم في العودة بالبلاد إلى سلطة حكومة منتخبة، وأشاروا كذلك إلى مخاوف الولايات المتحدة بشأن الوصول الوشيك لمدربين ومعدات عسكرية من روسيا.
موقف أمريكي "متعالي"
في المقابل، اتهم العقيد أمادو عبد الرحمن، المتحدث باسم المجلس العسكري، في بيانٍ بثَّه التلفزيون الحكومي، الولايات المتحدة بأنها تحاول منع النيجر من اختيار شركائها الدبلوماسيين والعسكريين، وقال إن المسؤولة الأمريكية أبدت "موقفاً متعالياً" خلال المحادثات، وأكَّد أن النيجر لم تدخل قط في صفقة يورانيوم مع إيران.
كما قال عبد الرحمن: "إن حكومة النيجر ترفض الادعاءات الكاذبة التي أطلقتها رئيسة الوفد الأمريكي بشأن توقيع النيجر اتفاقاً سرياً لتصدير اليورانيوم إلى الجمهورية الإيرانية"، وأعلن أن النيجر ألغت اتفاق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة "بأثرٍ فوري"، وأن "الوجود الأمريكي على أراضي جمهورية النيجر أصبح غير قانوني".
فيما امتنع ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية، عن التعليق على أخبار صفقة اليورانيوم المزعومة بين النيجر وإيران، لكنه قال في بيان نُشر على موقع إكس (تويتر سابقاً) إن المسؤولين الأمريكيين يتواصلون مع المجلس العسكري في النيجر، وسيُكشف عن المستجدات "بقدرِ الحاجة".
بينما أوضح أن إعلان النيجر عن قطع التعاون العسكري جاء بعد "مناقشات صريحة شارك فيها مسؤولون كبار في نيامي هذا الأسبوع، وتناولوا فيها مخاوف الولايات المتحدة بشأن المسار الحالي للمجلس العسكري".