اختفى كثير من المفقودين، الذين يقدَّرون بالآلاف، في غزة تحت الأنقاض بعد غارات جوية، فيما يُعتقد أن آخرين احتُجزوا عند نقاط التفتيش الإسرائيلية أثناء فرارهم جنوباً، أو محاولتهم العودة إلى الشمال. وبعضهم غادر يوماً ولم يعد بعدها أبداً، في حين تبحث عائلات المفقودين في غزة عنهم في المستشفيات، ويتصلون بالخطوط الساخنة، وينشرون صورهم عبر الإنترنت على أمل العثور عليهم، وذلك وفق ما نشرت صحيفة The Washington Post الأمريكية في تقرير نشرته، السبت 16 مارس/آذار 2024.
عائلات المفقودين في غزة تبحث عن أبنائها
في حين تلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلاغات بفقدان 5118 فلسطينياً في غزة خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى فبراير/شباط 2024، وأجرت صحيفة The Washington Post الأمريكية مقابلات مع 15 شخصاً فقدوا الاتصال بأصدقائهم وعائلاتهم في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولم يتمكنوا من العثور عليهم إلا في حالتين فقط.
وذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه "يعتقل المشتبه بهم في الأنشطة الإرهابية" ويحقق معهم، ومن يثبت عدم تورطهم يعادون إلى غزة، على أنه لم تُبذل أي محاولات منهجية لتحديد مصير المفقودين، ولم تبدأ وزارة الصحة في غزة إلا مؤخراً في جمع المعلومات عن القتلى والمفقودين.
آلاف الفلسطينيين تحت الأنقاض
في سياق متصل وخلال الهجوم الجوي الإسرائيلي على غزة، يُعتقد أن آلاف الأشخاص حوصروا تحت الأنقاض، وتشير التقديرات إلى وجود حوالي 8000 جثة تحت الأنقاض. لكن جهود الإنقاذ عرقلها نقص المعدات المطلوبة، الأمر الذي كانت تضطر معه الفرق إلى الحفر يدوياً. والكثير من الجثث التي عُثر عليها كانت متحللة ولم يتم التعرف عليها.
تعتقد غادة الكرد أن شقيقها وزوجته وابنتهما صاروا في عداد المفقودين، بعد أن ضرب صاروخ منزلهم في غزة. ورغم رؤية الجيران سيقان بارزة من تحت الأنقاض، لم يتمكن رجال الإنقاذ من انتشالهم بسبب نقص المعدات الثقيلة. ولم تكن العائلة ضمن القتلى في قائمة وزارة الصحة.
وكانت آخر مرة تواصلت فيها غادة عيسى، من مدينة سلفيت في الضفة الغربية، مع شقيقتها وفاء العمور في مدينة غزة، 8 نوفمبر/تشرين الثاني. وكان الجيش الإسرائيلي قصف الحي الذي تقطن به وفاء بالقرب من مستشفى الشفاء، مستهدفاً مقاتلي حماس.
تعليمات بالنزوح جنوب غزة
أثناء الغزو الإسرائيلي لغزة، أعطى جيش الاحتلال الإسرائيلي تعليمات للسكان بالاتجاه جنوباً. وأثناء توجه رائد حلبي، الذي كان يعمل مبرمجاً، مع عائلته جنوباً، اعتقلته القوات الإسرائيلية عند حاجز تفتيش. وقال شقيقه إن هذه كانت آخر مرة رأته فيها عائلته. وتؤكد عائلة رائد أنه لم تكن له أي صلات بجماعات مسلحة.
واتصل شقيقه محمود باللجنة الدولية للصليب الأحمر طلباً للمساعدة، لكن إسرائيل تمنع دخولها إلى مراكز الاحتجاز منذ أكتوبر/تشرين الأول.
ولدى زياد موسى أيضاً صديق، عادل أبو عيشة، اختفى خلال غارة إسرائيلية قبل شهرين، ويشتبه في أنه تعرّض للاعتقال. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على استفسارات بشأن أبو عيشة وحلبي.
وتلقت منظمة هموكيد الحقوقية الإسرائيلية، بلاغات عن 425 من سكان غزة، معظمهم رجال، يعتقد أنهم معتقلون منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول، لكن السلطات الإسرائيلية لم تكشف عن معلومات حول وضعهم.
مخيم النصيرات في غزة
في حين وصل محمود أبو هاني، وهو مغنٍّ من مدينة غزة، بأمان إلى مخيم النصيرات في وسط غزة في بداية الحرب، لكنه اختفى حين حاول العودة إلى منزله في فبراير/شباط 2024. ورحل دون أي متعلقات، وآخر مرة تواصلت فيها معه عائلته كان في منطقة بعد وادي غزة.
وفي حالة أخرى، ضل يوسف، البالغ من العمر 10 سنوات، الطريق عن عائلته عند حاجز نتساريم، لكن غرباء ساعدوه ووصل إلى عائلته في النهاية بعد شهر.
واختفى زياد صباح (23 عاماً) في دير البلح وسط قطاع غزة مطلع فبراير/شباط الماضي، فيما فُقد هيثم (17 عاماً) في رفح بعد خروجه من ملجأ في مدرسة لبيع السجائر في أحد الأسواق.
جدير بالذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".