دعا تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي، الخميس 14 مارس/آذار 2024، إسرائيل إلى إجراء "تصحيحات كبيرة في المسار" لتحقيق سلام دائم مع الفلسطينيين، كما اعتبر أن حكومة بنيامين نتنياهو "لم تعد تناسب احتياجات إسرائيل" بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو التصريح الذي أثار حفيظة حزب "الليكود" الذي ينتمي إليه نتنياهو.
فقد رفض حزب الليكود الإسرائيلي المنتمي إليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الخميس، دعوة تشاك شومر، وقال الحزب إن إسرائيل "ليست جمهورية موز"، وإن سياسة نتنياهو تحظى بتأييد عام كبير.
كما أضاف بيان الليكود "خلافاً لكلمات شومر، فإن الجمهور الإسرائيلي يؤيد الانتصار المبين على حماس، ويرفض أي إملاء دولي لإقامة دولة فلسطينية إرهابية ويعارض عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة".
كذلك، ورد في البيان أنه "من المتوقع أن يحترم السيناتور شومر حكومة إسرائيل المنتخبة، وألا يقوّضها. هذا صحيح دائماً، بل أكثر من ذلك في زمن الحرب".
يأتي ذلك، في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية على إسرائيل، للمطالبة بعدم استهداف المدنيين في قطاع غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية فيه.
تصريح غير مسبوق من شومر تجاه الاحتلال
شومر، الذي يؤيد إسرائيل بقوة منذ زمن، وهو أكبر مسؤول أمريكي يهودي منتخب، قال إن رفض إسرائيل حل الدولتين "خطأ فادح" داعياً المفاوضين في الصراع الإسرائيلي بغزة إلى بذل كل ما هو ممكن لتأمين وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وإيصال المساعدات إلى القطاع.
وأضاف شومر "إذا ظل الائتلاف الحالي لرئيس الوزراء نتنياهو في السلطة بعد أن تبدأ الحرب في الانحسار، واستمر في اتباع سياسات خطيرة وتحريضية تضع المعايير الأمريكية الحالية للمساعدة أمام اختبار، فلن يكون أمام الولايات المتحدة خيار سوى لعب دور أكثر فاعلية في صياغة السياسة الإسرائيلية باستخدام نفوذنا لتغيير المسار الحالي".
ومضى يقول "كدولة ديمقراطية، لإسرائيل الحق في اختيار قادتها، ويجب أن نترك الأمور تحدث دون تدخل. لكن الشيء المهم هو أن يُتاح للإسرائيليين خيار. ويتعين أن يكون هناك نقاش جديد بشأن مستقبل إسرائيل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول".
وأضاف "في رأيي، أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي إجراء انتخابات".
نتنياهو يتسبب في تراجع تأييد واشنطن
في سياق متصل، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الخميس، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يتسبب في خسارة تل أبيب أكبر مؤيديها بالولايات المتحدة، وذلك في منشور لزعيم المعارضة عبر منصة "إكس"، تعقيباً على انتقاد سيناتور أمريكي لسياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي.
كما أضاف لابيد أن "خطاب السيناتور تشاك شومر هو دليل على أن نتنياهو يتسبب في خسارة إسرائيل أكبر مؤيديها في الولايات المتحدة واحداً تلو آخر".
واعتبر أن "الأسوأ من ذلك أنه يفعل ذلك عن قصد".
ثم تابع: "يلحق نتنياهو ضرراً فادحاً بالجهد الوطني لكسب الحرب (على قطاع غزة) والحفاظ على أمن إسرائيل".
وسبق أن أعلن نتنياهو في أكثر من مناسبة، أن تل أبيب لن توقف الحرب على غزة حتى تحقيق 3 أهداف هي: القضاء على حماس، وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لأمن إسرائيل، وهو ما أثار حفيظة واشنطن.
دعم الصهيونية يتراجع في واشنطن
من جانبه، اعتبر الصحفي الأمريكي من أصل يهودي، آرون جيل، أن مستوى الدعم للصهيونية تراجع في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من اليهود الأمريكيين يصفون أنفسهم علنا على أنهم مناهضين للصهيونية.
كما أشار جيل في بيان مكتوب إلى أن استطلاع نشره مركز "بيانات من أجل التقدم" البحثي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أفاد بتأييد أكثر من 60% من الناخبين الأمريكيين وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأكد انخفاض مستوى دعم الصهيونية في الولايات المتحدة، قائلاً: "عدد أكبر من اليهود الأمريكيين الذين رأيتهم من قبل يعرفون أنفسهم بأنهم مناهضين للصهيونية بشكل علني".
ثم أشار جيل إلى أن انخفاض الدعم للصهيونية يؤثر أيضاً على العلاقات الشخصية والعائلية لليهود الأمريكيين.
وزاد الصحفي الأمريكي: "هناك صراعات عميقة بين اليهود الشباب المناهضين للصهيونية، أو الذين انقطعت روابطهم بإسرائيل من جهة، وبين اليهود الأكبر سناً الذين لا يزال لديهم ارتباط عميق بالبلاد (إسرائيل) من جهة ثانية".
وعزا جيل الارتباط الوثيق لليهود المسنين بإسرائيل إلى أنه ينبع في الغالب من الذكريات المؤلمة التي سببتها المحرقة إبان الحرب العالمية الثانية.
وفيما إذا كان تراجع الدعم للصهيونية مستمراً، قال جيل: "هذا الانخفاض سوف يتعمق أكثر، ما دامت هناك حكومة قومية يمينية متطرفة تحكم إسرائيل، فمعظم الأمريكيين من أصل يهودي لا يستطيعون في الحقيقة دعم دولة عرقية ترتكب جرائم حرب وانتهاكات باسمهم".
إلى جانب ذلك، لفت جيل إلى أن هناك خلافات في الرأي حول مصدر الوضع الحالي في غزة، وذكر أن البعض يعتقد أن هذا "الوضع المؤقت" سيتغير مع هزيمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما يرى البعض الآخر أن "الأمر قد تغلغل في الصهيونية".
وأشار إلى أن المجتمع القائم على العرق أو الدين أو الجنس أو التمييز الطبقي هو مجتمع يشوبه العيب، مبيناً أن إسرائيل الحالية دولة تحمل هذه الصفات.
وحول رد فعل اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة على تراجع دعم الصهيونية، ذكر جيل أن هؤلاء الأشخاص يصفون كل من ينتقد الصهيونية بأنه "معاد للسامية".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي، خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، وهو ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".