قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان يوم الثلاثاء 12 مارس/آذار 2024 إن الرئيس الأمريكي جو بايدن لن يدعم أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح لا تحمي المدنيين، مشيراً إلى أن البيت الأبيض لم يرَ بعد خطة لتنفيذ ذلك يمكن الوثوق بها. في الوقت نفسه ندّد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستخدام الجوع في غزة "سلاحاً للحرب"، في خطاب ألقاه الثلاثاء أمام مجلس الأمن الدولي.
بايدن لن يدعم أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح
قال سوليفان إن بايدن يرى أن الطريق إلى السلام والاستقرار في المنطقة "لا يكمن في اجتياح رفح التي يوجد بها 1.3 مليون نسمة دون وجود خطة يمكن الوثوق بها للتعامل مع السكان هناك".
في حين قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: "هذه الأزمة الإنسانية ليست كارثة طبيعية، هي ليست فيضاناً أو زلزالاً، بل من صنع الإنسان"، مطالباً بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المدمر.
ولفت مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى أنه "عندما نتباحث في السبل البديلة لإيصال المساعدات، بحراً أو جوّاً، لا بدّ من ألا يخفى علينا أننا نقوم بذلك لأن المسار البرّي الاعتيادي مغلق. وقد أغلق بطريقة مصطنعة". وأكد أن "تجويع السكان يستخدم سلاحاً للحرب". وأضاف: "في وقت نندّد بالأمر في أوكرانيا، لا بدّ من استخدام التعابير عينها لما يحدث في غزة".
ماكرون يعارض اجتياح رفح
في سياق موازٍ، فقد قال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الرئيس عبر خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن معارضته الشديدة لهجوم عسكري إسرائيلي محتمل على رفح بجنوب غزة.
وأضاف المكتب في بيان: "هذا لا يمكن أن يؤدي إلا إلى كارثة إنسانية أكبر حجماً وإلى نزوح قسري للسكان، وهو ما سيشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان الدولية ويزيد من خطر التصعيد الإقليمي".
الأمم المتحدة ترفض اجتياح رفح
من جهة أخرى قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه لا يجوز السماح بحدوث هجوم إسرائيلي على مدينة رفح الحدودية في قطاع غزة؛ لأنه سيتسبب في خسائر فادحة في الأرواح.
وقال المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان جيريمي لورانس: "إذا شنت إسرائيل هجومها العسكري على رفح، حيث يلجأ 1.5 مليون في ظروف مؤسفة وغير إنسانية، فإن أي هجوم بري على رفح سيتسبب في خسائر فادحة في الأرواح وسيزيد من خطر وقوع المزيد من الجرائم الوحشية". وأضاف: "يجب عدم السماح بحدوث هذا".
هدنة في غزة
في سياق موازٍ، أظهرت مسودة لنتائج القمة التي سيعقدها قادة الاتحاد الأوروبي خلال أيام أن القادة سيطالبون "بهدنة فورية لأسباب إنسانية تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار" في غزة، كما سيحثون إسرائيل على الإحجام عن شن عملية برية في رفح.
وجاء في المسودة التي اطلعت عليها رويترز أن "المجلس الأوروبي يحث الحكومة الإسرائيلية على الإحجام عن القيام بعملية برية في رفح التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني؛ بحثاً عن الأمان ومن أجل الحصول على المساعدات الإنسانية". ويتطلب النص موافقة جميع القادة السبعة والعشرين ليتم اعتماده في القمة المقررة يومي 21 و22 مارس/آذار.
اتهامات لإسرائيل بمنع المساعدات
في سياق متصل فقد سبق أن اتهمت وزارة الخارجية الفلسطينية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "يعطل الإرادة الدولية والأمريكية لإدخال المساعدات ويستخدمها ورقة للمساومة".
وقالت في بيان: "في الوقت الذي يعلن فيه البيت الأبيض أن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم له بعد خطة قابلة للتنفيذ لحماية المدنيين في رفح (جنوب قطاع غزة) يصعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدوانه على شعبنا عامة ويرتكب المزيد من المجازر".
وأضافت الخارجية: "يطل علينا نتنياهو أنه يحتاج لأسابيع أو أشهر لإنهاء حربه، ويطلق أركان الحرب الإسرائيليين المزيد من التهديدات لاجتياح رفح دون إعطاء أي اعتبار للمواقف الدولية والأمريكية المطالبة بضرورة حماية المدنيين وتأمين احتياجاتهم الإنسانية الأساسية".
كما قالت: "هذا يوضح أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في استكمال حرب الإبادة والتهجير، وتصر ليس على المماطلة في ملف الإغاثة الإنسانية وإنما أيضاً على منع إدخال المساعدات لهم؛ خاصة للجياع في شمال قطاع غزة وفي شهر رمضان".
وأضافت الخارجية أن "ملهاة النقاشات والأفكار الدولية بشأن إدخال المساعدات وحماية المدنيين طال أمدها في ظل إعطاء الاعتبارات الأساسية لخطط وبرامج نتنياهو وليست الحاجة الإنسانية الملحة والتي لا تقبل الانتظار لوصول المساعدات للمدنيين".
وتابعت "أن إدخال المساعدات للقطاع يتطلب إجراءً جراحياً استثنائياً يرتقي لمستوى الحاجة الإنسانية، الأمر الذي يمكن تحقيقه وبالسرعة المطلوبة من خلال إدخال الإغاثة عبر المعابر البرية، ريثما يتم إنجاز وتنفيذ الأفكار المساعدة الأخرى".
وفي وقت سابق أعلنت مؤسسة خيرية دولية انطلاق أول سفينة إغاثية لغزة من ميناء لارنكا في قبرص الرومية، في محاولة لفتح ممر بحري لإيصال المساعدات إلى القطاع الذي يرزح تحت الحرب والحصار الإسرائيلي المشدد للشهر السادس.
وذكرت مؤسسة "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية في منشور على منصة إكس، أن السفينة أبحرت وتحمل نحو 200 طن من الطعام، كالأرز والدقيق والبقوليات والخضراوات المعلبة والبروتينات.
ومع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها السادس، تتفاقم معاناة سكان القطاع، ولا سيما مناطق الشمال والوسط، جراء حصار مشدد جعل الغذاء شحيحاً حتى باتوا على حافة مجاعة حقيقية.
وفي محاولة لتدارك الأزمة تواصل دول عربية وأجنبية تعاونها من أجل إنزال المساعدات جواً على مناطق شمال القطاع، إلا أنها تظل غير كافية ولا تسد الاحتياجات العاجلة للفلسطينيين.
جدير بالذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي، خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودماراً هائلاً بالبنية التحتية؛ وهو ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".