كشف تحقيق استقصائي أن شركة عملات مشفرة، كان يقع مقرها في لندن، نقلت أصولاً رقمية تبلغ قيمتها أكثر من 4.2 مليون دولار إلى محفظة عملات مشفرة مملوكة لرجلٍ اتهمته أمريكا بأنه عضو في شبكة روسية لتجارة الأسلحة، وفرضت عليه عقوبات، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 11 مارس/آذار 2024.
التحقيق الذي أجرته صحيفة "الغارديان" و"الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين"، عمد إلى فحص سجلات تحويلات العملات المشفرة لاستقصاء العلاقة بين شركة "كوبر تكنولوجيز"، التي تعد من أبرز شركات العملات المشفرة، وجوناتان زيمينكوف، وهو مواطن روسي إسرائيلي المولد تلاحقه اتهامات أمريكية بالتعاون مع النظام الروسي.
معاقبة شبكة روسية لتجارة الأسلحة
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على زيمينكوف، في فبراير/شباط 2023، لأنه متهم بمعاونة الجيش الروسي في غزو أوكرانيا، والانخراط في "شبكة زيمينكوف"، وهي شبكة روسية لتجارة الأسلحة وتسهيل تهرب روسيا من العقوبات الدولية، ويرأسها والده إيجور زيمينكوف.
تظهر السجلات أن شركة "كوبر تكنولوجيز" نقلَت عملات رقمية بملايين الدولارات (1700 عملة إثريوم)، في مايو/أيار 2021، إلى محفظةٍ كُشف آنذاك أنها تابعة لجوناتان زيمينكوف، لكن الولايات المتحدة لم تفرض عقوبات على زيمينكوف إلا بعد شهور من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وبعد 19 شهراً من هذا التحويل.
جدير بالذكر أن الشركة عيَّنت وزير الخزانة البريطاني السابق فيليب هاموند مستشاراً لها، في أكتوبر/تشرين الأول 2021. وقد كان مقر الشركة في لندن حين عُقدت الصفقة، لكنها انتقلت بعد ذلك إلى سويسرا.
لم يكن زيمينكوف مُلاحقاً بعقوبات حين تمت الصفقة في عام 2021، إلا أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية يذهب إلى أن الشبكة كانت نشطة على مدار عدة سنوات، قبل أن تُفرض عقوبات على 22 فرداً وكياناً مرتبطاً بها في عدة دول.
كما قال مكتب مراقبة الأصول الأمريكي إن شبكة زيمينكوف شاركت في إجراء صفقات متعددة لشراء معدات من أجل الأمن السيبراني الروسي، وطائرات هليكوبتر من الخارج، علاوة على السعي لتوريد أسلحة إلى دولة أفريقية لم يُذكر اسمها.
"العالم السري" للعملات المشفرة
لا يوجد ما يشير إلى أن شركة "كوبر تكنولوجيز" قد انتهكت أيَّة عقوبات أو لوائح معمول بها في وقت الصفقة.
مع ذلك، فإن هذا الكشف يسلط الضوء على العالم السري للعملات المشفرة، وإمكانية الاستعانة به في إخفاء هوية المشاركين في تعاملات رقمية مثيرة للشبهة، وقد أثار التحقيق كذلك أسئلة بشأن كيفية تنظيم الأصول الرقمية والمعاملات المرتبطة بها ضمن النظام المالي الواسع.
حيث قال متحدث باسم شركة كوبر تكنولوجيز: "تأخذ الشركة على محمل الجد تنفيذ تعهداتها والتزاماتها القانونية والتنظيمية، وقد حرصت على التزام جميع المعايير التنظيمية المعمول بها، ومنها عقوبات الحظر المعمول بها في بريطانيا".
يشير التحقيق الاستقصائي إلى أن زيمينكوف لم يكن عميلاً مباشراً لشركة "كوبر تكنولوجيز" حين نقلت الأموال إلى محفظة مرتبطة به، ما يعني أن اللوائح القانونية لا تفرض عليها التحقق من هويته. ولكن الشركة لم تقبل بالإجابة عن أسئلة محددة بشأن طبيعة علاقتها مع زيمينكوف.
كما لفت التحقيق إلى أن الشركات المالية يحق لها الإبلاغ عن أية أنشطة مالية تثير الشبهة، حتى لو لم تكتشف انتهاكاً واضحاً للقواعد القانونية. ولا يُعرف إذا كانت شركة "كوبر تكنولوجيز" أبلغت هيئات إنفاذ القانون في بريطانيا، مثل الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، عن أنشطة مشبوهة في تعاملها مع المحفظة الرقمية المرتبطة بالأنشطة الروسية أم لا.