عجَّلت الولايات المتحدة وتيرة سعيها نحو تطوير جيلٍ جديدٍ من الطائرات المسيَّرة المقاتلة التي تُقاد ببرمجيات الذكاء الاصطناعي، والغاية من ذلك هي التفوق على الصين وروسيا في هذا المضمار في أي صراع عسكري يحمله المستقبل، بحسب صحيفة The Times البريطانية الأربعاء 5 مارس/آذار 2024.
الصحيفة البريطانية أشارت إلى أنه من المقرر أن تنتقي وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قريباً قائمة قصيرة من المسيَّرات المقاتلة من بين المسيَّرات التي تعرضها 5 شركات تصنيع عسكري تتنافس في التعاقد مع الوزارة على تنفيذ هذا المشروع الذي يسعى إلى إنتاج أكثر من ألف مقاتلة مسيَّرة فائقة بحلول عام 2028.
الصحيفة البريطانية أوضحت أن القوات الجوية الأمريكية التفتت إلى هذا المسار وشرعت في تغيير استراتيجياتها القتالية بعد العبر التي استخلصتها من الاستخدام المكثف للطائرات المسيَّرة في الحرب الروسية الأوكرانية، علاوة على التكلفة الهائلة لبناء الطائرات المقاتلة المأهولة وتدريب الطيارين.
من جهته، قال فرانك كيندال، وزير سلاح الجو الأمريكي، إن تكلفة الدفعة الأولى من المسيَّرات المقاتلة المزمع إنتاجها تبلغ ما بين ربع إلى ثلث (20.5 إلى 27.5 مليون دولار) متوسط سعر المقاتلة الشبح من طراز "إف 35" التي تصل تكلفة إنتاجها إلى 82.5 مليون دولار.
مسيَّرة "غوست بات"
إحدى المسيَّرات المقاتلة التي يتوقع أن تدخل قائمة التعاقد هي المسيَّرة "إم كيو 28 إيه غوست بات" التي ابتكرتها شركة تابعة لشركة "بوينغ" في أستراليا، بالتعاون مع القوات الجوية الأسترالية.
سُمّيت المسيَّرة "غوست بات"، أو "الخفاش الشبح"، على اسم خفاش مفترس يعيش فقط في أستراليا، وهي مسيَّرة قتالية متعددة المهام مصممة للتحليق أمام الطائرات المقاتلة المأهولة، مثل "إف 35″، للبحث عن التهديدات المحتملة، وفتح النار على طائرات العدو إذا استدعى الأمر ذلك.
يبلغ طول الخفاش الشبح 11.5 متراً فقط، ويبلغ طول جناحيها 7 أمتار، ويصل مدى تحليقها إلى أكثر من 3700 كيلومتر في الطلعة الواحدة.
ومن بين المسيَّرات المشاركة في سباق التعاقد مع وزارة الدفاع الأمريكية المسيَّرة "فيوري" Fury، التي ابتكرتها شركة "أنديوريل" الأمريكية لتكنولوجيا الصناعات العسكرية، والمسيَّرة "غاميبيت" Gamibit، التي ابتكرتها شركة "جنرال أتوميكس" الأمريكية للصناعات العسكرية.
ويشارك في المنافسة كذلك شركة "لوكهيد مارتن" وشركة "نورثروب غرومان" الأمريكيتان، لكن الشركتين لم تكشفا عن تصميمات مسيَّراتهما بعدُ.
يُطلق على برنامج إنتاج المسيَّرات المقاتلة التي يقودها الذكاء الاصطناعي مشروعُ "الطائرات المقاتلة التعاونية" (CCA)، وهذا البرنامج إنما هو جزء من الخطط التي وضعتها البنتاغون لضمان الهيمنة الجوية في الحروب المحتملة خلال المستقبل مع القوى المنافسة للولايات المتحدة، مثل الصين وروسيا.
"شعور المهمة العاجلة"
كما قال وزير السلاح الجوي الأمريكي إن الولايات المتحدة تتحرك نحو تنفيذ هذا البرنامج وهي تستحضر "شعور المهمة العاجلة".
بينما قالت آن ستيفانيك، المتحدثة باسم القوات الجوية الأمريكية: "نسعى إلى تجهيز الطائرات المقاتلة التعاونية للعمل إلى جانب طائرات الجيل الحالي والقادم، لتوفير المرونة التشغيلية، وبلوغ التفوق الجوي".
المتحدثة باسم القوات الجوية الأمريكية أوضحت أن وزارة الدفاع استثمرت في المشروع 392 مليون دولار هذا العام، وتوقعت الإعلان عن زيادة في التمويل الأسبوع المقبل.
إلى ذلك، قالت القوات الجوية الأمريكية إنها عازمة على نشر عدة أنواع مختلفة من المسيَّرات القتالية في برنامج الطائرات المقاتلة التعاونية لتنفيذ مهام الضربات الجوية، والمراقبة، والتشويش الإلكتروني، وللإسهام في الأفخاخ التي تستخدم لدرءِ نيران العدو عن المقاتلات المأهولة.
تأتي الخطوة الأمريكية متأثرة بـ"التحول" الذي طرأ على الحرب الحديثة خلال السنوات القليلة الماضية بعد تزايد الاعتماد على المسيَّرات المسلحة بعيدة المدى من طرفي القتال في الحرب الروسية الأوكرانية، ومن الحوثيين في هجماتهم على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وكذلك في النزاعات التي شهدتها إثيوبيا في عام 2022 وأذربيجان في عام 2020.
ومع ذلك، فإن التركيز على المقاتلات غير المأهولة ليس بالأمر الجديد؛ إذ تعمل البنتاغون منذ سنوات على تطوير منظومات جوية من دون طيار بسبب تزايد الأخطار التي يواجهها الطيارون الذين يقودون مقاتلات نفاثة متطورة وباهظة الثمن في بيئات معادية.