كشف تحقيق لصحيفة The Wall Street Journal، الأربعاء 6 مارس/آذار 2024، أن خط الجبهة في الحرب بين أوكرانيا وروسيا يمتد الآن إلى داخل أفريقيا، مشيراً إلى وجود قوات أوكرانية في السودان، لدعم الجيش في قتاله ضد قوات الدعم السريع.
تستخرج موسكو الذهب بصورة محمومة في عديد من البلاد الأفريقية منذ سنوات، وتدرب كثيراً من المقاتلين هناك، لكنها تزيد الآن من الضغط الاقتصادي من أجل منع بلاد أصغر، مثل الإكوادور، من إرسال أسلحة إلى كييف، حتى بصورة غير مباشرة.
يمثل وجود قوات أوكرانية في السودان مغامرة جديدة محفوفة بالمخاطر، في إطار استراتيجية تستهدف عرقلة العمليات الاقتصادية والعسكرية الروسية في الخارج، مما يزيد من تكلفة الحرب بالنسبة لروسيا، وترسيخ أقدام كييف بوصفها حصناً أمام التوغل الروسي، وينطوي ذلك على المناطق التي يعزف الغرب عن التورط فيها بصورة مباشرة.
الصحيفة تكشف تفاصيل وجود قوات أوكرانية في السودان
قال ضابط أوكراني يبلغ من العمر 40 عاماً، لم يُذكر اسمه لكنه يُدعى باسم الإشارة الخاص به "برادا" وكان يقود أحد الفرق الأوكرانية في السودان: "من المستحيل تجاوز روسيا عن طريق القتال على قطعة أرض صغيرة وحسب، مثل خط الجبهة في أوكرانيا. إذا كانت لديهم مناجم ذهب في السودان، فنحتاج إلى أن نجعلها غير مربحة".
لكن هذه العمليات تأتي مصحوبة بمخاطر سياسية كبيرة في لحظة تشهد تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا. في السودان، تخوض أوكرانيا صراعاً داخلياً في بلد أجنبي، حيث قُتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتقول الولايات المتحدة إن كلا الجانبين يرتكب جرائم حرب.
في مقابلة أجرتها صحيفة The Wall Street Journal مع اللفتنانت جنرال كيريلو بودانوف، الذي يقود الاستخبارات العسكرية الأوكرانية (HUR)، رفض القائد العسكري التعليق على ما إذا كان نشر قواته في السودان، لكنه حدد الأساس المنطقي وراء إرسال قوات أوكرانية إلى الخارج.
قال بودانوف: "الحرب عملٌ خطير. نحن في حرب شاملة مع روسيا.. لديهم وحدات في مناطق مختلفة من العالم، ونحاول أحياناً مهاجمتهم هناك".
تقول الصحيفة إن هذه الروايات تعتمد على مقابلات أُجريت مع عديد من القوات الأوكرانية التي تشارك في عملية السودان، إضافة إلى جنود سودانيين، وأيضاً اعتماداً على لقطة فيديو من السودان اطلعت عليها صحيفة The Wall Street Journal.
وصلت الموجة الأولى من القوات الأوكرانية -التي يبلغ عددها نحو 100 جندي، وغالبيتهم من وحدة تيمور التابعة للاستخبارات العسكرية الأوكرانية، في منتصف أغسطس/آب الماضي. وقد كان النفوذ الروسي في البلاد جلياً فور وصولهم؛ إذ إن الجنود الذين تلقوا تدريبات في الأكاديميات العسكرية الروسية كانوا مترجمين للأوكرانيين.
قال ضابط يبلغ من العمر 30 عاماً ويعرف باسم الإشارة "كينغ"، والذي قاد المجموعة الأولى من الأوكرانيين الذين وصلوا إلى السودان، إن فريقه عثر على نوع من الصراعات يختلف للغاية عن الصراعات التي تركها وراءه في أوروبا الشرقية.
كان الجنود على كلا الجانبين يقاتلون مرتدين الصنادل، وأحياناً كانوا يفرغون خزانات الذخيرة بينما يمسكون ببنادقهم فوق رؤوسهم، وهم غير قادرين على رؤية الهدف الذي يطلقون النار عليه. لم يحصل غالبية جنود الجيش السوداني على رواتبهم منذ اندلاع القتال قبل أشهر، مما أضعف روحهم المعنوية. لم يكن المقاتلون يرتدون أية علامات تدل على أي من الجانبين ينتمون إليه، وشكلت النيران الصديقة تهديداً دائماً.
السودان ميدان قتال في الحرب بين روسيا وأوكرانيا
صار السودان ميدان قتال في الحرب بين روسيا وأوكرانيا؛ لأنه ثري بنوعين من الموارد: الذهب والأسلحة.
قال بودانوف: "حصلنا على كثير من الأسلحة من السودان في ذلك الوقت. دفعت الكثير من البلاد المال من أجل الحصول عليه. كانت لديهم مجموعة متنوعة من الأسلحة.. تستطيع العثور على كل شيء، بدءاً من الأسلحة الصينية وحتى الأسلحة الأمريكية".
في غضون ذلك، كانت روسيا تنقب في السودان عن الذهب، قادت مجموعة فاغنر عملية موسكو في البلاد، مثلما فعلت في بلاد أفريقية أخرى. وقد دربوا قوات التدخل السريع، الذين قدموا في المقابل الأمن من أجل الكيانات الروسية في المناجم.
بدأت قوات أوكرانية في السودان في تدريب الجنود السودانيين على بعض التكتيكات التي ساعدتهم في التصدي للجيش الروسي الأكبر، لا سيما استخدام الطائرات المسيرة.
قال جندي يبلغ من العمر 28 عاماً، وينتمي أيضاً إلى وحدة تيمور التابعة للاستخبارات العسكرية الأوكرانية، إنه تعاون أيضاً مع القوات السودانية في زرع الألغام في طرق الإمدادات التي تؤدي إلى الخرطوم. وأوضح أنه فخخ في إحدى العمليات شاحنة تعطلت بوسط الطريق.
وأوضح: "في الصباح التالي، عندما عبرت الشاحنة الصغيرة التابعة لقوات العدو والتي كانت تمتلئ بجنود المشاة والأسلحة، فجرناها". وقد اطلعت صحيفة The Wall Street Journal على الفيديو.
بحسب الصحيفة، عاد فريق برادا إلى أوكرانيا في وقت سابق من هذا العام. ولم تعلن أي من الفرق الأوكرانية من أية خسائر في السودان.
لا يزال يُستشعر بتأثير أوكرانيا في السودان. فخلال الأسابيع الأخيرة، استعادت قوات البرهان السيطرة على مناطق شاسعة من أم درمان، وهو أول تقدم كبير يحققونه في الصراع. وينسب الخبراء هذه المكاسب بدرجة كبيرة إلى دقة الهجمات بالطائرات المسيرة، إضافة إلى انتشار وحدات النخبة في الجيش السوداني. كذلك أرسلت كييف مؤخراً شحنة من قمح الدقيق إلى بورتسودان، حيث وصلت في الأسبوع الماضي.