قال مصدران أمنيان مصريان، السبت 2 مارس/آذار 2024، إن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة من المقرر أن تُستأنف في القاهرة، الأحد 3 مارس/آذار 2024، وأضافا أن الأطراف اتفقت على مدة الهدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وأوضحا أن إتمام الصفقة لا يزال يتطلب الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من شمال غزة وعودة سكانه.
وذكر المصدران أن مقتل أكثر من 100 فلسطيني بنيران إسرائيلية يوم الخميس، بينما كانوا يسعون للحصول على مساعدات، حسب قول السلطات في غزة، لم يبطئ سير المحادثات، لكنه دفع المفاوضين إلى الإسراع من أجل الحفاظ على التقدم المحرز في سير المفاوضات.
مصر تجدد مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
يأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه وزير الخارجية المصري سامح شكري، الجمعة، أن بلاده تبذل كافة المساعي مع "الشركاء" للتوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة قبل حلول شهر رمضان.
جاء ذلك في كلمة للوزير المصري خلال جلسة خُصصت لبحث الأوضاع في قطاع غزة، ضمن فعاليات منتدى أنطاليا الدبلوماسي، الذي تستضيفه تركيا، بحسب بيان للخارجية المصرية.
وقال شكري إن "مصر تبذل كافة المساعي مع الشركاء للتوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل حلول شهر رمضان المبارك، وذلك رغم ضيق الوقت".
وأكد أن "الوضع شديد التأزم الذي يمر به القطاع يحتّم على المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤوليته لرفع المعاناة عن المدنيين، وتفعيل عمل الآلية الأممية المتعلقة بتسهيل ومراقبة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة".
وأشار إلى أن "مصر حافظت، منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على أن يظل معبر رفح (مع غزة) مفتوحاً، إلا أن الجهود المصرية المستمرة لإيصال المساعدات لقطاع غزة قوبلت بعراقيل تحول دون نفاذ تلك المساعدات".
وتناول شكري "التحديات التي تواجهها وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، إثر تعليق بعض الدول المانحة مساهماتها المالية، بما يعرقل من عمل الوكالة ويضع مزيداً من الأعباء على كاهلها، وبما يضاعف من حجم المأساة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة".
ومنذ 26 يناير/كانون الثاني 2024، قرَّرت عدة دول من بينها الولايات المتحدة تعليق تمويلها لـ"أونروا"، بناء على مزاعم إسرائيل بمشاركة 12 من موظفي الوكالة في هجوم حماس، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على مستوطنات إسرائيلية محاذية لغزة.
وحذَّر شكري في كلمته من "عواقب أية عملية عسكرية إسرائيلية برية في مدينة رفح الفلسطينية (متاخمة للحدود المصرية)"، ومن "الخطورة المتزايدة لامتداد رقعة الصراع بالمنطقة".
وأعرب أيضاً عن "الشواغل المصرية فيما يتعلق بتدهور الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية مع زيادة وتيرة الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية"، مؤكداً أنه "أمر يُهدد بتفجُّر الأوضاع هناك".
وسبق أن سادت هدنة بين حماس وإسرائيل لأسبوع، من 24 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 1 ديسمبر/كانون الأول 2023، جرى خلالها وقف إطلاق النار وتبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية محدودة للغاية إلى غزة، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
وحالياً تجرى مفاوضات بواسطة الشركاء ذاتهم للتوصل إلى هدنة جديدة قبيل رمضان، الذي يحل في 11 مارس/آذار 2024 فلكياً.
وأسفرت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، عن عشرات آلاف الضحايا، معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما استدعى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية".
حَذَر فلسطيني من تصريحات بايدن
في سياق موازٍ، فقد سبق أن عبَّر كل من إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والوسطاء القطريون عن حذرهم حيال التقدم المحرز للتوصل إلى هدنة في غزة، بعدما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه يعتقد أنه يمكن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار خلال أقل من أسبوع، بما يوقف الحرب خلال شهر رمضان.
وتدرس حماس حالياً المقترح الذي وافقت عليه إسرائيل في مباحثات مع وسطاء في باريس قبل أيام لهدنة ستوقف القتال لمدة 40 يوماً، والتي ستكون أول توقف طويل في الحرب الدائرة منذ خمسة أشهر. ولدى الجانبين وفدان في قطر لوضع التفاصيل.
وأفاد مصدر مطلع على المباحثات بأن المقترح يشمل إطلاق حماس سراح بعض وليس كل الرهائن الذين تحتجزهم، مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في القطاع الفلسطيني.
لكن العرض لا يلبي فيما يبدو المطلب الرئيسي الذي قدَّمته حماس، بأن يشمل أي اتفاق مساراً واضحاً لنهاية دائمة للحرب، وانسحاباً إسرائيلياً من غزة، أو التوصل إلى حل بخصوص الرهائن الإسرائيليين في عمر الخدمة العسكرية.
وقال بايدن في برنامج حواري أذيع بعد منتصف الليل إن إسرائيل وافقت بالفعل على وقف القتال في غزة خلال شهر رمضان. وقال الرئيس يوم الإثنين إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بحلول الرابع من مارس/آذار.
غزة تواجه شبح المجاعة
في الأمم المتحدة بنيويورك، أبلغ مسؤولون في الإغاثة، مجلس الأمن بأن ربع سكان غزة على بعد "خطوة واحدة" من المجاعة.
وقال روبرت وود، نائب السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة "ببساطة، يجب على إسرائيل أن تفعل المزيد" لزيادة تدفق المساعدات.
وفي مقابلة مع صحيفة الغارديان، اتهم مايكل فخري، الخبير المعين من قبل الأمم المتحدة في مجال الحق في الغذاء، إسرائيلَ "بحرمان الناس عمداً من الغذاء" في غزة، واصفاً ذلك بأنه "جريمة حرب واضحة".
وقال نائب السفير الإسرائيلي بالأمم المتحدة جوناثان ميلر إن إسرائيل ملتزمة بتحسين الوضع الإنساني في غزة، مضيفاً أن القيود المفروضة على كمية ووتيرة المساعدات تعتمد على قدرة الأمم المتحدة والوكالات الأخرى.
وقال ميلر لمجلس الأمن "إن إسرائيل كانت واضحة في سياساتها، ليس هناك حد على الإطلاق، وأكرر ليس هناك حدّ لكمية المساعدات الإنسانية التي يمكن إرسالها إلى السكان المدنيين في غزة".
من جانبها قالت المتحدثة باسم الحكومة تال هاينريش، في وقت سابق، إن أي اتفاق سيتطلب أن تتخلى حماس عن "مطالب غريبة، في مدار آخر، وكوكب آخر". وأردفت قائلة: "لدينا رغبة، لكن يبقى السؤال هو ما إذا كانت حماس لديها رغبة".
وأضافت: "إذا تمكنت حماس من الرجوع إلى الواقع فسنستطيع التوصل إلى اتفاق".
لكن قطر، الوسيط الرئيسي في المباحثات والتي تستضيف حالياً وفدين من الجانبين للتوصل إلى بنود الاتفاق، قالت إنه لم يتسنّ بعد التوصل إلى انفراجة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري: "لم نصل لاتفاق نهائي بعد بشأن أي من القضايا التي تعرقل التوصل لاتفاق".
وقال مسؤولان كبيران بحركة حماس لرويترز إن تصريحات بايدن التي تلمح إلى أنه تم التوصل بالفعل إلى اتفاق من حيث المبدأ سابقة لأوانها.
كما قال أحدهما لرويترز: "حتى الآن هناك فجوات كبيرة تحتاج إلى التغلب عليها، كما أن القضايا الرئيسية الخاصة بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية غير منصوص عليها بشكل واضح، الأمر الذي يعطل التوصل لاتفاق".
وتقول إسرائيل إن هجوم حماس عليها أدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، في حين تقول السلطات الصحية في غزة إنه تأكد مقتل 30 ألفاً حتى الآن جراء العمليات الإسرائيلية.
إطلاق سراح الرهائن
في المقابل، تقول حماس منذ فترة طويلة إنها لن تطلق سراح جميع الرهائن لديها إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب إلى الأبد، بينما قالت إسرائيل إنها لن تدرس سوى هدن مؤقتة، ولن تُنهي الحرب حتى تقضي على حماس التي شنَّت هجوماً على الأراضي الإسرائيلية، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وذكر مصدر كبير مطلع على المباحثات لرويترز، أن مسودة المقترح المطروحة حالياً تشمل هدنةً مدتها 40 يوماً، ستُطلِق حماس خلالَها 40 رهينة، من بينهم نساء وأطفال دون 19 عاماً، ومن هم فوق 50 عاماً، والمرضى، مقابل الإفراج عن 400 معتقل فلسطيني، بنسبة عشرة مقابل واحد.
وستعيد إسرائيل نشر قواتها خارج المناطق المأهولة، وسيُسمح لسكان غزة باستثناء الذكور في المرحلة العمرية التي يستطيعون خلالها القتال، بالعودة إلى المناطق التي نزحوا عنها من قبل، وسيزيد حجم المساعدات إلى القطاع، بما في ذلك دخول المعدات التي توجد حاجة ماسة لها لإيواء النازحين.