سلطت شبكة "Sky News" الأمريكية في تحقيق لها الجمعة 1 مارس/ آذار 2024، ما يتعرض له الفلسطينيون من ابتزاز على معبر رفح من أجل السماح لهم بالخروج من قطاع غزة.
حيث وثق التحقيق كيف تفرض شركة مصرية رسوما على الفلسطينيين قدرها 5000 دولار للشخص الواحد للخروج من غزة.
قبل الحرب، كان الفلسطينيون يواجهون الانتظار لأسابيع أو أشهر للسماح لهم بدخول مصر. ومع ذلك، فمن خلال دفع بضع مئات من الدولارات لإحدى الشركات العديدة، يمكنهم ضمان سفرهم في غضون أيام.
ومنذ أن تم إغلاق المعبر وتعليق السفر الطبيعي عبر الحدود منذ بداية الحرب، أصبح "التنسيق" الآن هو السبيل الوحيد للفلسطينيين الذين لا يحملون جنسية مزدوجة لمغادرة غزة، باستثناء الإخلاء الطبي.
وبينما كان هناك العديد من الشركات التي تقدم "التنسيق"، الآن هناك شركة واحدة فقط، وهي شركة هلا المصرية.
كان من الممكن السفر مع هلا مقابل 350 دولارًا عن طريق وكيل سفريات في غزة يقدم خدمات هلا، ولكن منذ بدء الحرب، رفعت "هلا أسعارها" إلى 5000 دولار للشخص البالغ، أي بزيادة قدرها 14 ضعفًا.
وتأكدت "سكاي نيوز" من هذا السعر من خلال تأكيد روايات عشرات المصادر، بما في ذلك أحد موظفي هلا، بالإضافة إلى قوائم الأسعار المنشورة عبر الإنترنت.
فيما قال أحد وكلاء التنسيق السابقين لقناة سكاي نيوز إنه ترك الصناعة بسبب ارتفاع أسعار هلا. ويقول: "أرفض المشاركة في جريمة هذه الأسعار والابتزاز".
رسميًا، تسمح مصر فقط بخروج الرعايا الأجانب والجرحى الذين تم إجلاؤهم. لكن في الأسابيع الأخيرة، غالبية الذين حصلوا على إذن بمغادرة غزة فعلوا ذلك عبر دفع رسوم التنسيق.
أرباح خيالية
ففي 27 فبراير/ شباط 2024، على سبيل المثال، تم تسجيل 246 شخصًا للسفر مع هلا، مقارنة بـ 40 شخصًا تم إجلاؤهم طبيًا و123 مواطنًا أجنبيًا.
وتضمنت قائمة سفر هلا لذلك اليوم، المبينة أدناه، 48 طفلاً و198 شخصًا بالغًا، ستة منهم مواطنون مصريون. واستنادًا إلى معرفتنا بأجور شركة Hala، فهذا يعني أن الشركة كان بإمكانها تحقيق 1,083,900 دولار في يوم واحد فقط.
ويقع المكتب الرئيسي لشركة هلا في المقر الرئيسي لشركتها الأم، مجموعة أورجاني، في منطقة مدينة نصر بالقاهرة.
فيما قال مصدر زار المكتب: "المبنى بأكمله يخضع لحراسة أمنية مشددة". "إنها رائعة جدًا."
يشار إلى أن الشركة الأم "هلا"، تعود لمجموعة أورجاني، هي شركة رفيعة المستوى في مصر. وفي يناير 2023، أصبحت الراعي الرسمي للأهلي، أنجح فريق كرة قدم في أفريقيا.
وقالت مصادر متعددة إنه كان هناك في كثير من الأحيان مئات أو آلاف الأشخاص يصطفون في الخارج. وقال اثنان لقناة سكاي نيوز إنهما أُجبرا على دفع وديعة غير قابلة للاسترداد بقيمة 1000 دولار لمجرد الدخول إلى المبنى.
وفيما سألت "سكاي نيوز" وزير الخارجية المصري سامح شكري عما إذا كانت الحكومة قد تغاضت عن فرض رسوم بقيمة 5000 دولار على الفلسطينيين لمغادرة قطاع غزة.
من جانبه، قال شكري: "قطعاً لا". "سوف نتخذ كل الإجراءات التي نحتاجها لتقييدها والقضاء عليها تماما. ولا ينبغي الاستفادة من هذا الوضع لتحقيق مكاسب مالية."
وردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة ستنظر في هذه الاتهامات، قال شكري: "إنها تدرس الأمر بالفعل وستتخذ إجراءات تجاه أي شخص متورط في مثل هذه الأنشطة".
وقال عمرو مجدي، الخبير في الشؤون المصرية في هيومن رايتس ووتش، لقناة سكاي نيوز إن رد شكري "ليس له أي معنى". "لا يمكن أن يكون هناك مثل هذا النشاط الاقتصادي، خاصة عندما يكون احتكاريا، دون ضوء أخضر من الجيش ودون اتصالات فعلية مع الجيش".
ويقول مجدي: "إن الجيش والمخابرات العسكرية هم الذين يسيطرون على الحدود بشكل أساسي". "لا يمكن لأحد المرور عبر الحدود دون علم السلطات المصرية".
"خارج قدرتنا المادية"
وأسعار "هلا" الحالية لن تكون في متناول معظم سكان غزة في الأوقات العادية. لكن الرواتب لم تُدفع منذ أشهر، وفقد الكثيرون منازلهم، والتضخم متفشٍ.
تقول هند الفلسطينية، وهي أم لطفلين، عندما التقينا بها في منزلها في بانجور: "لقد صدمنا حقًا بالأسعار". "إنهم خارج قدرتنا تمامًا."
تحاول هند و زوجها أحمد، اللذين انتقلا قبل فترة وجيزة من الحرب إلى بريطانيا، لجمع مبلغ 20 ألف دولار عبر تبرعات لإخراج عائلة أحمد من غزة.
تقول الشبكة إن جميع الذين تحدثوا إليها تقريبًا فعلوا ذلك بشرط عدم الكشف عن هويتهم، خوفًا من انتقام السلطات المصرية.
حيث قال رجل كان قد رتب مؤخراً لخروج والده: "سوف يعتقلونني أنا وعائلتي إذا علموا أنني تحدثت معك". "أنا خائف منهم، أنت لا تعرف مدى وحشيتهم."