أعلن عمدة محافظة تعز، نبيل شمسان، فتح "طريق الحوبان" من الاتجاه الذي تسيطر عليه القوات الحكومية اليمنية، في مبادرة للتخفيف عن معاناة المدينة المحاصرة منذ 9 سنوات.
طالب العمدة في الوقت ذاته، الحوثيين، بفتح طريق الحوبان في تعز من الاتجاه الذي يسيطرون عليه أيضاً من الطريق الرئيسي الذي يربط المحافظة هذه بالضواحي الشمالية الشرقية، حيث منطقة الحوبان التي تسيطر عليها الجماعة.
من جانبهم، بادر الحوثيون بفتح طريق "الخمسين ـ الستين" وطريق "حيفان ـ لحج"، النافذين إلى تعز، في خطوات تعزز بدء فك حصار المدينة، في حين أكد عمدة تعز ضرورة فتح "طريق الحوبان" أيضاً، الذي يعد أشد أهمية بسبب أنه بوصف بشريان حياة هذه المدينة، التي تشهد أكثر كثافة سكانية في اليمن.
منذ سنوات، تتحكم جماعة أنصار الله بالطرق الرئيسية في هذه المحافظة، أبرزها طريق الحوبانفي تعز، الذي يعد المنفذ الرئيسي من هذه المدينة وإليها.
تسبب إغلاق المنفذ الواقع إلى الشمال الشرقي من المدينة بأضرار كبيرة لسكانها، الذين أجبروا على المغامرة بحياتهم والمرور عبر طرق بديلة ووعرة، لا تتوقف مخاطرها عند حوادث السير، بل الألغام والتوترات الأمنية، التي راح ضحيتها المئات من الأشخاص، بحسب ما أكده أهالي من تعز لـ"عربي بوست".
كما أن إغلاق طريق الحوبان في تعز، تسبب أيضاً في الفصل بين سكان المدينة وضواحيها من الشرق، وانفصال مناطق واسعة في المحافظة عن مركزها.
بدلاً من دقائق معدودة للتنقل من منطقة الحوبان إلى مدينة تعز، يضطر المواطنون والتجار إلى خوض رحلة طويلة، واتخاذ طرق بديلة ووعرة للوصول إلى مركز المدينة، تستغرق من 6 إلى 10 ساعات، يدفع فيها المدنيون تكاليف باهظة للتنقل، وجهداً إضافياً لنقل البضائع، لتتضاعف جراء أسعار المواد الغذائية.
طريق "الخمسين- الستين"، الذي أعلن الحوثيون فتحه نحو تعز، هو طريق فرعي وترابي، وليس رئيسياً، الأمر الذي أطلق بسببه ناشطون يمنيون مطالبات بالاستجابة إلى المبادرة الحكومية وفتح جانبهم من طريق الحوبان في تعز.
أهمية طريق الحوبان في تعز
تحظى منطقة الحوبان التي تتبع إدارياً مديرية التعزية في الضاحية الشرقية لمدينة تعز، الواقعة على بعد 256 كيلومتراً عن العاصمة صنعاء، بأهمية استراتيجية بالنسبة لجماعة أنصار الله الحوثيين.
إذ تتخذ الجماعة الحوثية منطقة الحوبان مقراً لإدارة عملياتها العسكرية، وما تبقى من المناطق التي تسيطر عليها في محافظة تعز.
كذلك فإن لطريق الحوبان في تعز أهمية عسكرية، باعتبار مدينة الحوبان مركزاً لتحركاتها نحو محافظة لحج جنوباً، ومدينة المخا الساحلية غربي تعز.
تتوزع من طريق الحوبان في تعز، الطرق القادمة من المدينة نحو الشمال باتجاه العاصمة صنعاء، مروراً بمحافظتي إب وذمار(وسط)، وباتجاه عدن العاصمة اليمنية المؤقتة (جنوباً)، مروراً بمحافظة لحج الساحلية على مضيق باب المندب، حيث ممر الملاحة الدولي.
كما تحظى الحوبان بأهمية اقتصادية، إذ تضم مقار أهم الأنشطة التجارية والصناعية لمجموعة هائل سعيد أنعم ـ أكبر مجموعة تجارية في البلادـ ومنشآت صناعية أخرى.
مأساة حصار تعز
من جانبها، قالت إشراق المقطري، عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، لـ"عربي بوست"، إن حصار تعز ينجم عنه أنواع عدة من انتهاكات حقوق الإنسان، التي حظر القانون الدولي الإنساني المساس بها، ومنها الحق في الحياة، وسلامة المدنيين، والوصول إلى الموارد والمساعدات، وحق التنقل.
وأضافت المقطري أنه "نتيجة لإغلاق الطرق الرئيسية من أكثر من 3 اتجاهات على المدينة، ومنها طريق الحوبان في تعز، تسبب ذلك في عدم حصول المستشفيات على حصتها من التموين الطبي والمعدات اللازمة والأدوية، فضلاً عن وفاة المرضى، خاصة مرضى الفشل الكلوي، ومرضى القلب، والأورام السرطانية".
وأشارت إلى أنه "نظراً لطول مدة حصار تعز، أجبر ذلك المواطنين على استحداث طرق جبلية فرعية وعرة غير آمنة، بسبب إغلاق طريق الحوبان في تعز، وهو ما أدى إلى وفاة المئات من المدنيين في حوادث انقلاب شاحنات النقل فيها، لا سيما في منطقة الأقروض التابعة لمديرية صبر، وسامع، وهيجة العبد في المقاطرة، في الريف الجنوبي من المحافظة، وطرق أخرى غيرها".
آثار اقتصادية
تعليقاً على المبادرة، قال الصحفي اليمني المتخصص في الشؤون الاقتصادية، وفيق صالح، في حديثه لـ"عربي بوست"، إن حصار جماعة الحوثيين لمدينة تعز وإغلاق الطرق والمنافذ الرئيسية تسبب "في تدمير البنية التحتية والخدمية والمنشآت، ونزيف الأرواح بالقصف اليومي، والقنص، والألغام، وصعوبة الحصول على الخدمات المعيشية، والسفر، وانتقال المرضى".
وأضاف أن الحصار فاقم من تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين اليمنيين في تعز، حيث ارتفعت أسعار السلع الغذائية بأرقام قياسية نتيجة لجوء التجار إلى إدخال البضائع عبر طرق بديلة وعرة وشاقة.
أشار إلى أن ذلك أدى إلى ارتفاع تكلفة النقل ورفع سعر السلع على المواطن، الذي تكبد أعباء مرهقة جراء تفتيت أوصال المدينة، وإغلاق المنافذ الرئيسية، على حد قوله.
بحسب الصحفي الاقتصادي اليمني، فإن إغلاق الطرق تسبب في "تعطيل الخدمات العامة بشكل كلي، حيث توقفت خدمة التيار العمومي للكهرباء نتيجة استهداف محطات التوليد، وضرب خطوط الشبكة الخارجية".
وأكد صالح أن حصار تعز، كان من نتائجه الكارثية أزمة مياه تفتك بالمدينة منذ سنوات، إذ وصلت الأزمة إلى فقد 75% من احتياج السكان"، مشيراً إلى أنه تم تدمير 50% من شبكة الطرق وارتفاع تكلفة السفر، وارتفاع طول المسافة 1000% لنقل البضائع، على حد قوله.
وأشار إلى ارتفاع الأسعار في تعز بنسبة 35%، مقارنةً بالمناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها، وكذلك الحوادث المرورية التي بلغت 481، نتج عنها 374 حالة وفاة، وإصابة 966 شخصاً، وخسائر تقدر بـ475 مليون دولار، بحسب أرقام من الإدارة المحلية في المحافظة.
كما تسبب الحصار، وفقاً للصحفي اليمني بـ"تضرر 180 مدرسة، وإغلاق 31 مدرسة، وتضرر 32 ألف طالب وطالبة جراء ذلك"، بينما بلغ عدد الطلاب المتضررين من عدم القدرة للوصول إلى الجامعات 8000 طالب وطالبة.
إغلاق الطرقات تسبب كذلك في "توقف الشركات والمؤسسات التجارية، وانعدام المشتقات النفطية، في حين بلغت الخسائر المالية في الإيرادات 228 مليون دولار في العام الواحد وتضرر 9000 عامل".
وأطلق ناشطون هاشتاغ "#طريق_الحوبان" على "تويتر"، الذي تصدر الترند في اليمن ليومين، مطالبين فيه فتح كامل الطريق الذي يعد شريان الحياة للمحافظة المحاصرة لتسع سنوات متتالية.
في السنوات الماضية، فشلت جولات عدة من المفاوضات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وجماعة الحوثيين، بشأن طرقات مدينة تعز، وبرعاية من الأمم المتحدة، في التوصل لأي حل لهذا الملف، الذي ينظر إليه أنه إنساني، في حين تأتي المبادرة الحكومية لتفتح الباب للبدء بفك حصار المحافظة من الحوثيين الذين لم يعلقوا بعد على هذه المطالب.