نقلت وسائل إعلام مصرية تصريحات لوزير الطيران المدني المصري محمد عباس حلمي، الإثنين 26 فبراير/شباط 2024، قال فيها إن مصر ستعلن قريباً عن مزايدات عالمية لإدارة وتشغيل المطارات المصرية، حيث سيتم طرح تلك المزايدات لإدارة وتشغيل المطارات المصرية، وإن جميع المطارات ستكون متاحة، ومنها مطار القاهرة الدولي الذي يقع شرقي العاصمة.
مزادات لإدارة وتشغيل المطارات المصرية
حسب تصريحات حلمي لـ"سي.إن.بي.سي عربية"، فإن الهدف هو توفير تجربة طيران أفضل للركاب وتحديث الخدمات وتطوير الأداء، مشيراً إلى السعي لدمج القطاع الخاص تنفيذاً لسياسات الدولة، ولم يحدد حلمي في تصريحات، موعد إجراء تلك المزايدات.
ويأتي الإعلان المصري الجديد بعدما أعلنت الحكومة المصرية، الجمعة، توقيع اتفاق استثمار بقيمة 24 مليار دولار مع الإمارات، يركز على التطوير العقاري لساحل البحر المتوسط.
وبموجب الاتفاق، ستدفع شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، وهي صندوق سيادي تابع لحكومة أبوظبي، 24 مليار دولار مقابل حقوق تطوير الأراضي في شبه جزيرة رأس الحكمة على الساحل الشمالي لمصر، بالإضافة إلى تحويل 11 مليار دولار من الودائع الموجودة بالفعل في مصر إلى مشروعات رئيسية في البلاد.
حيث سبق أن قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي إن الاتفاق المبرم مع شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، أصغر صناديق الاستثمار السيادية الثلاثة الرئيسية في أبوظبي، يهدف إلى تطوير شبه جزيرة رأس الحكمة، وقد يدر في النهاية استثمارات بنحو 150 مليار دولار.
وستعطي هذه الاستثمارات دفعة ضخمة للاقتصاد المصري المتأزم في وقت تواجه فيه البلاد ضغوطاً جديدة بسبب الحرب في غزة مع سعيها لزيادة برنامج الدعم الحالي مع صندوق النقد الدولي.
تشغيل المطارات المصرية من أجل جذب الدولار
تواجه البلاد صعوبة منذ فترة طويلة في جذب استثمارات أجنبية كبيرة خارج قطاع النفط والغاز. وفي السنة المالية المنتهية في يونيو/حزيران 2023، سجل صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة عشرة مليارات دولار.
وقال فاروق سوسة من جولدمان ساكس في مذكرة: "إذا جاء التمويل كما هو مخطط له، نعتقد أنه (إلى جانب برنامج صندوق النقد الدولي الموسع) سيوفر سيولة كافية لتغطية فجوة التمويل في مصر على مدى السنوات الأربع المقبلة".
المطارات المصرية بعد رأس الحكمة
تقع رأس الحكمة على بعد نحو 200 كيلومتر غربي الإسكندرية في منطقة منتجعات سياحية راقية وشواطئ تشتهر بالرمال البيضاء يقصدها الأثرياء المصريون خلال أشهر الصيف.
وقالت القابضة (إيه.دي.كيو) إن العمل على بناء "مدينة الجيل القادم" على مساحة 170 كيلومتراً مربعاً، أي نحو خمس مساحة مدينة أبوظبي، سيبدأ في أوائل عام 2025.
وسوف تضم المدينة مناطق استثمارية وصناعات خفيفة وتكنولوجية ومتنزهات ترفيهية ومرسى ومطاراً، بالإضافة إلى مشاريع سياحية وسكنية. وستحتفظ الحكومة المصرية بحصة قدرها 35% في المشروع.
وقال مدبولي إن الصفقة ستدر 15 مليار دولار في الأسبوع المقبل و35 مليار دولار على مدار شهرين، لكنه أوضح أن 11 مليار دولار من تلك الأموال ستحول إلى جنيهات مصرية من ودائع إماراتية بالدولار موجودة بالفعل في البنك المركزي المصري. ولم تشِر (إيه.دي.كيو) في البيان إلى إطار زمني للاستثمارات.
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية تشهد نقصاً مزمناً في العملة الأجنبية، مما أدى إلى ضغوط مستمرة على الجنيه المصري، وعلى الإنفاق الحكومي، والشركات المحلية.
وارتفع التضخم إلى مستويات قياسية في الصيف الماضي، كما أن عبء الديون آخذ في الارتفاع، فيما يتفاقم نقص العملات الأجنبية بسبب تراجع إيرادات قناة السويس في أعقاب هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر.
وتعثرت حزمة دعم مالي قيمتها ثلاثة مليارات دولار أبرمتها مصر مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر/كانون الأول 2022، بعدما أحجمت مصر عن تنفيذ تعهدها بالانتقال إلى نظام مرن لسعر الصرف وأيضاً نتيجة بطء التقدم في بيع أصول حكومية.
وقال صندوق النقد الدولي إن المحادثات مع مصر لتعزيز برنامج قرض من الصندوق تحرز تقدماً ممتازاً، وإن البلاد تحتاج إلى "حزمة دعم شاملة للغاية" للتعامل مع التحديات الاقتصادية، ومنها الضغوط التي تفرضها الحرب في غزة.
أزمات تلاحق الاقتصاد المصري
منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة، قدمت دول الخليج عشرات المليارات من الدولارات إلى مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، وأيدت إطاحته بجماعة الإخوان المسلمين عام 2013.
لكن حزم المساعدات هذه توقفت إلى حد كبير في العامين الماضيين، واختارت دول الخليج ربط الدعم بإصلاحات السوق الحرة والحصول على استثمارات مربحة في بعض من أكبر الأصول قيمة في مصر.
وقال أشخاص مقربون من الشركة إنها تؤكد أن نشاطها تجاري محض، لكن رئيسها هو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، رجل الأعمال البارز ومستشار الأمن القومي في الإمارات والذي يُنظر إليه على أنه خبير حل أزمات السياسة الخارجية عند شقيقه رئيس الدولة.
وقال فيكتور زابو، مدير الاستثمار لدى أبردن في لندن، إن الإعلان عن صفقة رأس الحكمة أظهر أن مصر "أكبر من أن تفشل". وأضاف: "هذا تطور جيد وسيساعد في النمو بالتأكيد، لكن مصر ستشهد فوائد أكبر على المدى المتوسط".
وزادت الأزمة الاقتصادية من الضغوط المفروضة على القيادة المصرية ودفعتها للتحرك وتقليص مشاريع البنية التحتية الضخمة، إحدى السمات المميزة لحكم السيسي، والحد من هيمنة الدولة والجيش على الاقتصاد.
ومع ذلك، يواصل السيسي التأكيد على أن المشروعات الضخمة هذه تجلب استثمارات وتوفر فرص للعمل.
وفي مسح اقتصادي عن مصر نشر قبل أيام، قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إنه ينبغي تنفيذ إصلاحات هيكلية، منها تمديد القيود المفروضة على المشروعات الجديدة، وتطوير نظام تحصيل الضرائب وتقليص الحواجز أمام القطاع الخاص.
في حين قفزت السندات السيادية المصرية الدولارية بنحو خمسة سنتات، الإثنين، لتقترب من المكاسب التي حققتها يوم الجمعة، مع وصول العديد من أدوات الدين المقومة بالدولار إلى أقوى مستوياتها في عامين تقريباً.
جدير بالذكر أن تصنيف مصر الائتماني قد انخفض مرات عدة في الأشهر القليلة المنصرمة. وعدلت وكالة (موديز) نظرتها المستقبلية من "مستقرة" إلى "سلبية" في يناير/كانون الثاني، وعزت قرارها إلى المخاطر المتزايدة المتمثلة في استمرار ضعف الوضع الائتماني للبلاد في ظل صعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلي وسعر الصرف.