أدان رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، تصاعد موجة "الخوف من الصين" في أمريكا وأوروبا، رافضاً الانتقادات الغربية الموجّهة لـ"كولالمبور" بسبب علاقتها التجارية والسياسية مع بكين.
ففي مقابلة مع صحيفة Financial Times البريطانية، الأحد 25 فبراير/شباط 2024، تساءل أنور إبراهيم عن السبب الذي من الممكن أن يدفع ماليزيا "لإثارة شجار" مع الصين، وهي أكبر شريك تجاري لها، رداً على الانتقادات الأمريكية لعلاقات بلاده مع بكين.
حيث قال أنور إبراهيم، معبراً عن رأيه بوضوح: "أنا لا أتفق مع هذا التحيز القوي ضد الصين، وهذا الخوف من الصين".
أبرزت تعليقات الزعيم الماليزي كيف تسبب التنافس بين القوى العظمى في مأزق للحكومات في جنوب شرق آسيا، وهي منطقة يبلغ عدد سكانها 700 مليون نسمة وتقع على عتبة الصين، وهي ذات أهمية استراتيجية أيضاً للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وقال أنور إن ماليزيا، المحايدة رسمياً، تسعى إلى الحفاظ على "علاقات جيدة ومستقرة مع الولايات المتحدة، بينما تنظر إلى الصين كحليف مهم".
وأضاف أنور إبراهيم أن "أي ادعاء بأنه يميل نحو بكين، كما قالت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، ليس صحيحاً وغير عادل إلى حد كبير".
كما قال أنور إنه أخبر هاريس: "نحن دولة صغيرة تكافح من أجل البقاء في عالم معقد"، وأضاف: "أريد التركيز على ما هو الأفضل بالنسبة لنا".
وتولى أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا السادس خلال 5 سنوات، منصبه في نوفمبر 2022 بعد رحلة طويلة إلى القيادة السياسية. وساعد في توجيه البلاد خلال الأزمة المالية الآسيوية كنائب لرئيس الوزراء.
تطوير صناعة "شبه الموصلات"
بحسب فايننشيال تايمز، فقد ساهم أنور إبراهيم في إنعاش الاقتصاد بعد سنوات من سوء الإدارة وعدم الاستقرار، ونما الناتج المحلي الإجمالي في ماليزيا بنسبة 3.7% في عام 2023.
وأعطى أنور إبراهيم الأولوية لتعزيز قطاعات التصنيع والطاقة والصناعة في ماليزيا، كما قام بتغيير كبير في خطة شبكة الجيل الخامس في ماليزيا، مما مهَّد الطريق لمشاركة أكبر من قبل شركة هواوي، عملاق الاتصالات الصيني.
فيما التزم الرئيس الصيني شي جين بينغ بما يقدر بنحو 170.1 مليار رينجيت ماليزي (35.6 مليار دولار) لماليزيا بعد أن سافر أنور إلى بكين ومنتدى بواو في هاينان في 2023.
واستفادت صناعة أشباه الموصلات في ماليزيا من قيام الشركات بتغيير سلاسل التوريد للحماية من المخاطر الجيوسياسية، وهي استراتيجية تُعرف باسم "الصين زائد واحد".
حيث شكلت ماليزيا فريق عمل يركز على الارتقاء بسلسلة قيمة أشباه الموصلات، فيما تركز جزء كبير من هذا النشاط على بينانغ، وهي مستعمرة بريطانية سابقة تعتبر مركزاً حاسماً لعمليات الرقائق الخلفية مثل التعبئة والتغليف والتجميع والاختبار.
حيث سجلت الولاية الماليزية المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 مقارنة بالفترة 2013-2018 مجتمعة، وفقاً لـ InvestPenang، وهو كيان غير ربحي تابع لحكومة الولاية.
فيما قالت شركة ميكرون تكنولوجي الأمريكية لصناعة الرقائق في تشرين الأول/أكتوبر 2023، إنها ستستثمر مليار دولار لتوسيع عملياتها في بينانغ، في حين تقوم شركة إنتل ببناء أول منشأة خارجية لها لتغليف الرقائق ثلاثية الأبعاد المتقدمة في الولاية.
على الطرف الآخر، تعمل مجموعات الرقائق الصينية على زيادة وجودها في بينانغ، حيث يسمح عملها في ماليزيا، بتجنب الرسوم الجمركية الأمريكية والحفاظ على العلاقات مع الموردين الغربيين، وفقاً للمحللين.
وتتعاون وحدة xFusion السابقة لشركة Huawei مع المشغل الماليزي NationGate لتصنيع خوادم وحدة معالجة الرسومات في بينانغ، بينما قامت شركة TongFu Microelectronics الصينية لتغليف الرقائق واختبارها بتوسيع منشآتها في الولاية بالشراكة مع مجموعة AMD الأمريكية.
من جانبه، قال أنور إبراهيم إنه لا يتوقع صراعاً من تقارب الشركات الأمريكية والصينية في بينانغ، على الرغم من أنه أضاف أن حكومته تقدم المشورة للشركات المحلية للتأكد من فهمها للسياسات واللوائح الأمريكية ذات الصلة.
وعملت واشنطن لسنوات على تقييد تطوير الصين لتكنولوجيا أشباه الموصلات، بما في ذلك حظر التصدير على مكونات ومعدات صناعة الرقائق المتقدمة.