تسود انقسامات بين دول مجموعة العشرين بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وأوكرانيا، لدرجة أن الدول المجتمعة قد تضطر إلى تقليص مجال المناقشات في القمة وتجنُّب القضايا الجيوسياسية تماماً في بياناتها هذا العام، وفق ما نقلته وكالة Bloomberg الأمريكية عن مصادر مطلعة.
أحد هذه المصادر، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قال للوكالة الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024، إن تجنب جميع المواضيع السياسية الحساسة في بيانات دول مجموعة العشرين ريما يقلل من أهمية اجتماعها، لكنه قد يمنح المجموعة الفرصة للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضايا أخرى.
هيمنة غزة على اجتماع دول مجموعة العشرين
من المقرر أن يجتمع وزراء خارجية دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو ابتداء من الأربعاء 21 فبراير/شباط، حيث من المتوقع أن تناقش المجموعة الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة والتي تسببت في استشهاد عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.
حسب وكالة "بلومبرغ"، فإن ما يزيد من تعقيد الاجتماع القادم حقيقة أن الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا شبّه مؤخراً حرب إسرائيل على حماس بإبادة أدولف هتلر لليهود خلال المحرقة.
إذ يمثل الرئيس لولا اتجاه الدول النامية بعد تولّي البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين. وسحبت عدة دول في أمريكا اللاتينية سفراءها من إسرائيل، بينما رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
تمثل مجموعة السبع الولايات المتحدة وحلفاءها الرئيسيين، في حين تجمع مجموعة العشرين دولاً من مختلف الأطياف، مثل الصين، وبالتالي تصبح بؤرة للخلافات العالمية، على أن إسرائيل ليست عضواً في مجموعة العشرين.
في الفترة التي تسبق اجتماع وزراء الخارجية واجتماع وزراء المالية الأسبوع المقبل، قال المسؤولون الذين يمثلون الدول النامية، مثل جنوب أفريقيا والبرازيل، إنهم يريدون الإشارة إلى موقفهم بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في أي بيان مشترك لمجموعة العشرين، بحسب المصادر المطلعة.
كما قالت المصادر إن هذه الصياغة رفضتها العديد من دول مجموعة العشرين الأخرى، مثل الولايات المتحدة وألمانيا. وتدرس البرازيل تنفيذ استراتيجيات حتى لا تطغى مناقشة الحروب على بقية جدول الأعمال.
من ضمن هذه الاستراتيجيات المحتملة إصدار بيان واحد في نهاية رئاسة البرازيل في نوفمبر/تشرين الثاني، وليس بعد كل اجتماع وزاري، وفقاً لما ذكرته المصادر المطلعة.
صعوبة حصول إجماع بين الدول
بينما قال بعض الأعضاء الذين يمثلون الدول النامية إن على مجموعة العشرين ألا تتطرق لأي إشارات إلى الصراعات الجيوسياسية، بما يشمل حرب روسيا مع أوكرانيا، لأن التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا يعتبر مستحيلاً. ونتيجة ذلك قد يكون أي بيان مستقبلي لمجموعة العشرين سيكون أقصر وأقل تطرقاً للشؤون السياسية.
بينما قال ماوريسيو كارفالو ليريو، سكرتير الشؤون الاقتصادية والمالية بوزارة الخارجية البرازيلية، للصحفيين يوم الثلاثاء 20 فبراير/شباط، إن الوزراء المشاركين في اجتماعات ريو سيصدرون تقريراً وليس بياناً. وأضاف: "إصدار بيان لا يمكن أن يكون غاية في حد ذاته. هاجس الإدلاء ببيانات أحياناً يمنع التقدم في المناقشات".
هذا يعني أيضاً أن اجتماع دول مجموعة العشرين سيعيد التركيز على هدفه الأوّلي بتعزيز التعاون الاقتصادي وتعزيز المرونة المالية لمنع تكرار الأزمة المالية العالمية، وفقاً للمصادر.
مع ذلك، أكد كارفالو ليريو أن الجغرافيا السياسية والأزمات ستظل موضوع المناقشة الرئيسي في اجتماعات ريو المغلقة. وأضاف أن الوزراء سيركزون أيضاً على إصلاح المؤسسات العالمية، مثل صندوق النقد الدولي، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.