كشف تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024، عن تفاصيل جديدة بخصوص غاز الأعصاب الذي تُتَّهم روسيا باستخدامه لتسميم المعارض الروسي ومحاولة اغتيال أليكسي نافالني، ويتعلق الأمر بغاز "نوفوتشوك" القاتل.
وفق موقع Bellingcat الاستقصائي، فقد تتبّعت عناصر متخصصة في استخدام السموم وغازات الأعصاب زعيم المعارضة في 30 رحلة على الأقل في أرجاء روسيا وخارجها، من أجل اغتيال أليكسي نافالني.
محاولة اغتيال أليكسي نافالني
اعتقد كونستانتين كودريافتسيف، وهو عضو بفرقة تابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي يُشتَبه بأنَّها سمَّمت أليكسي نافالني، لنحو 49 دقيقة أنَّه يتحدث إلى مسؤول في مجلس الأمن القومي الروسي.
كان المتصل عبر الهاتف يطلب إجابات حول المحاولة الفاشلة لقتل أبرز منتقدي الرئيس بوتين في أغسطس/آب 2020.
بعد مرور أربعة أشهر في ديسمبر/كانون الأول 2020، تساءل صوت المتصل على الهاتف: "أين وضعت النوفيتشوك الذي كان من المفترض أن يسمم نافالني؟".
فردَّ كودريافتسيف، الذي تشير تقارير إلى أنَّه متخصص في الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وتخرَّج في الأكاديمية الروسية للدفاع الكيميائي: "في السروال الداخلي".
لكنَّ "المسؤول الروسي" لم يكن إلا نافالني، الذي نجا من محاولة اغتياله، وكان يُسجِّل المكالمة لفضح مَن حاول اغتياله.
كيف يعمل هذا السم؟
جددت حوادث التسميم المخاوف من أنَّ القتلة الروس المتجولين على استعداد لقتل منتقدي بوتين باستخدام غاز أعصاب يُترجَم بالروسية إلى "الوافد الجديد". كان نوفيتشوك مجموعة من عناصر الأعصاب المتطورة التي جرى تطويرها في الاتحاد السوفييتي في السبعينات والثمانينات.
يمنع السم إرسال الإشارات من الأعصاب إلى العضلات، ما يتسبب في انهيار وظائف الجسم. وإذا ما كانت الجرعة كبيرة بما يكفي، فسرعان ما يعقب انقباض حدقة العين حدوث تشنجات وتقطُّع في التنفس وقيء، ثُمَّ الوفاة بسبب الاختناق أو السكتة القلبية.
يمكن أن يكون العنصر سائلاً أو صلباً، وهو مصمَّم ليتم نقله باعتباره "سلاحاً ثنائياً"، بمعنى إبقاء مادتين أقل سُمّية منفصلتين ومزجهما معاً عند الحاجة. وعادةً ما يحدث التعرُّض للعنصر عن طريق البلع أو الاستنشاق أو امتصاصه عن طريق الجلد.
في النهاية، يبدو أنَّ التغيير غير المُصرَّح به لمسار رحلة نافالني والحصول على الرعاية الصحية الألمانية قد أنقذاه. فقال كودريافتسيف: "أظن أنَّ الطائرة لعبت الدور الحاسم، لم نتوقع حدوث كل ذلك".
وأضاف أنَّ المشكلة لم تكن متعلقة بالجرعة "فعلى حد علمي، أضفنا أكثر قليلاً من المطلوب".
غاز الأعصاب
في النهاية، لم يكن الأمر كما لو أنَّ أجهزة الاستخبارات الروسية فشلت في التخطيط بصورة ملائمة لعملية القتل، إذ كان فريقاً يتتبّع نافالني لثلاث سنوات على الأقل، منذ أعلن اعتزامه الترشح ضد بوتين في الانتخابات.
وكانوا يعرفون إمكانات غاز الأعصاب الذي يعود إلى الحقبة السوفييتية، والذي كان قد استُخدِمَ قبل عامين في هجوم سالزبوري على الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال.
وكان قد عُثِرَ على سكريبال وابنته يوليا فاقدين للوعي؛ بعد تناول الغداء بمطعم Zizzi وأمضيا أسابيع في المستشفى في حالة حرجة. وجرى إيداع نيك بايلي، وهو ضابط شرطة دخل منزلهما، وحدة العناية المركزة.
في غضون ذلك في بلدة أميسبوري القريبة، أعطى تشارلي رولي زجاجة عطر وجدها لصديقته دون ستورغيس (44 عاماً)، وقد رشّت ستورغيس منها على معصمها رشة قاتلة.
وكانت هنالك قبل ذلك أدلة أخرى على احتمالية استخدام التسميم. ففي عام 2006، اغتال عميلان روسيان ألكسندر ليتفينينكو في لندن، وقد لوثا الشاي الذي كان يتناوله بالبولونيوم المشع.
لكنَّ عملية تسميم نافالني باءت بالفشل حين شعر بتوعك في وقتٍ مبكر بعد صعوده على متن طائرة متجهة من مدينة تومسك في سيبيريا إلى موسكو.