نقل محققون تابعون للأمم المتحدة شهادات مروعة من طالبي لجوء محتجزين في جزيرة بريطانية معزولة في المحيط الهندي، وقالوا إنهم يشعرون بعدم الأمان والنسيان، كما كشفوا في تصريحاتهم عن تسجيل حالات "اعتداء جنسي وتحرش بالأطفال ومحاولات انتحار" بين طالبي اللجوء.
شبكة "بي بي سي" البريطانية قالت في تقرير لها، السبت 17 فبراير/شباط 2024، إن مفتشين من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وجدوا أن ظروف عدد من اللاجئين في جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي ترقى إلى مستوى الاحتجاز التعسفي.
بينما أشارت الشبكة إلى أن معظم الأشخاص الـ61 الموجودين حالياً في مخيم المهاجرين سرلانكيون، وصل أولهم إلى دييغو غارسيا، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، بعد أن واجه قاربهم مشكلة أثناء محاولة للإبحار إلى كندا، وفقاً لشهاداتهم وتصريحات مسؤولين.
قاعدة عسكرية في جزيرة بريطانية معزولة
إلى جانب مخيم المهاجرين، تؤوي الجزيرة قاعدة عسكرية بريطانية أمريكية استراتيجية مشتركة، حسبما نقلت "بي بي سي" التي أشارت إلى أن جميع ادعاءات الاعتداء والتحرش الجنسي، كان الجناة المزعومون فيها من طالبي اللجوء الآخرين.
فيما لا يُسمح للزوار المدنيين بدخول الجزيرة التي لا تضم رسمياً أي سكان مقيمين منذ أوائل السبعينيات، عندما قامت المملكة المتحدة بنقل جميع الأشخاص الذين يعيشون هناك حتى تتمكن من تطوير القاعدة العسكرية، بينما أكدت وزارة الخارجية البريطانية أن الجزيرة غير مناسبة لاستقبال المهاجرين، مشيرة إلى عملها من أجل تحسين ظروف عيشهم.
كانت طلبات اللجوء التي تقدم بها هؤلاء المهاجرون، الأولى من نوعها التي تطلب على مستوى إقليم المحيط الهندي البريطاني، وهي منطقة "متميزة دستورياً ومنفصلة عن المملكة المتحدة"، حيث تقول حكومة المملكة المتحدة، إن اتفاقية اللاجئين لا تنطبق عليها.
كما تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن الزيارة التي قام بها مفتشوها في أواخر نوفمبر كانت المرة الأولى التي يتمكن فيها "طرف خارجي" من الوصول إلى الجزيرة لمراقبة الأوضاع هناك، منذ وصول طالبي اللجوء.
خلال الزيارة استمع ممثلو المفوضية إلى عدة مزاعم بشأن حالات اعتداء وتحرش جنسي، كان من بين ضحاياها أطفال. ويقول التقرير الأممي إنه في جميع الحالات كان الجناة المزعومون من طالبي اللجوء الآخرين.
يضيف التقرير الأممي أنه من المحتمل أن يكون هناك "نقص في الإبلاغ" عن العنف الجنسي "بسبب الوصم، ووجهة نظر بين طالبي اللجوء بأنه لن تكون هناك استجابة فعالة".
كما يشير التقرير إلى أن القرار الذي تم اتخاذه، في يوليو/تموز الماضي، بتخصيص خيام عائلية وخيام فردية كان "خطوة إيجابية"، ولكن "من غير المرجح أن تكون كافية كآلية وقائية"، مضيفاً أن هناك "أدلة قليلة على اتخاذ تدابير وقائية أخرى".
فيما كشف طالبو اللجوء في الجزيرة، التي تبعد مئات الأميال عن أي مجموعة سكانية أخرى، عن تعرضهم لعضات من الفئران في مخيم مسوّر، ويقولون إنهم لا يُسمح لهم بمغادرة المخيم إلا تحت حراسة أمنية، حتى لو كان ذلك من أجل المشي على الشاطئ.
أوضاع مأساوية لطالبي اللجوء
أدى ذلك إلى "مشاعر يأس وحوادث لإيذاء النفس وأيضاً محاولات للانتحار"، حسبما جاء في مسودة تقرير الأمم المتحدة، وهي واحدة من أولى الرؤى التفصيلية حول ظروف اللاجئين في الجزيرة.
بينما قالت مجموعة طالبي اللجوء، التي تضم 16 طفلاً، إنهم شعروا بالملل والاكتئاب واليأس. وقال البعض إنهم شعروا بـ"النسيان"، فيما قالت إحدى النساء: "الكثير منا يفكر في إنهاء حياته".
شبكة "بي بي سي" البريطانية أشارت إلى أنها أجرت العام الماضي، اتصالات مع العديد من طالبي اللجوء في الجزيرة، الذين وصفوا الظروف هناك بأنها "جهنمية".
فيما تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن اللاجئين الـ61 الموجودين في جزيرة بريطانية معزولة "يتعرضون لحرمان من الحرية"، حيث يقيمون "في مكان مغلق دون إمكانية المغادرة حسب الرغبة، وهو ما يرقى إلى مستوى الاحتجاز بموجب القانون الدولي"، كما توضح في تقريرها.
بينما قالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في تقريرها إن الظروف في الجزيرة "لا توفر الشروط الضرورية من أجل ضمان خصوصية وسلامة وكرامة طالبي الهجرة".
تقول مسودة التقرير إن طالبي اللجوء يُحتجزون في منطقة مسيجة تبلغ مساحتها حوالي 100 متر في 140 متراً، ويُمنعون من المغادرة إلا بمرافقة أمنية، مشيرة أن معظم الأطفال لم يغادروا المخيم قط، باستثناء زيارات نادرة للشاطئ تحت حراسة أمنية.