اضطرت أوكرانيا، السبت 17 فبراير/شباط 2024، إلى الانسحاب من مدينة أفدييفكا مركز "القتال العنيف" في شرق البلاد، التي باتت مدمَّرة إلى حد كبير، في خضم نقص متزايد في الموارد، في حين عززت روسيا قواتها بمزيد من العناصر والذخيرة للسيطرة على أفدييفكا، قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لبدء غزو أوكرانيا، في 24 فبراير/شباط، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
قائد الجيش الأوكراني الجديد، أولكسندر سيرسكي، قال في منشور على موقع فيسبوك إن القوات انسحبت من بلدة أفدييفكا في شرق البلاد، الأمر الذي يمهد الطريق لأكبر تقدم روسي منذ مايو/أيار 2023، عندما استولت موسكو على مدينة باخموت.
أوكرانيا تنسحب من أفدييفكا
أعلن قائد المنطقة، الجنرال الأوكراني أولكسندر تارنافسكي، عبر تليغرام، أنه "وفقاً للأمر الذي تلقيناه انسحبنا من أفدييفكا إلى مواقع معدة مسبقاً"، وأضاف تارنافسكي "في الحالة التي يتقدم فيها العدو عبر السير فوق جثث جنوده ولديه قذائف أكثر بعشر مرات (…) فإن هذا هو القرار الصحيح الوحيد". وأكد أن القوات الأوكرانية تجنبت بالتالي تطويقاً قرب هذه المدينة الصناعية المدمرة إلى حد كبير.
ويعد هذا أول قرار رئيسي يتخذه القائد الأعلى الجديد للجيوش الأوكرانية أولكسندر سيرسكي، بعد تعيينه في هذا المنصب في 8 فبراير/شباط. وبرر ذلك بالرغبة في "الحفاظ" على حياة جنوده.
وكتب سيرسكي على فيسبوك "قررت سحب وحداتنا من المدينة والتحول إلى الدفاع، على خطوط أكثر ملاءمة". وأضاف "أدى جنودنا واجبهم العسكري بكرامة، وفعلوا كل ما هو ممكن لتدمير أفضل الوحدات العسكرية الروسية، وألحقوا خسائر كبيرة بالعدو".
وقبل إعلان الانسحاب من المدينة رسمياً، أقر تارنافسكي بأن "العديد من الجنود" الأوكرانيين قد "أسِروا" بأيدي القوات الروسية، التي لديها "فائض من حيث القوة البشرية والمدفعية والطيران".
وأفدييفكا التي كان عدد سكانها يبلغ نحو 34 ألف نسمة قبل الغزو الروسي، في فبراير/شباط 2022، لها قيمة رمزية مهمة. وباتت المدينة مدمرة إلى حد كبير، لكن لا يزال هناك نحو 900 مدني فيها، وفق السلطات المحلية، وتأمل موسكو بأن تؤدي السيطرة عليها إلى جعل القصف الأوكراني لدونيتسك أكثر صعوبة.
فيما قالت كييف إن الجيش الروسي يكثف هجماته رغم خسائره البشرية الثقيلة، منذ أكتوبر/تشرين الأول، وهو وضع يذكر بمعركة مدينة باخموت التي سيطرت عليها موسكو، في مايو/أيار 2023، بعد عشرة أشهر من القتال الذي كلفها عشرات آلاف القتلى والجرحى.
زيلينسكي يتعهد بإنقاذ أفدييفكا
وتعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس ببذل "كل ما هو ممكن" لإنقاذ قواته على الجبهة الشرقية، ولا سيما في، مركز القتال، بعدما وصف كل من الجيش الأوكراني والإدارة الأمريكية الوضع بأنه "حرج".
وبعد فشل الهجوم المضاد الكبير الذي شنته أوكرانيا في الصيف، صار الروس المبادرين بالهجوم على الجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبات في تجديد قواته ويفتقر إلى الذخائر.
ولأفدييفكا قيمة رمزية مهمة، فقد سقطت فترة وجيزة في العام 2014 في أيدي الانفصاليين المدعومين من موسكو، قبل أن تعود إلى سيطرة كييف، فضلاً عن قربها من مدينة دونيتسك، معقل أنصار روسيا منذ عشر سنوات.
قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لبدء الغزو الروسي، تواجه أوكرانيا تحديات عدة: هجمات القوات الروسية، وتعثر المساعدات العسكرية الأمريكية، ونقص المقاتلين والأسلحة والذخائر.
في المقابل، تعتد روسيا بنشر 600 ألف عسكري على الجبهة، وباقتصادها المكرس بالكامل للمجهود الحربي، الذي فشلت العقوبات الغربية في إخراجه عن مساره.
يأتي الانسحاب من أفدييفكا في وقت يجري زيلينسكي جولة أوروبية. وقال من برلين إنه على اتصال دائم بالقيادة العسكرية التي ذكر أن مهمتها الرئيسة تتمثل في الحفاظ على حياة الجنود و"تقليل الخسائر".
ووقّع زيلينسكي اتفاقات أمنية ثنائية، الجمعة، في برلين، ثم في باريس، للحصول على مساعدات طويلة الأجل من ألمانيا وفرنسا لبلاده، مع تعهدات بتقديم دعم عسكري بحوالى 10 مليارات دولار خلال العام 2024.
وسط هذه التطورات، أكدت السلطات الروسية أنها أحبطت هجمات عدة بطائرات بلا طيار أوكرانية ليل الجمعة السبت.