كشف انسحاب قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي من أحياء مدينة غزة، خلال الأسبوع الماضي، عن قيام جنود بخطّ شعارات عدائية على أنقاض المباني التي دمرها جيش الاحتلال في المدينة، وفق ما جاء في تقرير لوكالة الأناضول الإثنين 12 فبراير/شباط 2024.
الوكالة نقلت عن شهود عيان قولهم إنه عقب انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من أحياء غرب مدينة غزة، خلال الأسبوع الماضي، اكتشف الفلسطينيون عندما عادوا لتفقد بيوتهم رسومات وعبارات "عدائية" خطها جنود إسرائيليين على جدران وأبواب منازلهم.
كما ذكر الشهود أن جنود الاحتلال خطوا على جدران المنازل من الداخل والخارج رسوماً عبرية مثل نجمة داوود وكلمات مثل "مقبرة غزة" و"ذكرى للدمار" و"سألاحق أعدائي وأمسكهم"، و"لن أعود"، و"أنا أذكر كل شيء".
نهاية الأسبوع الماضي، انسحبت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي من أحياء الرمال والنصر وتل الهوا والصبرة ومخيم الشاطئ غرب مدينة غزة بعد نحو 10 أيام من العودة للتوغل فيها برياً، مخلفة عشرات الشهداء والجرحى ودماراً كبيراً.
عشرات الجثث في أحياء مدينة غزة
حيث انتشل فلسطينيون وطواقم طبية خلال اليومين الماضيين عشرات من جثث القتلى الملقاة في الشوارع والمنازل السكنية في أحياء مدينة غزة التي كان يتوغل فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
فيما كشف الانسحاب الجزئي عن دمار واسع في منازل أحياء مدينة غزة والبنى التحتية، وإحراق للمنازل التي تمت تسويتها بالأرض، بحسب الشهود.
بينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين في أنحاء متفرقة في قطاع غزة، رغم المحاكمة التي تواجهها تل أبيب بمحكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدأ جيش الاحتلال بالانسحاب التدريجي من مناطق بمحافظة شمال القطاع، لتتبعها في بداية يناير/كانون الثاني الماضي، انسحابات جزئية من أحياء ومناطق بمحافظة غزة.
بين الفينة والأخرى، تشهد بعض المناطق في محافظتي غزة والشمال تقدماً جزئياً للآليات الإسرائيلية ضمن مناورة ينفذ خلالها الجيش عمليات عسكرية ومن ثم يعاود للانسحاب بعد أيام.
فيما تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في مناطق مختلفة من قطاع غزة ضمن هجومها البري، ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية.
الحرب دمرت المواقع الأثرية في مدينة غزة
كما تسبب القصف الإسرائيلي المستمر على مدينة غزة، منذ أكثر من 100 يوم، في تدمير المواقع الثقافية والتاريخية، حيث لم تتبقَّ سوى الذكريات حولها، ومن المتوقع أن يستغرق إعادة تأهيل المواقع الدينية والتراث الثقافي وقتاً كبيراً بعد أن يهدأ الصراع.
صحيفة The Guardian البريطانية قالت، في تقرير، الأحد 4 فبراير/شباط، إن أطلال المسجد العمري الكبير في غزة شاهدة على التدمير واسع النطاق الذي طال المواقع التاريخية في القطاع.
ويعبر المسجد الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع الميلادي، والذي كان يوماً النقطة المحورية في تاريخ غزة وثقافتها، عن الضرر الشامل الذي لحق بالمواقع التراثية في أحياء مدينة غزة.
هذا، وأكدت اليونسكو أن أضراراً لحقت بما لا يقل عن 22 موقعاً في غزة، تشمل مساجد وكنائس ومنازل أثرية وجامعات وسجلات والموقع الأثري لميناء الأنثيدون (البلاخية).
إلى ذلك، أفادت وزارة الثقافة الفلسطينية أن القصف الإسرائيلي دمر 207 مواقع ذات أهمية ثقافية أو تاريخية، منها 144 في المدينة القديمة و25 موقعاً دينياً.
ويشمل ذلك تدمير مقبرة رومانية قديمة ومقبرة الإنجليز، التي دُفن بها أكثر من 3000 جندي من بريطانيا ودول الكومنولث خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
في السياق لفتت اليونسكو إلى أن مواقع أخرى مهددة، مثل مجمع سانت هيلاريون، أحد أقدم الأديرة المسيحية في المنطقة. وتؤكد الوكالة على أهمية حماية التراث الثقافي، بما يتماشى مع القانون الدولي، الذي يعتبر المواقع الثقافية بنية تحتية مدنية.
من جهته، قال وسام نصار، وهو مصور غطى عدة حروب في غزة وتراثها الثقافي أيضاً، إن الأضرار التي لحقت بالمسجد العمري ومحيطه أثرت عليه شخصياً؛ لأنه كان يمضي وقته هناك.
وأضاف: "يحظى هذا المسجد بمكانة خاصة لدى كل فلسطيني في غزة، لأنه كان نقطة تجمع خلال شهر رمضان، ومكاناً للعبادة وتلاوة القرآن. وبالنسبة لي كمصوّر فله أهمية خاصة عندي، لأنني سجلت العديد من اللحظات والذكريات داخل هذا المسجد".
وقال أيضاً: "مع الأسف، إسرائيل دمرت كل شيء جميل في غزة. ولم تهدف إلى تدمير البشر فحسب، بل الحجارة والبنية التحتية والمباني التاريخية أيضاً، تريد أن تقضي على الحياة البشرية والتراث الثقافي".