تعتزم إسرائيل إنشاء حي جديد لليهود في شرقي القدس المحتلة، وقد عززت أنشطة الاستيطان هناك بشكل غير مسبوق، بعد الحرب التي شنتها على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية، الأحد 11 فبراير/شباط 2024.
يُعرف الحي الجديد في القدس الشرقية باسم "نوبي راحيل"، ويستند المشروع في إطار تعزيز أنشطة الاستيطان إلى مبادرة مشتركة بين وزارة العدل الإسرائيلية وشركة عقارية يسيطر عليها نشطاء من اليمين المتطرف، وهذا الحي واحد من 4 أحياء لليهود روجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإنشائها في الجزء الشرقي من المدينة خلال السنوات الأخيرة.
يشير المخطط الأولي للحي إلى أنه من المفترض أن يقع بجوار أحد الأحياء الفلسطينية، ويضم 650 وحدة سكنية ستُبنى على بعد أمتار قليلة من منازل السكان الفلسطينيين في قرية "أم طوبا" جنوب شرقي القدس.
تعاون في أنشطة الاستيطان مع شركات اليمين المتطرف
كما هو الحال مع المشروعات الأخرة في أنشطة الاستيطان، فإن هذا المشروع يعتمد على مبادرة مشتركة من الحارس القضائي العام في وزارة العدل الإسرائيلية، وشركة عقارية يسيطر عليها نشطاء من اليمين المتطرف.
روج مكتب الحارس القضائي لإنشاء 3 أحياء أخرى بالقدس الشرقية خلال السنوات الأخيرة، وهي المستوطنة الجديدة المخطط لإنشائها داخل قرية "أم ليسون" في بلدة جبل المكبر الفلسطينية بالقدس؛ ومستوطنة "جفعات شاكيد"، المحاذية لقرية بيت صفافا جنوب شرقي القدس؛ ومستوطنة "كدمات صهيون" التي يفترض إنشاؤها بين حي رأس العامود بقرية سلوان الفلسطينية، والجدار الفاصل. وهناك حي آخر تروج له سلطات التخطيط، ويقع جزء منه وراء الخط الأخضر، وهو حي "أميت حاييم حتينا"، وهو مجاور أيضاً لقرية أم طوبا.
قالت منظمات معنية بمراقبة البناء في المستوطنات، إن هذه الأحياء تضم نحو 3 آلاف وحدة سكنية جديدة لليهود في القدس الشرقية، وتعمل سلطات التخطيط الإسرائيلية على الترويج لها على نحو غير مسبوق، وقد حصلت جميعها على موافقات سريعة في مكتب التخطيط، خاصة منذ اندلاع الحرب.
أصبحت وزارة العدل الإسرائيلية في السنوات الأخيرة مساهماً رئيساً في ترويج خطط بناء المستوطنات اليهودية خارج الخط الأخضر في القدس، وهناك جهتان مركزيتان تتوليان إدارة هذا الملف في الوزارة.
إحداهما هي الحارس القضائي (الوصي) العام، والأخرى هي مكتب تسوية وضع الأراضي. وتتذرع هذه الإجراءات بترتيبات قضائية وإدارية أصدرتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 1970، وأجازت فيها لليهود الذين يزعمون أنهم كانوا يمتلكون عقارات وأراضي في القدس الشرقية قبل عام 1948، أن يطالبوا باستعادتها. ومع ذلك، لا تُجيز هذه اللوائح للفلسطينيين الذين كانوا يمتلكون عقارات في القدس الغربية قبل 1948 أن يطالبوا بالأمر نفسه.
تتعاون سلطات الاحتلال مع شركات عقارية في بعض هذه المشروعات، ويسيطر على هذه الشركات نشطاء من اليمين الإسرائيلي المؤيد لبناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، وأبرزها شركة "توبوديا"، التي يضم مجلس إدارتها يهودا راجونز، وهو رجل عقارات معروف في القدس الشرقية وكان يعمل متحدثاً باسم جمعية "إلعاد" المناصرة لاستيطان اليهود في بلدة سلوان الفلسطينية [المتاخمة لأسوار القدس والمسجد الأقصى من الناحية الجنوبية].
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كشفت في عام 2018، أن المدير الأول لدائرة الوصاية على الممتلكات والأراضي في القدس الشرقية، هو حنانئيل جورفينكل، وهو ناشط يميني متطرف أسس جمعية مناصرة لتعزيز الاستيطان اليهودي في القدس، وتسمى "يهود القدس".
سلطات الاحتلال تعزز من أنشطة الاستيطان بشكل غير مسبوق
يبدو أن مكاتب وزارة العدل الإسرائيلية، ومعها إدارة التخطيط، تعمل تحت غطاء الحرب في غزة، على تعزيز أنشطة الاستيطان اليهودي في شرق القدس بسرعة غير مسبوقة. فقد وافقت لجنة التخطيط المحلية في 9 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد يومين فقط من اندلاع الحرب، على إنشاء مستوطنة "كدمات صهيون".
كما صدرت الموافقة خلال الشهر الماضي، على خطة إنشاء مستوطنة "جفعات شاكيد"، بعد 5 أسابيع فقط من تقديم اعتراضات عليها من جهات مختلفة، أبرزها سكان قرية بيت صفافا الفلسطينية.
وفي غضون ذلك، قالت جمعية "عير عميم" الإسرائيلية وجمعيات محلية، إن السلطات الإسرائيلية ما انفكت تُثقل معيشة السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية بالأعباء. ويواجه الفلسطينيون صعوبات لا حصر لها في استصدار تراخيص البناء، فضلاً عن أن السلطات الإسرائيلية لبلدية القدس أخذت تزيد من معدل هدم المنازل في شرق المدينة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.