تحدَّث جنود احتياط إسرائيليون عن الكيفية التي استخدموا بها قوةً نيرانية مهولة خلال حربهم على قطاع غزة، ما أسفر عن تحويل كثير من مناطق غزة إلى أنقاض، حسبما نقلت صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 9 فبراير/شباط 2024.
ولم يكن مصرحاً للجنود بالحديث إلى وسائل الإعلام، لهذا أجرت صحيفة Guardian البريطانية المقابلات معهم شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.
حيث تحدث جنود الاحتياط المسرَّحين عن قتال مكثف ومباشر داخل معاقل حماس، مثل حي الشجاعية ومخيم جباليا.
ووصف جنود الاحتياط قتالهم لعدوٍ لا يرونه إلا لـ"بضعة أجزاء من الثانية" فقط.
حيث قال ضابط الصف: "لا يُظهِرون أنفسهم. أنت ترى الأهداف لأجزاء من الثانية. الأمر غريب بعض الشيء. فأنت تمشي وسط هذه المدينة المدمرة والفارغة. ولديك كل هذه القوة المدمرة -من مروحيات هجومية ودبابات ومدفعية يمكنك طلبها- ولهذا تشعر بالقوة المطلقة. لكنك تشعر في الوقت ذاته بأنك عرضة للخطر".
وتحدّث الجنود كذلك عن تحدي القتال في أرضٍ مجهولة يعرفها عناصر حماس جيداً، ما منحهم فرصاً سهلة لشن هجمات مفاجئة برغم التفوق العسكري التقليدي لإسرائيل وقوتها الجوية.
ولم يشاهد بعض الجنود أي مدنيين فلسطينيين على الإطلاق حسب قولهم، وأمضوا أسابيع في غزة دون مصادفة أحد باستثناء مجموعات صغيرة من مسلحي حماس، فيما قال آخرون إنهم خاضوا معارك مباشرة بصفةٍ شبه يومية.
وقال أحد الضباط والذي كان في غزة لمدة شهرين مع وحدة مشاة: "حجم الدمار مهول. وما أثار ذهولي حقاً هو أنه ليس هناك مكان يمكن أن يعود إليه أحد. ولا توجد ثلاثة جدران متصلة حتى! يبدو الوضع كأنه مشهد لهجوم زومبي أو شيء من هذا القبيل. هذه ليست منطقة حرب. إنها منطقة منكوبة تبدو كأنها من فيلم هوليوودي".
البحث عن الأنفاق
وأمضى العديد من الجنود الذين شاركوا في المقابلات، عدة أيام؛ في محاولة للعثور على شبكة الأنفاق، التي وصفوها بأنها أكثر اتساعاً مما كان المخططون العسكريون الإسرائيليون يظنونه في البداية.
وأوضح أحدهم: "كان من المفترض أن أرسم خرائط (الأنفاق)، لكنني اكتفيت في النهاية بالتركيز على الأنفاق الرئيسية، وحددت مكانها، ثم قصفنا كل شيء ظننا أنه قد يكون نفقاً آخر في محيط كيلومترين".
وقال آخر إن الأنفاق كانت "موجودةً في كل مكان".
ثم أردف: "لقد جربنا كل الحلول للعثور عليها. وضعنا الكاميرات على أسلاك، ودخلنا بأنفسنا. وكنا نرمي قنابل الدخان في الأسفل خلال إحدى المراحل ونبحث عن الأماكن التي يخرج منها الدخان".
وتشير المقابلات إلى أن ارتفاع أعداد القتلى المدنيين يرجع إلى استخدام إسرائيل قوة نيرانية مهولة؛ من أجل تقليل خسائرها.
وقال جندي من قوات دوفديفان الخاصة (المستعربين)، إن وحدته لم تقابل مسلحي حماس إلا في ثلاث مناسبات فقط طوال ستة أسابيع قضتها في منطقة شمال غزة.
وبسؤاله عن التكتيكات التي استخدمتها الوحدة في مثل تلك المناسبات، ضحك الجندي وقال: "ليست هناك تكتيكات. نتعرض لإطلاق النار ونحدد موقع الهدف. ثم نقضي ساعةً في إطلاق كل مخزوننا من الأسلحة الشخصية، والدبابات، وأي شيء يمكننا الحصول عليه. وبعدها نتقدم لنعثر على القتلى".
فيما قال جندي آخر في القوات الخاصة إنهم كانوا يتقدمون بـ"الشكل المناسب" خلال المراحل الأولى من الحرب.
إذ أوضح: "كان لدينا كل ما نحتاجه وبالترتيب الصحيح. يبدأ الأمر بالقصف الجوي والمدفعي، ثم تدخل الدبابات، وبعدها فقط يتقدم جنود المشاة. ولا يتبقى الكثير في المكان بحلول وقت وصولنا إليه".
بينما وصف جندي ثالث كيف أدت إصابة خفيفة نسبياً لأحد زملائه الجنود إلى إثارة "ردٍّ هائل"، حيث قال: "لقد دمرنا كامل المنطقة التي ظننا أن مُطلِق النيران كان فيها ببساطة".
وتقدّر تل أبيب وجود نحو 136 أسيراً إسرائيلياً في غزة، فيما تحتجز في سجونها ما لا يقل عن 8800 فلسطيني، بحسب مصادر رسمية من الطرفين، لكن لا تأكيد بشأن العدد النهائي لدى الطرفين.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة بدعم أمريكي على غزة خلفت حتى الثلاثاء، "27 ألفاً و585 شهيداً و66 ألفاً و978 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.