انتقد ناشطون ومنظمات حقوقية مصرية، إقدام السلطات على هدم منازل منطقة الجميل بمحافظة بورسعيد، وتهجير أهلها قسرياً وتشريد مئات المواطنين دون مأوى، تحت دعاوى التطوير، وذلك بعد تداول مقطع فيديو لأهالي المنطقة يوجهون فيها استغاثات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذ شبهت أحدهم ما يحدث بما يجري في قطاع غزة.
وبدأت الحكومة المصرية عمليات الإخلاء القسري هذا الأسبوع، متجاهلة تماماً الحلول التي قدمها الأهالي لتطوير منطقتهم، وعلى الرغم من إصدار السيسي توجيهات لوزارة الإسكان، ممثلة عن الهيئة العامة للتخطيط العمراني، بالتشاور مع الأهالي، وعرض عليهم الحلول البديلة، إلا أن يظل هذا التوجيه هو أحد التوجيهات الإعلامية والسياسية للرئيس والتي يتم تنفيذ عكسها في اليوم التالي، متلاعبين بحقوق الشعب المصري في حياة آمنة، حسب ما أفاد بيان الأربعاء 7 فبراير/شباط 2024، للمفوضية المصرية للحقوق والحريات.
وبحسب بيان المفوضية، فقد أكدت أن ما يحدث الآن مع سكان ضاحية الجميل ما هو إلا استمرار لنهج الدولة المجحف في التعامل مع المناطق غير المخططة ومناطق إعادة التخطيط، وإعادة تجسيد لما حدث سابقاً مع سكان جزيرة الوراق واقتحام منازلهم بالقوة، ووفاة أحد الأهالي الرافضين للإخلاء، وتلفيق القضايا للعديد منهم للتنازل عن أرضهم.
وعبرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، عن تضامنها الكامل مع سكان ضاحية الجميل، وأكدت على حقهم في منطقتهم بعد عرضهم لشراء الأراضي وتجاهل الحكومة تلك الطلبات، وتجاهلها عرض بدائل مناسبة.
ويقطن سكان ضاحية الجميل على بعد 5 كلم من محافظة بورسعيد، وهي منطقة سياحية تتميز بموقع جغرافي على البحر الأبيض المتوسط، ويحتفظ أهالي المنطقة بعقود حق انتفاع طويلة الأمد تجدد سنوياً.
في السياق أوصت المفوضية المصرية بالوقف الفوري لأعمال الإخلاءات القسرية لسكان ضاحية الجميل، وعدم انفراد الحكومة المصرية بصناعة القرار دون إشراك الأهالي في حق تقرير مصيرهم، وتوصي باحترام مبادئ حقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تلتزم مصر بها، ولم نرَ من الحكومة إلا الانتهاك المستمر لهذه المعاهدات والقبض على كل معارض يطالب بهذا الالتزام.
كما أوصت المفوضية، صناع قرار السياسات العامة، بإعادة النظر في السياسات السكنية الحالية، حيث يجب على الحكومة الالتفات إلى حقوق المواطنين وتوفير بدائل ملائمة قبل اتخاذ أي إجراء يؤثر على استقرارهم وحياتهم المعيشية، وتفهم أعمق للتحديات التي يواجهها المواطنون في مجال الإسكان.
استغاثات الأهالي
وفي مقطع متداول على وسائل التواصل وجهت إحدى قاطنات منطقة الجميل إلى الرئيس المصري قائلة: "تعالى شوف الأمن في بورسعيد بيعمل إيه فينا، طلعنا من بيوتنا ويهدها، حرام عليكوا اتقوا ربنا، إنتوا غلبتم غزة، غزة اللي بيضربها اليهود، وأنتم مصريين بتطلعونا من بيوتنا، ولا أيام الهجرة يا ناس، يا رب نزل عليهم قنبلة".
غضب ناشطين
تنفيذ عمليات الهدم وتهجير الأهالي، تسبب في موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، إذ قال أحد المواطنين، ويدعى منتصر، عبر حسابه بموقع إكس: "شقا الناس وذكرياتهم وحياتهم ومدارسهم وأشغالهم كلها بتدمّر في لحظة، البلد دي مش بلدنا، والله تلاتة ما بلدنا، دي لعنة ولازم نهرب منها".
فيما نشر حساب الصحفي عمر الفطايري عبر موقع "إكس" فيديو أظهر لحظة الاعتداء على أهالي منطقة الجميل، وقالت مصورة الفيديو: "في مواطن مات خلال محاولات هدم المنازل".
وفي تغريدة أخرى كشف الفطايري عبر حسابه على منصة "إكس" أن المواطن عاطف الشبراوي كان يعمل حارساً لأحد العقارات في منطقة الجميل ببورسعيد، ورفض مغادرة المنزل الذي أقدمت قوات الشرطة على هدمه، ما تسبب في وفاته.
محافظة بورسعيد تنفي
من جانبها أكدت محافظة بورسعيد في بيان نشرته على موقع فيس بوك أنها أرسلت أكثر من إنذار للمواطنين بضرورة إخلاء منازلهم كونها مخالفة، مشيرة إلى صدور قرار المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية رقم 23 بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول 2020، بالموافقة على إعلان منطقة الجميل بمحافظة بورسعيد كمنطقة "إعادة تخطيط".
المحافظة أضافت أنه "أثناء تنفيذ أعمال الإزالة بواسطة الجهة المنفذة توفي المواطن عاطف عبد الفتاح شبراوي محمد بدران، البالغ من العمر 39 عاماً، حيث كان موجوداً بالمنطقة دون أن يكون له أي عمل أو دور تنفيذي، ويقطن بدائرة قسم الزهور".
وشرعت الحكومة في عمليات هدم وإزالة لآلاف المباني والمنازل لإجراء توسعات أو إقامة مشاريع استثمارية، مع صرف تعويضات زهيدة للمواطنين والمتضررين منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في مصر، وفق ما أفادت به منظمة هيومن رايتس ووتش.
وهدم الجيش المصري أكثر من 12 ألفاً و300 مبنى سكني وتجاري ما بين عامي 2013 و2020، في سيناء، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش التي استندت إلى وثائق رسمية وشهادات جمعتها بالتعاون مع مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.