تستعد حكومة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، لتمرير القانون المدني الموحد في الهند، الذي يجعل قوانين قضايا الزواج والطلاق والميراث موحدة بين جميع سكانها، ما أثار انتقادات، واعتبره معارضون أنه موجه من أجل استهداف المسلمين في الهند.
حيث قالت صحيفة "The Times" البريطانية، الثلاثاء 6 فبراير/شباط 2024، إن المسلمين في ولاية أوتاراخاند، التي يسيطر عليها حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يتزعمه مودي، يعتقدون أن مشروع قانون مدني جديد في الهند "يستهدفهم بالأساس".
كما أوضحت الصحيفة أن مشروع القانون المدني الموحد في الهند، الذي أعدته حكومة مودي، يجبر السكان من جميع الأديان على الاشتراك في نفس القوانين المتعلقة بالزواج والطلاق والميراث، ما يعني حظر تعدد الزوجات، ومساواة النساء والرجال في الميراث، وهي أمور لا تطبَّق بالشريعة الإسلامية.
انتقاد القانون المدني الموحد في الهند
حيث قال منتقدو القانون المدني الموحد في الهند إن مثل هذه القوانين، والتي إذا جرى فرضها بجميع الولايات، تسعى في المقام الأول إلى استهداف المسلمين في الهند، البالغ عددهم نحو 200 مليون نسمة.
تجدر الإشارة إلى أنه منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1947، سمحت الهند لجميع الطوائف الدينية باتباع قوانينها الخاصة بشأن قضايا مثل الطلاق والزواج وحقوق الملكية والميراث وحضانة الأطفال.
بينما سيحظر القانون المدني الموحد في الهند، بعد إقراره، ممارسة تسمى "المحلل"، والتي بموجبها كان على المرأة المسلمة التي طلقها زوجها 3 مرات، أن ترتبط برجل آخر، وتقيم معه علاقات جنسية، ثم تنفصل عنه إذا رغبت في العودة إلى زوجها الأول مرة أخرى.
كما أن القانون المدني الموحد في الهند سيغير من حقوق الحضانة، التي تسمح في الوقت الحاضر للمرأة المسلمة بحضانة الطفل بعد طلاقها حتى يبلغ السابعة من عمره.
وفقاً لخبراء، فإن الهند منقسمة بشكل كبير بشأن موضوع القانون المدني الموحد، إذ يرحب العديد من الهنود بفكرة توفير حقوق متساوية للمرأة، التي قد لا يكون منصوص عليها في بعض الديانات، حسب ما جاء في تقرير لصحيفة "التايمز".
مع ذلك، عارضت المنظمات الإسلامية مثل هذا القانون المدني الموحد في الهند في الماضي، قائلة إنه ينتهك فعلياً حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية، وهو ما يصونه الدستور الهندي.
من المتوقع أن يلجأ المعترضون إلى المحكمة العليا بشأن هذه القضية، وسيدعمهم منتقدو الحكومة الذين يتهمونها بـ"استقطاب الهنود باستمرار حول قضايا خلافية".
بينما دافع رامداس أثوالي، وهو وزير في الحكومة الفيدرالية، عن المشروع، قائلاً: "القانون المدني الموحد لا يعني أنه مناهض للمسلمين. إنه لتعزيز وحدة البلاد.. ويجب عرضه على البرلمان أيضاً".
حيث بدأت حكومة ولاية أوتاراخاند جلسة خاصة مدتها 4 أيام لمجلس الولاية، لمناقشة مشروع القانون، وإذا تم إقرار المسودة، فستكون الولاية الأولى في الهند التي تسن ذلك القانون.
اضطهاد المسلمين في الهند
إذ يواجه المسلمون في الهند اضطهاداً غير مسبوق منذ تولي ناريندرا مودي المسؤولية قبل 7 أعوام، لكن الأمور وصلت إلى حد دعوة رهبان هندوس علناً إلى قتل المسلمين عام 2021.
حيث تعرض المسلمين في ولاية آسام، شمال شرقي الهند، لإجراءات قمعية، وصلت إلى حد القتل والتهجير، من جانب الحكومة الهندوسية التابعة لحزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي، وهي إجراءات متسقة مع سياسة اضطهاد المسلمين في أكبر ديمقراطيات العالم، والتي يطبقها مودي منذ مجيئه إلى سدة الحكم.
نشرت صحيفة New York Times الأمريكية تقريراً بعنوان "صمتٌ من قادة الهند إزاء دعوات متطرِّفين هندوس لقتل المسلمين"، رصد قيام المئات من النشطاء والرهبان الهندوس اليمينيين في مؤتمرٍ عُقِدَ الأسبوع الأخير من عام 2021، ليقسموا على أن يحوِّلوا الهند، الجمهورية العلمانية دستورياً، إلى أمةٍ هندوسية، حتى لو تطلَّب ذلك الموت والقتل.
قال بوجا شكون باندي، زعيم حزب هندو ماهاسابها، وهو حزبٌ يعتنق القومية الهندوسية المتشدِّدة، في إشارة إلى مسلمي البلاد: "إذا كان 100 مِنَّا مستعدين لقتل مليونين منهم، فسننتصر ونجعل الهند دولة هندوسية. كونوا مستعدين للقتل والذهاب إلى السجن".
يقول مراقبون سياسيون إن الحكومة تسمح بخطاب كراهية من هذا النوع بالتزام الصمت في وجه دعوات العنف، وهو صمتٌ أكَّده خضوع المعارضة السياسية.
قال نيلانجان موخوبادهياي، كاتب سيرة مودي، الذي كتب على نطاق واسع عن صعود اليمين الهندوسي، إن قادة حزب بهاراتيا جاناتا القدامى ظنوا أن بإمكانهم استخدام القومية الهندوسية لتعبئة الناخبين، ثم بعد ذلك أن يحتووا هذه الأيديولوجيا. لكن هذه الحسابات جاءت بنتائج عكسية في العام 1992، حين هَدَمَ نشطاءٌ هندوس مسجداً كبيراً.
كما أعرب العديد من القادة القدامى من حزب بهاراتيا جاناتا عن أسفهم لهذه الواقعة، لكن مودي لا يشعر بأيِّ مخاوف من هذا القبيل، على حدِّ وصف موخوبادهياي في كتابه الأخير.