اختفت أغلب الأدوية إن لم يكن كلها من الصيدليات في قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي قبل نحو 4 أشهر، ما يزيد من معاناة الفلسطينيين في مختلف مناطق القطاع المحاصر، وفق ما نقلته صحيفة The Financial Times البريطانية في تقرير لها الثلاثاء 6 فبراير/شباط 2024.
حيث وقف همام علي أمام الرفوف شبه العارية لصيدلية النجمة في مدينة رفح، وهو يسرد عدد الأمراض التي قال إنه لا توجد أدوية لها في قطاع غزة. وتشمل هذه الأمراض حالات شائعة مثل الربو والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
كما قال إنه لا توجد مضادات حيوية، ولا أدوية سائلة للأطفال الصغار ولا أدوية لعلاج الالتهابات الفيروسية والحمى الشديدة. وأوضح علي: "في غضون شهر من بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، صارت جميع الأدوية الأساسية وبدائلها المعروفة غير متوفرة داخل الصيدليات في قطاع غزة".
لا دواء في الصيدليات في قطاع غزة
روى علي كيف جاء رجل إلى صيدليته وطلب دواء الصرع لأطفاله الأربعة، لكن علي لم يكن لديه ما يعطيه له، ووقف الأب في حالة ذهول شديد لدرجة أنه "بدا وكأنه على وشك أن يفقد عقله"، كما قال الصيدلي الذي "يصيبه شعور العجز" كل يوم بينما يدخل الناس اليائسون إلى متجره بحثاً عن الدواء، لكنه لا يتمكن من توفيره.
فيما حذرت وكالات الإغاثة من أنَّ النظام الصحي في غزة قد انهار تقريباً منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على القطاع. ولا يزال 14 مستشفى فقط من أصل 36 مفتوحاً. أما أولئك الذين ما زالوا يعملون في قطاع غزة فإنهم مرهقون ولا يقدمون سوى خدمة جزئية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
كما أشارت الصحيفة إلى أن هناك ندرة في الإمدادات الطبية، من التخدير إلى الأدوية الأساسية اليومية. وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إنَّ ما يزيد قليلاً عن 100 شاحنة تحمل إمدادات إنسانية تدخل غزة يومياً في المتوسط مقارنةً بـ 500 شاحنة قبل الحرب.
بينما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة: "مثل الأنواع الأخرى من الإمدادات الإنسانية، لا تدخل الأدوية إلى غزة بكميات كافية لتلبية الاحتياجات".
أضافت اللجنة: "المستشفيات في حاجة دائمة إلى الإمدادات، مثل الأدوية المستخدمة أثناء العمليات الجراحية وأدوية الحروق. وهناك أيضاً نقص في علاجات السرطان والمضادات الحيوية. لسوء الحظ، يجد الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة صعوبة في تأمين الدواء".
كما تابعت أنَّ أطباء اللجنة الدولية العاملين في بعثات في القطاع سمعوا من زملائهم الفلسطينيين أنهم اضطروا إلى إجراء عمليات بتر دون تخدير.
فيما أدى الهجوم الإسرائيلي إلى استشهاد أكثر من 27 ألف شخص، وفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينيين. كما أجبرت الحرب أكثر من 75% من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على الفرار من منازلهم.
الأزمة تتفاقم بين النازحين
حيث امتلأت مدينة رفح، الواقعة على الحدود مع مصر، بأكثر من مليون نازح، يعيش الكثير منهم في خيام على الشوارع التي تصير موحلة عندما يهطل المطر. وقال مسؤولو الإغاثة إنَّ نقص الأدوية زاد من بؤس الحياة اليومية في ظل الظروف غير الصحية والجوع الذي يعاني منه الأشخاص.
كما حذرت منظمة الصحة العالمية في ديسمبر/كانون الأول من أنَّ "مزيجاً قاتلاً من الجوع والأمراض" سيؤدي إلى المزيد من الوفيات في غزة. وسوء التغذية يزيد من خطر وفاة الأطفال بسبب أمراض مثل الإسهال والالتهاب الرئوي والحصبة، خاصة في بيئة يفتقرون فيها إلى الخدمات الصحية المُنقِذَة للحياة".
حيث اشتكت رائدة عوض، البالغة من العمر 50 عاماً، التي نزحت مع عشرات من أقاربها من وسط غزة وتعيش الآن في خيمة، من أنَّ الأطفال في عائلتها يعانون باستمرار من السعال ومشكلات في المعدة وأمراض أخرى، لكن لا تتوفر أدوية.
أضافت أنها تعاني من مرض السكري، ولم تتمكن من الحصول على الأنسولين منذ مجيئها إلى رفح قبل شهر. وقالت رائدة: "قيل لي إنَّ بإمكاني استخدام الأقراص حتى يتوفر الأنسولين. لكنها نفدت أيضاً، ويضطر ابني للخروج كل يوم للبحث عنها، لكن دون جدوى".
إذ تشهد غزة بالفعل معدلات مرتفعة من الأمراض المعدية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وتشمل هذه الحالات الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي العلوي و"العديد من حالات التهاب السحايا والطفح الجلدي والجرب والقمل وجدري الماء". وكان هناك أيضاً تفشي لالتهاب الكبد الوبائي (أ) واليرقان بسبب الظروف غير الصحية.