عبر طيارون أمريكيون عن انزعاجهم من المهام التي يقومون بها في البحر الأحمر؛ حيث يقومون بمطاردة صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة، كما تحدثوا عن صعوبة المهمة التي تصيبهم بالإرهاق، وفق ما صرحوا به لشبكة NBC News الأمريكية الإثنين 5 فبراير/شباط 2024.
إذ يرى الطيارون على متن حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس أيزنهاور" التي تعمل بالطاقة النووية، أن الجهود المبذولة لحماية الشحن التجاري في البحر الأحمر تتطلب منهم تسخيرَ ما تلقوه من تدريبات على أحدث الوسائل التكنولوجية في أداء مهمة مستحدثة وغير متوقعة، ووصفها بعضهم بالمزعجة.
صعوبة مهمة الطيارين
قال الملازم البحري الأمريكي، ترافيس كيتنغ، الذي يقود طائرة من طراز "بوينغ إف إيه 18 سوبر هورنت"، إننا "لم نتدرب للقدوم إلى جنوب البحر الأحمر، ولا لفعلِ ما نفعله حالياً"، و"عندما جئنا إلى هنا أول مرة، كنا نجهل أشياء كثيرة".
حين سُئل كيتنغ عن الأهداف التي يراها الطيارون بحاملة الطائرات شاقة عليهم في المنطقة، أجاب: تحديد المواقع التي يخفي فيها الحوثيون مستودعات الأسلحة في اليمن وتدمير هذه المستودعات، ويزيد من صعوبة الأمر أن اليمن دولة تتسم بتضاريسها الجبلية الوعرة. ومع ذلك، قال كيتنغ: "نحن قادرون على التكيف والتعامل بمرونة مع المهام الموكلة إلينا. وربما هذا أحسن شيء فيما واجهناه هنا".
فيما أقلعت السبت 3 فبراير/شباط أكثر من 20 مقاتلة من طراز "إف إيه سوبر هورنت"، وطائرات دعم من قاعدة أيزنهاور للمشاركة في مهمة أمريكية بريطانية مشتركة لاستهداف صواريخ الحوثيين الباليستية والطائرات المسيَّرة التي استخدمتها قوات الحوثي لضرب 30 سفينة شحن في البحر الأحمر منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني.
حيث أطلقت المدمرات الأمريكية المصاحبة لحاملة الطائرات صواريخ توماهوك على أهداف تابعة للحوثيين على الشاطئ. وقال مسؤولون أمريكيون، إن الولايات المتحدة وبريطانيا قصفتا 36 هدفاً للحوثيين في 13 موقعاً في اليمن.
على الرغم من ذلك، أصدر الحوثيون بيانات متحدية يومي السبت والأحد، وتعهدوا بمواصلة هجماتهم في البحر الأحمر حتى توقف إسرائيل عدوانها العسكري على الفلسطينيين في غزة.
غياب الدعم
يمكن القول إن مهمة كيتنغ وغيره من الطياريين الأمريكيين المشاركين في هذه الغارات ليست مهمة جديدة بالكامل، فالمقاتلات العاملة بحاملات الطائرات الأمريكية في الشرق الأوسط نفذت على مدى أكثر من عقدين، غارات جوية على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وقوات صدام حسين في العراق، ومقاتلي طالبان في أفغانستان، وأهداف أخرى.
لكن الطيارين كانوا يحظون في العادة بقدرٍ من المعاونة في تحديد الأهداف من قوات أمريكية أو شركاء آخرين على الأرض، أما الآن فيفتقر كيتنغ والطيارون الآخرون إلى هذا النوع من الدعم في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.
لا يُعرف بعدُ إذا كانت الغارات الجوية المتصاعدة في اليمن ستدفع الحوثيين إلى كبح هجماتهم على سفن الشحن التجارية المتجهة إلى إسرائيل، أم لا.
فيما يقول محللون عسكريون إن الحوثيين قاتلوا تحالفاً عسكرياً تقوده السعودية على مدى سنوات، ومن ثم فهم بارعون في الصمود في وجه الغارات الجوية. ولم يتمكن السعوديون من هزيمة الحوثيين هزيمة كاملة، واضطروا إلى الموافقة على إجراء محادثات سلام معهم العام الماضي.
بينما يتولى الطيارون الأمريكيون في المنطقة بعض المهام الأخرى، منها الدفاع عن أسطول البحرية الأمريكية في البحر الأحمر من الصواريخ الحوثية المضادة للسفن والطائرات المسيَّرة، ومساعدة السفن التجارية المعرضة للتهديد، والتحليق فوق المنطقة للبرهنة على أمان الملاحة المدنية في المنطقة.
الاستعداد لمهاجمة صواريخ الحوثيين
قال الطيارون في مقابلات مع شبكة NBC News الأمريكية إن مهمة قصف صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة تستغرق من ساعة إلى 6 ساعات.
إذ يبدأ التخطيط لها قبل نحو 12 ساعة من الإقلاع، إذ يجتمع الطيارون لتحديد مهمتهم، ثم يجتمعون بفريق استخبارات لمراجعة التهديدات والأهداف المحتملة، ثم يبلغون الطاقم الجوي بالمهمة، ويتوجهون إلى طائراتهم قبل نحو ساعة من الإقلاع من على سطح حاملة الطائرات أيزنهاور.
كانت المهام الضاربة التي نفذتها البحرية في الأيام الأخيرة هي أول تجربة قتالية لبعض الضباط الصغار على متن السفينة أيزنهاور، لكن الطيارين وأطقم الطيران يقولون إنهم يعتقدون أنهم ينفذون مهمتهم بنجاح.
عندما سُئل كيتنغ عما إذا كان يخاف قبيل المشاركة في الطلعات القتالية، أجاب: "لا، لا يوجد خوف. لكن ينتابنا قلق مرتبط بالتوتر العصبي النابع من حرصك على ألا تخذل فريقك".
كما أضاف: "هناك كثير من المشاهد والأصوات التي ستبقى محفورة في ذهني إلى الأبد بالتأكيد، مثل مشهد إطلاق الصواريخ من السفن، ومشهد إطلاق الصواريخ من الطائرات، ومشهد إسقاط القنابل، والانفجارات الناجمة عن الصواريخ"، "فالواقع أننا نسمع الأصوات في الطائرة".