احتدمت الخلافات في الكونغرس الأمريكي، الثلاثاء 30 يناير/كانون الثاني 2024، بشأن "ملف" الاستخبارات الإسرائيلية الذي استندت إليه صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية في تقرير لها، وزعمت على أساسه أن هناك ارتباطات بين حماس و"وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم" (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة.
وقال موقع Middle East Eye البريطاني إن جلسة الاستماع كشفت عن انقسام حاد بين نواب الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة استئناف تمويل الأونروا أم الاستمرار في قرار إيقاف التمويل الذي أُعلن عنه قبل أيام.
في افتتاح جلسة استماع عقدتها اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي بشأن الكونغرس، قال النائب الجمهوري بريان ماست: "الأونروا متواطئة مع حماس". وأيَّد النائب الجمهوري كريس سميث هذه الانتقادات، زاعماً أن الأونروا تروج "الدعاوى الخبثية لمعاداة السامية"، على حد قوله.
الأونروا في مرمى الهجمات بالكونغرس
لطالما كانت الأونروا في مرمى هجمات النواب الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي، كما أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أعلنت تجميد تمويل الأونروا في عام 2018، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن تراجعت عن القرار.
وأعلنت إدارة بايدن الجمعة 26 يناير/كانون الثاني 2024، أنها ستوقف تمويل الوكالة التابعة للأمم المتحدة بعد أن نقل مقال منشور في صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، عن تقارير استخباراتية للاحتلال الإسرائيلي، مزاعم بأن 12 موظفاً في الأونروا شاركوا في عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر/تشرين الأول الفلسطيني على المواقع للاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات المحيطة بقطاع غزة.
وقد أعقب ذلك إعلان أستراليا وكندا وإيطاليا وفنلندا وبريطانيا وسويسرا وهولندا عن إيقاف تمويلها للأونروا كذلك، إلا أن مسؤولين فلسطينيين وموظفون في منظمات إغاثية دولية حذروا من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي في غزة.
وفي جلسة الثلاثاء، أفصح النائب الديمقراطي في الكونغرس، جيسون كرو، عن هذه المخاوف، وقال محذراً إن "التصرفات التي ارتكبها ما يقرب من 12 شخصاً [بحسب ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن تقرير للاستخبارات الإسرائيلية] لا يجوز الزعم بأنها تمثل 13,000 موظف من العاملين في الأونروا في غزة".
"إيقاف تمويل الأونروا قد يضر بالأمن القومي الأمريكي"
وأوضح كرو أن لديه "مخاوف حقيقية" من أن إيقاف التمويل من دون تقديم بديلٍ عن الأونروا من شأنه أن يضر بالأمن القومي الأمريكي؛ لأن "وقوع الناس تحت وطأة الجوع والخوف واليأس لا يجلب السلام. ولن يجلب الأمن لإسرائيل".
وُصفت استجابة بايدن لتقرير الصحيفة الأمريكية المستند إلى مزاعم استخباراتية إسرائيلية بأنها انتصار للاحتلال الذي لم يقطع حملاته على الأونروا منذ عقود.
في المقابل، شكك متابعون على وسائل التواصل الاجتماعي فيما أورده التقرير، وأشاروا إلى أن الصحفية كاري كيلر لين، التي شاركت في كتابة التقرير، صديقة مقربة لجندية سابقة في مكتب المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، تُدعى أليزا أندريس.
وانتقد جيريمي سكاهيل، المؤسس المشارك لموقع The Intercept الاستقصائي الأمريكي، تقريرَ "وول ستريت جورنال" ووصفه بأنه "بيان صحفي متنكر بغطاءٍ رقيق في صورة تقرير إخباري عن (ملف استخباراتي) إسرائيلي عن الأونروا".
وعلى الرغم من الاعتراضات المتداولة على الإنترنت، فإن منتقدي الأونروا الذين أدلوا بشهادتهم أمام نواب الكونغرس الأمريكي يوم الثلاثاء 30 يناير/كانون الثاني تشبثوا بادعاءات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال ريتشارد غولدبرغ، أحد كبار المستشارين في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، وهي مؤسسة بحثية مؤيدة للاحتلال، إن "الأونروا مسلسل رعب يُبثُّ منذ عقود ويُشارك في إنتاجه دافعو الضرائب الأمريكيون".
في المقابل، فإن مارا رودمان، خبيرة الأمن القومي في "مركز ميلر" البحثي التابع لجامعة فرجينيا، حذرت نواب الكونغرس من أن قطع المساعدات عن الأونروا سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، وستكون له عواقب غير محمودة على الأمن القومي الأمريكي، و"إن تزايد معاناة مليوني شخص تحت وطأة الجوع واليأس.. يهدد أمن إسرائيل واستقرارها".
ومع ذلك، احتج النائب الجمهوري بريان ماست على ما قالته خبيرة الأمن القومي في شهادتها، وتساءل مستنكراً عن حاجة الفلسطينيين إلى وكالة منفصلة تابعة للأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية.
وانتقد إدارة بايدن لأنها لم تقطع المساعدات عن الأونروا في وقت سابق، وادَّعى أن شهادة رودمان تنتمي إلى "ألعاب الخداع" التي تمارسها الإدارة الديمقراطية لدعم الوكالة سراً.
وقد شهدت الجلسة كذلك مقاطعات مستمرة من محتجين لبعض النواب، وقد رفعوا شعارات مطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.