دعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الإثنين، 29 يناير/كانون الثاني 2024 المجتمع الدولي إلى انتهاج أساليب جديدة للحيلولة دون فتك الجوع والمرض بمليوني إنسان في قطاع غزة المحاصر، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع. جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده فيدان مع وزير الخارجية الألباني إجلي حسني، عقب لقائهما في العاصمة تيرانا.
ولفت فيدان إلى المأساة المستمرة في قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة، وأشار إلى "استمرار مسلسل قتل الأبرياء الفلسطينيين أمام أعين العالم". وحذر فيدان من خطورة مأساة أخرى في غزة ظهرت في هذه المرحلة، إضافة إلى مقتل آلاف الأبرياء بفعل الرصاص والقنابل.
مليونا فلسطيني يواجهون الجوع
أوضح أن أكثر من مليوني فلسطينيي تحتجزهم إسرائيل رهائن في غزة، يواجهون خطر الموت جراء الجوع والأوبئة. وأكد الوزير التركي أن منع دخول المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة "ينذر بكارثة كبرى".
وذكر أن الجهود والنوايا الحسنة التي أبداها الرأي العام الدولي حتى الآن لم تنجح في إيصال المساعدات الضرورية لقطاع غزة.
وأضاف: "لهذا السبب، أدعو المجتمع الدولي لاستخدام أساليب مختلفة لاتخاذ تدابير لمنع هلاك مليوني شخص محتجزين في غزة بسبب الجوع والأمراض الوبائية". وأكد ضرورة الإسراع في اتخاذ ما يلزم من تدابير قبل فوات الأوان.
وأشار فيدان إلى أنه بالإضافة إلى من قتلوا بالقنابل والرصاص، يمكن أن يموت مئات الآلاف من الناس من الجوع، مؤكداً أن ذلك سيكون عبئاً أخلاقياً كبيراً لن يتحمّله الرأي العام العالمي. وشدد الوزير فيدان على ضرورة إتاحة تقديم المساعدات إلى غزة بصيغ أخرى غير تلك المتبعة حالياً.
قلق تركي من وقف تمويل بعض الدول للأونروا
في سياق موازٍ، أعربت وزارة الخارجية التركية، الأحد، عن قلقها إزاء قيام بعض الدول بوقف مساعداتها إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". وأوضحت الخارجية التركية، في بيان، أن "الأونروا" تلبّي الاحتياجات الحيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين، في ظل ظروف صعبة للغاية.
وأضاف البيان أن أكثر من 150 موظفاً في الأونروا، قُتلوا على يد القوات الإسرائيلية في غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأشار إلى أن وقف (بعض الدول) تقديم المساعدات للأونروا، بسبب بعض الادعاءات التي طالت عدداً قليلاً من أعضاء هذه المنظمة، من شأنه أن يضر "بالشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى".
وأعربت الخارجية التركية عن أملها في أن تقوم الدول التي أعلنت وقف مساعداتها للأونروا، بإعادة النظر في قرارها.
ومنذ الجمعة، علقت الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا تمويل الوكالة الأممية "مؤقتاً"، إثر مزاعم إسرائيلية بمشاركة 12 من موظفيها في هجوم "حماس" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وطالت الاتهامات الإسرائيلية 12 موظفاً من أصل ما يزيد على 30 ألف موظف وموظفة، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم يعملون لدى الأونروا، بالإضافة إلى عدد قليل من الموظفين الدوليين.
وهذه الاتهامات ليست الأولى من نوعها، فمنذ بداية الحرب على غزة، عمدت إسرائيل إلى اتهام موظفي الأونروا بالعمل لصالح "حماس"، في ما اعتُبر "تبريراً مسبقاً" لضرب مدارس ومرافق المؤسسة في القطاع التي تؤوي عشرات آلاف النازحين معظمهم من الأطفال والنساء، وفق مراقبين.
العدل الدولية تحاكم إسرائيل
جاءت الإعلانات الغربية عقب ساعات من إعلان محكمة العدل الدولية في لاهاي رفضها مطالب إسرائيل بإسقاط دعوى "الإبادة الجماعية" في غزة التي رفعتها ضدها جنوب أفريقيا وحكمت مؤقتاً بإلزام تل أبيب "بتدابير لوقف الإبادة وإدخال المساعدات الإنسانية".
وقالت الأونروا، الجمعة، إنها فتحت تحقيقاً في مزاعم ضلوع عدد (دون تحديد) من موظفيها في هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وتأسست "الأونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، والقطاع، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 شنت "حماس" هجوماً على نقاط عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في غلاف قطاع غزة قتلت خلاله نحو 1200 إسرائيلي، وأصابت حوالي 5431، وأسرت 239 على الأقل، بادلت عشرات منهم مع إسرائيل خلال هدنة إنسانية مؤقتة استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023.
يذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرباً مدمرة على غزة، خلفت حتى الأحد 26 ألفاً و422 شهيداً و65 ألفاً و87 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.