أثار إعلان الحوثيين تصنيف الولايات المتحدة وبريطانيا "دولتين إرهابيتين" رداً على إعلان الدولتين تصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية"، مخاوف من عواقب سلبية على جهود الإغاثة والمساعدات الإنسانية في اليمن، في الوقت الذي يحتاج أكثر من 21 مليون يمني -أي نحو ثلثي سكان اليمن- إلى المساعدة الإنسانية.
حسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، الأحد 28 يناير/كانون الثاني 2024، فإن الولايات المتحدة تعتبر هي أبرز الجهات المانحة لخطة الاستجابة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في اليمن، فقد تبرعت بأكثر من 738 مليون دولار، وتبرعت بريطانيا بأكثر من 105 ملايين دولار في عام 2023.
تصنيف متبادل
الولايات المتحدة أعلنت تصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية عالمية ذات تصنيف خاص" اعتباراً من 16 فبراير/شباط. ومع ذلك، لم يردع ذلك القرار الحوثيين، بل تعهدت الجماعة اليمنية بمواصلة الهجوم على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر والسفن المتجهة إلى "موانئ فلسطين المحتلة" حتى توقف إسرائيل حربها على غزة وتسمح للمساعدات الإنسانية والإمدادات الأساسية بدخول القطاع المحاصر.
من جانبها، أعلنت جماعة أنصار الله الحوثية تصنيف الولايات المتحدة وبريطانيا في 20 يناير/كانون الثاني "دولتين إرهابيتين".
وأرسلت وزارة الخارجية في صنعاء رسالة رسمية إلى المنسق المقيم للأمم المتحدة تطلب من جميع مواطني الولايات المتحدة وبريطانيا العاملين مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية مغادرة البلاد خلال 30 يوماً.
عواقب شديدة
في غضون ذلك، فإن بعض المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في اليمن حذَّرت من أن الأضرار الناجمة عن تصنيف الحوثيين كياناً إرهابياً أكثر من نفعها.
تقول منظمة "أوكسفام"، وهي اتحاد بريطاني يضم 21 منظمة خيرية مستقلة: "نكاد نجزم أن تصنيف الولايات المتحدة الحوثيين جماعة إرهابية عالمية سيكون له عواقب شديدة الوطأة على الشعب اليمني، فضلاً عن حالة الاضطراب التي سيُحدثها القرار والتي يتوقع أن تُزيد من تعطيل الاستجابة الإنسانية المثقلة بالفعل، وأن تضاعف أضرار الاقتصاد اليمني المتعثر".
من جهته، قال عامل إنساني يعمل لدى منظمة غير حكومية دولية في اليمن لموقع Middle East Eye البريطاني، إن اليمنيين "يعانون آثار الأزمة الإنسانية منذ نحو تسع سنوات. وكنا نأمل أن تساعدهم الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما من الدول في التغلب على تلك المعاناة، وليس مضاعفتها".
وأضاف: "لقد سمعت أن الولايات المتحدة ربما تُقر بعض الاستثناءات للمنظمات الإنسانية للعمل في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، إلا أن هذا الأمر ليس كافياً"، فنحن "نحتاج أيضاً إلى زيادة التبرعات حتى نتمكن من الوصول إلى مزيد من الأشخاص ذوي الحاجات الإنسانية".
توقف عمليات التوزيع
من جانبه، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول عن توقف عمليات التوزيع العام للأغذية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وأرجع البرنامج قراره إلى نقص التمويل وغياب الاتفاق مع السلطات على برنامج أصغر يتلاءم مع قلة الموارد المتاحة، ويُخصص للأسر الأشد احتياجاً إلى المساعدات.
في السياق نفسه، قال برنامج الأغذية العالمي إنه يهدف إلى خفض عدد المستفيدين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون من 9.5 مليون إلى 6.5 مليون، ويعني ذلك أن 3 ملايين أسرة لن يتلقوا هذه المساعدات الإنسانية بعد تنفيذ القرار.
قال محمد جبر، وهو مواطن يمني نزح من الحديدة إلى مديرية ذمار، إنه كان يتلقى السلال الغذائية من برنامج الأغذية العالمي. لكنه أكد لموقع MEE أن آخر مرة حصل فيها على هذه المساعدات كانت قبل 4 أشهر، وقد كانت "سلة الغذاء تقلل من معاناتنا، ومن المحزن أنهم أوقفوا منحها"، و"عندما سألنا عن أسباب توقفها، أخبرونا أنهم ليس لديهم التمويل الكافي".
وقال جبر، وهو في الستينيات من عمره وعاطل عن العمل حالياً، إنه يعيل 7 أفراد من أسرته، ويعتمد اعتماداً كاملاً على مساعدات المنظمات غير الحكومية والدعم الخيري المحلي. ومع ذلك، قال جبر: "أنا أؤيد أنصار الله [حركة الحوثيين] في وقفتهم أمام إسرائيل، وأرى أن المساعدات التي نتلقاها ينبغي ألا تُربط بموقفنا في مواجهة الصهاينة".
ويرى مؤيد آخر للحوثيين أن الولايات المتحدة ستمارس ضغوطاً على اليمنيين لصرفهم عن مناصرة القضية الفلسطينية، و"نتوقع اتهامات بالإرهاب وعقوبات من الولايات المتحدة، التي تعمل أداة للصهاينة".
وفي معرض حديثه عن وجود العاملين في المجال الإنساني من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في اليمن، قال مؤيد الحوثيين إن أجانب من مختلف الدول يواصلون العمل في اليمن، ولم تطلب السلطات مغادرتهم؛ لأن بلدانهم لم تشن هجمات على اليمن، فنحن "نرحب بأي دولة ترغب في مساعدة اليمن في الجهود الإنسانية، لكننا لن نقبل المساعدات التي تهدد موقفنا أو تدفعنا للتخلي عن غزة".