دفعت ضغوط الكونغرس الأمريكي وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إلى إلغاء برامج التدريب العسكري للعام الجاري، مع عدد من الجيوش في أفريقيا، من ضمنها الجيش السوداني، حسبما أفاد تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، السبت 27 يناير/كانون الثاني 2024.
تقرير الصحيفة أشار إلى أن البنتاغون قرر فجأةً صرف النظر عن كثير من خططه التدريبية مع الجيوش الأجنبية ومن بينها قائمة تضم 12 جيشاً، تشمل جيوشاً أفريقية عديدة أدانتها إدارة بايدن إما لأنها متورطة فى انقلابات أطاحت بحكومات ديمقراطية منتخبة، وإما لأنها متهمة بانتهاك حقوق الإنسان وضمن ذلك القتل خارج القانون والاغتصاب الجماعي.
ضغوط الكونغرس
ويعود هذا التحول وفقاً لـ"واشنطن بوست"، إلى ضغوط نواب الكونغرس، خاصةً الديمقراطيين الذين ناشدوا إدارة بايدن تغيير خطط البنتاغون.
وكان عضوا مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطى بن كاردين وإليزابيث وارين، قد طلبا من وزير الدفاع لويد أوستن، الحصول على ضمانات بعدم مشاركة أي قوات مرتبطة بالحكومات الانقلابية في التدريبات التي تقودها الولايات المتحدة، وأن تخضع وحدات قوات الأمن الأجنبية التي تتلقى المساعدة، لفحص في مجال حقوق الإنسان.
والبلدان الأفريقية التي أوقف البنتاغون برامج التدريب العسكري مع جيوشها هي مالي وبوركينافاسو والنيجر وإثيوبيا وإريتريا والسودان، وقال مسؤولون في البنتاغون إنه من الممكن أن تنضم إلى القائمة دول أفريقية أخرى مضطربة، خاصةً الغابون وغينيا وأفريقيا الوسطى.
ورفض مسؤول في البنتاغون تحديد متى تم التوصل إلى قرار يمنع الدول الست من المشاركة في التدريبات العسكرية الأمريكية، قائلاً: إن الدافع كان بسبب قيود قانونية وسياسية.
وكان من المقرر أن تقوم القوات الأمريكية بالتدريب الشهر المقبل، إلى جانب القوات المسلحة السودانية التى انتقدها وزير الخارجية أنتوني بلينكن؛ لارتكابها "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي في أتون الحرب الأهلية المتجددة بالبلاد".
"نفاق صارخ"
من جهتها، قالت سارة هاريسون، المسؤولة السابقة في البنتاغون والتي تعمل الآن بمجموعة الأزمات الدولية، لـ"واشنطن بوست"، إن السماح للموظفين الأمريكيين بصقل كفاءة القوات الأجنبية الملوثة يكشف عن "نفاق صارخ" يشوه سمعة إدارة بايدن.
هاريسون أضافت: "إنها ليست وصمة عار على سمعة الولايات المتحدة فحسب، بل إن بعض هذه الشراكات العسكرية تكذب أحد المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية للرئيس"، وقالت عن الإدارة: "لديهم معلومات عن الانقلابات وعن الفظائع وما زالوا يضعون هذه البلدان على جدول التدريبات!".
فيما قال مسؤول في البيت الأبيض: "إن الولايات المتحدة لن تتردد قط في الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، وستواصل القيام بذلك مع الحلفاء والشركاء والخصوم على حد سواء".
بدورها قالت سارة ياغر مديرة "هيومن رايتس ووتش" بواشنطن وهي مسؤولة سابقة في البنتاغون، إن هناك قليلاً من الأدلة على أن التدريبات العسكرية المشتركة تؤدي إلى تحسينات في المجتمعات المضطربة، مشيرة إلى أن حجة الإدارات الأمريكية كانت دائماً أنها تخفف مما يفعله منتهكو حقوق الإنسان، بينما كانت حجة مجتمع حقوق الإنسان: إنكم تجعلونهم أكثر ذكاء.
قانون "ليهي"
ويحظر قانون "ليهي" الذي أقره الكونغرس، على وزارة الخارجية والبنتاغون تقديم أي تدريب أو معدات أو أي مساعدة أخرى لوحدة من قوات الأمن الأجنبية، إذا كانت لدى الحكومة الأمريكية معلومات موثوقة تفيد بأن تلك الوحدة ارتكبت انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.
ويعرف هذا التشريع باسم قانون ليهي، الذي سمي على اسم السيناتور السابق باتريك جيه ليهي (ديمقراطي عن ولاية فيرمونت)، وقال تيم ريزر، الذي صاغ مشروع القانون: "إن الهدف الرئيسي لقانون ليهي هو ضمان عدم تلوث الحكومة الأمريكية والأفراد العسكريين الأمريكيين، أو التواطؤ مع أفراد أو وحدات من قوات الأمن الأجنبية سيئة السمعة؛ حتى لا ينظر السكان المحليون إلى الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين فى هذه البلدان على أنهم شركاء مع المجرمين".